وسط استمرار الوجود العسكري في واشنطن، خوفا من تكرار أحداث 6 يناير الصادمة، أطلقت أمس رسميا إجراءات المحاكمة التاريخية الثانية للرئيس السابق دونالد ترامب، بتقديم الديمقراطيين لائحة اتهامه بالتحريض على التمرد، وتشجيع أنصاره على اقتحام الكابيتول أثناء جلسة تصديق الكونغرس على فوز خليفته جو بايدن بالانتخابات.

وبعد أقل من أسبوع على مغادرته البيت الأبيض، عاد ترامب ليتصدر الأخبار في واشنطن، ومع اتهامه بـ"التحريض على التمرد" خلال تصويت بمجلس النواب في 13 يناير، أصبح أول رئيس للولايات المتحدة يطاله إجراء العزل مرتين، وسيصبح أيضا أول رئيس يواجه محاكمة عزل بعد انتهاء ولايته.

Ad

وافتتحت هذه المحاكمة رسميا مساء أمس عبر سلسلة إجراءات، بعبور "المدعين" الديمقراطيين في مجلس النواب الأروقة الطويلة المزينة باللوحات والتماثيل التي تفصلهم عن مجلس الشيوخ لتقديم لائحة الاتهام بحق الرئيس الـ45 للولايات المتحدة.

وبعد تسليم لائحة الاتهام، يؤدي أعضاء مجلس الشيوخ، الذين سيقومون بمهام هيئة محلفين في هذه المحاكمة، اليمين اليوم، لكن المحاكمة لن تبدأ إلا في 9 فبراير، في مهلة ستتيح تثبيت العديد من أعضاء حكومة بايدن في مناصبهم، قبل أن ينشغل المجلس بهذا الإجراء، ومنهم التصويت على تعيين وزيرة الخزانة جانيت يلين، وبعدها وزير الخارجية أنتوني بلينكن خلال هذا الأسبوع.

وفي خطوة عكست التنوع في الأجناس والأعراق على النقيض من صورة القوميين البيض، الذين اقتحموا الكونغرس، اختارت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي 9 لتولي دور الادعاء بينهم ستيسي بلاسكيت وجو نيجوز من السود، وخواكين كاسترو من أصول لاتينية، وتيد ليو آسيوي، وديفيد سيسيليني الذي أعلن أنه من المثليين، كما أنه يهودي مثل رئيس الفريق جايمي راسكي.

وأثار اقتحام أنصار ترامب العنيف صدمة في أميركا، ودفعت بالعديد من الجمهوريين الى التنديد بسلوك الملياردير المتقلب، لكن إدانته في مجلس الشيوخ في هذه المرحلة تبدو غير مرجحة لأنه لا يزال يحظى بتأييد العديد من أعضاء المجلس.

ورغم سيطرة الديمقراطيين على مجلسي الشيوخ والنواب، فإن غالبيتهم ضعيفة لأنهم يشغلون 50 مقعدا في مجلس الشيوخ، ما يحتم عليهم الحصول على أصوات 17 جمهوريا من أصل 50 لإدانة ترامب، وهو عدد يصعب بلوغه رغم أن زعيمهم ميتش ماكونيل لم يستبعد التصويت لمصلحة إدانته.

وبينما أكد زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ تشاك شومر أن محاكمة ترامب ستكون عادلة وسريعة نسبيا، أشار كبار المسؤولين الجمهوريين أمس الأول إلى أنه على الديمقراطيين خوض المعركة بأنفسهم، عارضين حججا سياسية ودستورية تشكك في قدرتهم على تأمين الأصوات المطلوبة للإدانة.

ورغم اعترافه بأن ترامب "يتحمل بعض المسؤولية" عما حدث "في 6 يناير"، قال السيناتور الجمهوري البارز عضو لجنة الاستخبارات ماركو روبيو إنه يعتقد "أنها محاكمة غبية وستأتي بنتائج عكسية. لدينا حاليا نيران مشتعلة، والأمر أشبه بصب الزيت على النار"، لافتا إلى الآثار السيئة المترتبة على "إثارة هذا الأمر مرة أخرى".

وأشار جمهوريون آخرون الى أن مجلس الشيوخ لا يملك صلاحية محاكمة مواطن عادي، كما هو حال ترامب الآن. وقال السيناتور مايك راوندز إن "الدستور لا يسمح بمحاكمة رئيس سابق وهناك أشياء أخرى نفضل العمل عليها".

لكن السيناتور ميت رومني قال إن "الرأي القانوني المرجح هو أن محاكمة الرئيس بعد ترك منصبه أمر دستوري. أعتقد أن الحال على هذا النحو"، وألمح رومني، الذي كان السيناتور الجمهوري الوحيد الذي صوت لإدانة ترامب في المحاكمة الأولى لعزله، الى أنه ربما يميل لتكرار خطوته، معتبرا أن "ما يتم زعمه وما رأيناه هو تحريض على العصيان، وجريمة تستوجب المحاكمة. وإلا فما هو ذلك؟".

دفعت التهديدات والمخاوف من عودة المحتجين المسلحين لاقتحام مبنى الكابيتول من جديد، شرطة الكابيتول وغيرها من أجهزة إنفاذ القانون الفدرالية، إلى الإصرار على بقاء الآلاف من قوات الحرس الوطني في العاصمة واشنطن.

وأفادت وكالة «أسوشييتد برس» بأن مسؤولي إنفاذ القانون الفدراليين في الولايات المتحدة، يقومون بدراسة وفحص عدد من التهديدات الموجهة لأعضاء الكونغرس.

ونقلت عن مسؤول، أن هذه الإجراءات تأتي مع اقتراب المحاكمة الثانية للرئيس السابق، وأنه يتم التحقيق في الأحاديث «المشؤومة» حول قتل المشرعين، أو مهاجمتهم خارج الكابيتول.