على وقع القرارات الصادرة أخيراً من مجلس الوزراء لمواجهة تفشي «كورونا»، والتي قضت بإغلاق جميع الأنشطة التجارية، وصالات استقبال المطاعم، والاكتفاء بالطلبات الخارجية والتوصيل، اعتباراً من الثامنة من مساء اليوم, ويوميا، حتى الخامسة فجرا، فضلاً عن إيقاف عمل أنشطة الأندية الصحية، ومحلات العناية الشخصية (الصالونات ومحلات الحلاقة والمنتجعات الصحية) نفّذ مجموعة من شباب وشابات الكويت، أصحاب الصالونات، وقفة احتجاجية، في الساحة الخارجية المقابلة لجمعية المحامين، بعدما جرى فض اعتصامهم الأول أمام مجلس الامة.

وأكد المحتجون، خلال الوقفة، رفضهم القاطع لقرارات مجلس الوزراء، وأي اجراءات حكومية من شأنها مضاعفة خسائر محلاتهم ومشاريعهم التي أغلق بعضها نتيجة القرارات غير المدروسة، مبينين أن تلك القرارات أسقطتهم في بحر من الأزمات والضوائق المالية، حتى أوصلتهم إلى شفير الإفلاس، وعدم القدرة على دفع الايجارات الشهرية.

Ad

وفي تعاملها مع هذه الوقفة، اتخذت وحدات تابعة لـ«الداخلية» اجراءات أمنية تمثلت في إغلاق المنطقة الممتدة من ساحة الإرادة، مقابل مجلس الأمة، حتى مركز جابر الثقافي, وقامت بفض الاعتصام, لينتقل المحتجون إلى الساحة المقابلة لجمعية المحامين.

«درون الداخلية» فوق المعتصمين
قامت إدارة الإعلام الأمني بتسيير طائرة من نوع «درون» لتصوير المجتمعين في الاعتصام، لتوثيق تعامل أفراد الداخلية مع الاحتجاج.

قرارات عشوائية

من جانبه، أكد النائب مهند الساير, الذي شارك في الاعتصام، رفضه القاطع لأي قرارات عشوائية متسرّعة تصدر عن مجلس الوزراء والسلطات الصحية في البلاد، مشيراً إلى أنه «قبل دخولنا المجلس ونيل شرف تمثيل الأمة، فنحن من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، المسجّلين على الباب الخامس، الذين تضرروا بشدة وعصفت بهم مثل هذه القرارات غير المدروسة».

وصرح الساير بأن «الجميع لا يزالون يستشعرون الخطر الاقتصادي الراهن الذي يذكرنا بالأزمة المالية الطاحنة التي شهدتها البلاد في 2012»، مشدداً على أن الوضع الحالي لا يقل خطورة عن المرض وانتشار عدوى الفيروس المستجد.

ولفت إلى أنه «عقب مرور نحو سنة على الموجة الأولى من انتشار الفيروس في البلاد، كان يفترض بالحكومة، ممثلة في السلطات الصحية، أن تكون على قدر المسؤولية ومستعدة للموجات المتلاحقة من الفيروس».

وأضاف أنه «قبل نحو 4 أشهر ماضية صرح مسؤولو وزارة الصحة، في أكثر من مناسبة، بهبوب موجة ثانية من انتشار الفيروس، ومن هذا المنطلق كان يتوجب على الحكومة اتخاذ حزمة إجراءات اقتصادية، ووضع حلول جذرية للمشكلات التي ظهرت إبان الموجة الأولى، كما هو الحال في كثير من دول العالم التي وضعت أكثر من 5 حلول لإنقاذ اقتصادها».

«هدّه واشتغل ضدّه»

بدوره، قال رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية البرلمانية النائب أحمد الحمد، إن «وجودنا اليوم (أمس) في الوقفة الاحتجاجية، جاء تضامناً مع إخواننا المتضررين من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة»، معتبراً أن شعار المرحلة الحالية، في ظل هذه القرارات الحكومية، هو «هدّه واشتغل ضدّه» بدلا من أن يكون «هدّه خلّه يتحدى».

وبينما أكد الحمد، وقوفه، قلباً وقالباً، إلى جانب أصحاب هذه المشروعات، كشف عن اجتماع ستعقده اللجنة المالية والاقتصادية البرلمانية بالمتضربين من قرارات الإغلاق، للاستماع إلى همومهم ومشكلاتهم التي يواجهونها، لافتا إلى أن القضية مستحقة، وشباب الكويت متضرر من جراء هذه القرارات.

وأضاف «نحن لسنا ضد الإجراءات الصحية والاحترازية ونقدرها، غير أن الحكومة مطالبة باتخاذ حزمة إجراءات عاجلة لدعم هؤلاء الشباب، لاسيما أن الكثير منهم بات معرضاً لصدور أحكام قصائية بالحبس، بسبب الخسائر الفادحة التي تكبدوها».

غضب الإغلاق

من جانبه، قال رئيس اتحاد صالونات الكويت، طارق أسد، إن «حضور المواطنين في ساحة الإرادة يأتي للتعبير للسلطات الصحية عن غضب أصحاب المعاهد والصالونات بسبب إغلاق باب الرزق الوحيد لديهم»، مبيناً أن الجميع فوجئ بإغلاق وزارة الداخلية لساحة الإرادة، مما اضطر المواطنين إلى التوجه لساحة جمعية المحامين، وتوصيل رسالة مفادها الاستياء من تراكم الضرر الواقع عليهم، مطالباً بإيجاد حل عادل وتجنب الإغلاق حتى لا يمس رزق أصحاب الصالونات.

وأفاد أسد بأن المطالبات بإعطاء تصريح للاعتصام والتعبير عن المطالبات المستحقة لأصحاب المشاريع الصغيرة لم تقف طوال عام، حيث تمت مخاطبة المسؤولين في الدولة، لكن لم يكن هناك أي استجابة، مشيراً إلى أن ما دفع المواطنين للخروج باعتصام هو دافع الرزق، لافتا إلى أن الموضوع ليس بالسهل أن يطبق بهذه السرعة دون مراعاة لمصدر دخل المواطنين الذين يعملون في هذا القطاع، متابعاً انه من الممكن يُحدث خللاً في ميزانية الأسرة ويضطرهم إلى مواجهة أزمات مالية ضخمة.

بدوره، قال الرئيس السابق للجمعية الكويتية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، داوود معرفي، إن «أصحاب المشروعات يغرقون دون أي شعور أو تحرك جدي حازم من جانب مسؤولي الحكومة»، مؤكداً رفضه لمثل هذه القرارات غير المنطقية التي «تصدر في دواوين خاصة»، محملاً نواب الأمة مسؤولية تمرير مثل هذه القرارات الحكومية، مخاطبهم بالقول «أنتم أمام مسؤولية تاريخية وعيالكم يحتاجونكم اليوم للوقوف بجانبهم وحمايتهم من هذه القرارات المتخبطة».

وتابع أن «سوء الإدارة الحكومية سبب رئيس لانتشار الفيروس في البلاد»، مطالباً بالتراجع عن قرار الوقف.

الحبس في انتظارنا

من جهته، أكد ناصر المطيري (أحد أصحاب الصالونات) أن معظم أصحاب الصالونات مقبلون على الحبس، ما لم يتم التراجع عن قرار الإغلاق، مضيفاً أنه «بعد 6 أشهر من الإغلاق عاد أصحاب الصالونات للتنفس قليلا ليفاجأوا مرة أخرى بقرار غريب، إضافة إلى محاولة لصد المطالبات والمناشدات الموجهة للحكومة في ساحة الإرادة».

وذكر المطيري، أنه «يواجه إخلاء محله بعد أن قام صاحب المجمع برفع قضية ضده، وأصدر القاضي حكما بالإخلاء في أول جلسة مع الزامي بدفع إيجارات 6 أشهر ماضية».

أما علي الريس (صاحب صالون) فوصف القرار بالغريب الذي جاء عن عدم دراسة لواقع وأحوال أصحاب المشروعات الصغيرة، لاسيما الصالونات والمطاعم، مضيفا «أصبحنا ضحية لمزاجية أصحاب القرار»، معتبرا أن الحكومة ستكون أمام تعويض آخر، وإلا فإن الحبس سيشمل العديد من أصحاب المشاريع.

وذكر الريس أن وزارة الصحة بيّنت أن ارتفاع أعداد المصابين في الآونة الاخيرة نتج عن التجمعات في حفلات الأعراس والقادمين من الخارج، غير أن الصدمة الكبرى تمثلت بالتوجه نحو الصالونات والمطاعم رغم أن نسبة الالتزام داخلها كبيرة باعتراف اصحاب القرار، مضيفا «نحن أمام انتكاسة وخسارة مشاريعنا إذا لم يتم العدول عن الإغلاق».

من جهته، قال عادل العتيبي (صاحب صالون) إن «اللجوء للإغلاق لا يستند على أي دليل بأن الصالونات تسببت في زيادة الإصابات، بل هو قرار عشوائي لا يجر وراءه الا المشاكل النفسية والمالية لأصحاب الصالونات»، لافتاً إلى أنه «بعد عام كامل من الخسائر لا يمكن قبول الإغلاق دون إيجاد بدائل من المسؤولين».

وتابع العتيبي أن «أصحاب الصالونات أصبحوا على بعد خطوة من الحبس لعدم قدرتهم على سداد الديون إذا استمر القرار بهذه الصورة دون مراعاة لأوضاعهم المادية»، مطالباً بالنظر فيه وإتاحة الفرصة لتقديم الخدمات للمنازل بشكل مرخص.

فض التجمهر... والاعتصام بكتاب رسمي

في نقاش أثناء محاولة فض المتجمهرين، طالب أحد المواطنين الموجودين في الاعتصام بمنحهم ربع ساعة فقط للتعبير عن رأيهم بشكل سلمي، غير أن مدير الأمن العام في محافظة العاصمة اللواء عابدين العابدين أكد أن «التجمهر بأي ساحة مخالف للقانون، وأن على أفراد الداخلية تطبيق القرار الصادر بهذا الشأن»، مخاطباً المجتمعين أن «مكتب وزير الداخلية مفتوح أمام الجميع لمن يرغب في المطالبة بكتاب رسمي لتنفيذ اعتصام».

شدّ وجذب بين المحتجين ورجال الأمن

ما بين شد وجذب... كان حال التجهمر الذي نفذه بعض أصحاب الصالونات مقابل الساحة الخارجية لجمعية المحامين، حين طالب مساعد مدير أمن العاصمة العميد عبدالله الرجيب المحتجين بفض اعتصامهم ومغادرة الساحة فوراً تنفيذاً للقرارات الصادرة أخيراً عن وزارة الداخلية بمنع التجمعات.

ورفض المحتجون ذلك إلا بعد ايصال رسالتهم إلى الحكومة، مؤكدين أن الاعتصام السلمي حق دستوري، غير أن رجال "الداخلية" فضوا التجمهر وأبعدوا جميع وسائل الإعلام عن الموقع.

إغلاق الطريق من «الإرادة» إلى «مركز جابر»!

أغلقت دوريات وزارة الداخلية الشريط الساحلي الممتد من ساحة الإرادة، مقابل مجلس الأمة، حتى مركز جابر الثقافي، ومنعت اقتراب أي شخص من المكان المقرر للاعتصام، لاسيما وسائل الاعلام، حيث توجه المحتجون إلى الساحة المقابلة لمركز جابر، غير أن الشرطة عاودت منعهم وأغلقت المكان، مما اضطرهم إلى التوجه للساحة الخارجية المقابلة لجمعية المحامين بمنطقة بنيد القار.

محمد الجاسم وجورج عاطف