بعد تجربة التدريس عن بعد من خلال استخدام منصات التواصل الإلكتروني ووضوح عدم كفاءة تطبيقها على المواد التطبيقية والعملية، ذهب الكثير من الزملاء العاملين في الحقل التربوي إلى المطالبة بعودة الدراسة النظامية ولو بشكل جزئي إيماناً منهم بأهمية التعليم.

لقد ذكرت في السابق أن التعليم عن بعد يعتبر بمثابة مكمل للتعليم النظامي وله فوائده في تنمية المهارات الفكرية والبحثية، ويمكن الاستعانة به في بعض المواد النظرية لكن تطبيقه بمفهومه الشامل يضر بجودة التعليم.

Ad

من المؤلم ونحن نتابع الجدل الدائر حول المطالبة بعودة الدراسة إلى طبيعتها أن نجد النقاش ينتقل إلى آلية توزيع الدرجات وكيفية وضع الاختبارات، إن كانت ورقية أو إلكترونية، وكأن التحصيل العلمي والمعرفي للطالب آخر اهتماماتنا.

يا سادة تخيلوا معي طالباً في الصف الأول الابتدائي بدأ عامه الدراسي مع هذه الجائحة لينهي دراسته قبل الموعد بنصف سنة ثم ينتقل إلى الصف الدراسي الثاني وهو بعيد عن أسوار المدرسة، ماذا سيكون عليه تحصيله في المواد الأساسية (عربي، حساب، علوم، إنكليزي) ناهيك عن بقية المواد الأخرى؟ وهل من الممكن تعويضه عما فاته إذا كانت الأسرة غير مهتمة بمتابعة ما تقدمه إليه الصفوف الافتراضية، والأمر ينجر على بقية المراحل الدراسية.

على الجانب الآخر لا أعلم إن كانت وزارة التربية قد قامت بأي دراسات ميدانية للوقوف على الآثار النفسية والعلمية من استمرار غياب الطلبة عن البيئة المدرسية خصوصا أن للمدرسة علاقة وثيقة في صقل شخصية الطالب والمكان الطبيعي لتكوين الأصدقاء.

اليوم مازال القرار بيد السلطات الصحية التي لم تقدم أي خطة عمل لوزارة التربية والتعليم العالي يمكنها من التحضير والاستعداد لها، وكل ما في الأمر اجتهادات من هنا وهناك على أمل وصول نسبة التطعيم من تعداد المجتمع إلى 70%.

الوصول إلى هذه النسبة قد يحتاج إلى شهور مما يعني أن العام الدراسي الحالي سيستمر بنظام التعليم عن بعد ما لم تتعاون وزارة التربية والتعليم العالي ووزارة الصحة باعتبار الهيئة التدريسية والكوادر التابعة لها ضمن أولويات خطة التطعيم كي تستطيع وزارة التربية اتخاذ القرار الصائب.

عودة الحياة التعليمية إلى سابق عهدها مرهونة بتطعيم العاملين في الحقل التربوي مع الأخذ بعين الاعتبار أن الطلبة غير مشمولين بالحصول عليه كونهم أقل الفئات عرضةً لخطر الإصابة بمرض كورونا كوفيد19 والمتحور، بحسب توصيات منظمة الصحة العالمية.

أغلب الدول اتخذت قرار عودة الدراسة وحددت جدولاً زمنياً لذلك، بل إن الكثير منها قد استؤنفت الدراسة فيها بعد أخذها التدابير والاحترازات الصحية كلبس الكمام والتباعد، لإيمانها بأهمية التعليم ولإدراكها حقيقة أن قرار الاستمرار بالتعليم الإلكتروني يضر بجودة التعليم والتحصيل العلمي للطالب.

ودمتم سالمين.

أ. د. فيصل الشريفي