مع تواصل حالة الانسداد السياسي وتأجيل الانتخابات المبكرة وتردي الأوضاع الاقتصادية، وجهت بقايا تنظيم "داعش" ضربة دموية إلى قوة "الحشد الشعبي"، ليل السبت- الأحد، بمحافظة صلاح الدين، لتوسع بذلك رقعة المواجهة بعد هجومها الانتحاري المزدوج، الذي أوقع 32 قتيلا وعشرات الجرحى بساحة الطيران وسط بغداد الخميس الماضي.

وأعلن إعلام "الحشد الشعبي"، أمس، أن حصيلة الهجوم الذي تعرضت له فصائلها شرقي محافظة صلاح الدين بلغت 10 قتلى و11 جريحاً، مبينة أن من بين القتلى آمر الفوج الـ22 أبوعلياء الحسيناوي.

Ad

ودفعت فصائل "الحشد" تعزيزات، من مناطق عدة في صلاح الدين وبغداد، إلى منطقة الهجوم الذي نفذ بأسلحة خفيفة، للتصدي لأي اعتداء محتمل.

وإثر الهجوم، تعهد الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول بالانتقام لقتلى "الحشد"، مشيراً إلى أن القصاص قادم لا محالة من منفذي الاعتداء.

وأضاف رسول، في بيان، أنّ القوات الأمنية بكل تشكيلاتها لن تتهاون مع "الإرهاب"، مؤكدا أنّ العراق سيبقى صامداً رغم المحاولات لشقّ وحدته، في إشارة إلى الحملات والمنصات التي تنشط على مواقع التواصل بهدف بث الفرقة وتحميل المحافظات ذات الأغلبية السنية مسؤولية الهجمات.

وأشار إلى أن تعزيزات عسكرية ومن الشرطة المحلية وصلت إلى مكان الهجوم لإخلاء القتلى والجرحى وتمشيط المنطقة المحيطة، بحثاً عن المهاجمين.

تشتيت وثأر

ووفقاً لمسؤول أمني رفيع، فإن "هجوم صلاح الدين أشار إلى خطورة تحركات التنظيم، وقدرتها على المناورة وفتح أكثر من جبهة في آن واحد"، مبيناً أن "الهجوم يؤشر إلى أن التنظيم يسعى إلى تشتيت القوات العراقية، من خلال هجمات ينفذها هنا وهناك، غير منحصرة بمحافظة واحدة، الأمر الذي أثار قلق القيادات الأمنية وأضاف تحدياً كبيراً بإمكانية السيطرة على تلك الجبهات، والجبهات الأخرى التي قد يفتحها التنظيم".

في غضون ذلك، تواصلت عملية "ثأر الشهداء"، التي أطلقت بعد هجوم ساحة الطيران. وأفادت السلطات بأن القوات الأمنية نجحت في ضرب شبكة إرهابية لها صلات عديدة مع بقايا "داعـش" بالأنبار، وألقت القبض على 3 عناصر في قضاء هيت، وعثرت على وثائق وصفتها بالمهمة.

استهداف العاصمة

في هذه الأثناء، أفاد مصدر أمني باتخاذ القوات الأمنية إجراءات مشددة وغير مسبوقة عند نقاط التفتيش العادية والـ VIP المؤدية إلى مطار بغداد الدولي، بعد ورود معلومات عن مخطط لاستهداف العاصمة.

ونقل عن المصدر قوله إن "تفتيش السيارات والأشخاص الداخلين عبر الممر الخاص أصبحت بأسلوب التفتيش اليدوي والمسح الآلي".

وأشار إلى أن السلطات فرضت تدابير جديدة شملت إغلاق أغلبية الطرق القريبة من "المنطقة الخضراء"، شديدة التحصين وسط بغداد، حيث تقع السفارة الأميركية ومقر الحكومة.

وتزامن ذلك مع إعلان وزارة الداخلية توسيع خطة لنشر كاميرات المراقبة في عموم العاصمة، غداة إعلان السفارة الأميركية تخصيص واشنطن مبلغ 20 مليون دولار للمساعدة في تحصين "المنطقة الخضراء" التي تستهدفها فصائل مرتبطة بإيران بهجمات صاروخية كان آخرها مساء أمس الأول.

حاجة وسجال

وفي ظل سجال وتوتر محتدم بين أحزاب وفصائل مرتبطة بإيران وحكومة مصطفى الكاظمي، حول وجود القوات الأجنبية التي تقودها واشنطن لقتال التنظيم المتطرف، قال وزير الخارجية فؤاد حسين إن بلاده تحتاج إلى الدعم الخارجي.

وأكد حسين أنه سيطلب من إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن استمرار اجتماعات الحوار الاستراتيجي بين البلدين.

ومن المرجح أن تغضب تصريحات حسين الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران، وفي مقدمتها "كتائب حزب الله العراقية" التي اتهمت الكاظمي باستغلال اعتداء ساحة الطيران، الأخطر منذ 3 سنوات، لإقصاء قادة بالأجهزة الأمنية على علاقة وثيقة برئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

اعتداء الرياض

من جانب آخر، كذبت مصادر أمنية عراقية وفصائل عراقية مسلحة مرتبطة بطهران، أمس، ما تردد عن تبني ميليشيات مجهولة تطلق على نفسها اسم "ألوية الوعد الحق" للهجوم بطائرات مسيرة على العاصمة السعودية الرياض، أمس الأول، بعد نفي ميليشيات جماعة "أنصار الله" الحوثية اليمنية المتمردة شنها الاعتداء.

وأفادت المصادر بأنه "لم يسجل أي اختراق للحدود العراقية نحو السعودية أو أي دولة أخرى، من خلال طائرات مسيرة أو حتى تحركات راجلة، خصوصا أن هذه الحدود تحت سيطرة القوات الأمنية العراقية حصراً، مع وجود مراقبة للطيران الأميركي للمناطق الحدودية على مدار الساعة".

من جهته، قال نائب زعيم ميليشيات "الأبدال"، أحد الفصائل المسلحة المقربة من إيران، كمال الحسناوي، إن "الفصائل العراقية معروفة وقياداتها معروفة أيضا، ولها وجود على الأرض في مختلف الميادين، ونحن لا نملك أي معلومات عن ألوية الوعد الحق، وهذا الاسم اطلعنا عليه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي فقط، ولا نعرف قياداته أو أماكن نفوذه".

وجاء النفي بعد تداول صفحات على مواقع التواصل بياناً لـ"ألوية الوعد الحق" لما وصفته بهجمات استهدفت عددا من المواقع في المملكة، في محاولة على ما يبدو لخلط الأوراق ولإحداث وقيعة بين حكومة الكاظمي المنفتح على محيط العراق العربي والخليج والرياض. وهددت الميليشيا المجهولة بتنفيذ ضربات لاحقة ستستهدف مدينة دبي الإماراتية، على حد زعم البيان.

وكان "تحالف دعم الشرعية في اليمن" أعلن اعتراض وتدمير هدف جوي معاد تم إطلاقه تجاه الرياض.