هل تحدّث الكتاب الأبيض البريطاني لعام 1939 عن مجلس نيابي وتشريعي لفلسطين؟ الجواب: نعم، تحدث عن ذلك، لكنه لم يحبذه في تلك المرحلة.

لقد أكد الكتاب أن الحكومة البريطانية لا تريد تقديم أي مقترحات بهذا الخصوص، إلى أن تتفق الأطراف المختلفة على الشكل العام والأركان الأساسية لدولة فلسطين المستقلة. "ان حكومة جلالته لا تتقدم في هذه المرحلة بأية مقترحات حول تشكيل هيئة تشريعية منتخبة. ولكنها على الرغم من ذلك تعتبر هذا الامر تطورا دستوريا في محله، واذا اعرب الرأي العام في فلسطين فيما بعد عن تأييده لمثل هذا التطور تكون حكومة جلالته مستعدة لتشكيل الأداة اللازمة بشرط ان تسمح الأحوال المحلية بذلك".

Ad

بل إن الكتاب الأبيض تحدث أيضاً عن دستور فلسطيني يتم التفاوض حوله بعد انقضاء خمس سنوات من الاستقرار والنظام، وأن يتأسس هذا الدستور على قواعد متينة من الأسس التي تضمن التعايش بين جميع الأطراف وتحقق العدالة بينها، ومن بين هذه الأسس حماية الأماكن المقدسة لجميع الأديان، وتسهيل الوصول إليها، وحماية مصالح وأملاك الهيئات الدينية المختلفة، إضافة إلى حماية مختلف الطوائف في فلسطين وفقاً للالتزامات المترتبة على الحكومة البريطانية نحو العرب ونحو اليهود والمتضمنة في صك الانتداب البريطاني. ونجد أيضاً في الكتاب الأبيض ما يؤكد حرص حكومة بريطانيا على تحقيق هدف إنشاء حكومة فلسطينية مستقلة، إذ ورد في النص "وستبذل حكومة جلالته كل ما في وسعها لايجاد ظروف تمكن الدولة الفلسطينية المستقلة من الخروج الى حيز الوجود خلال عشر سنوات".

وإذا كانت الظروف لا تساعد على ذلك لأسباب لا يمكن السيطرة عليها، فإن الحكومة البريطانية تعهدت بأن تتخذ إجراء بتأجيل الإعلان عن ذلك، وأن تنسّق مع جميع الأطراف سيراً نحو تحقيق هدفها، تقول الوثيقة البريطانية "واذا ظهر لحكومة جلالته لدى انقضاء عشر سنوات ان الظروف تتطلب ارجاء تشكيل الدولة المستقلة، خلافا لما تأمله، فإنها تتشاور مع ممثلي أهالي فلسطين، ومجلس عصبة الأمم والدول العربية المجاورة قبل اتخاذ قرار بشأن هذا الإرجاء".

وبعد اتخاذ القرار، تعمل حكومة بريطانيا على التشاور مع الأطراف المعنية، وتتعاون معها بهدف تحقيق الهدف المنشود، وهو إعلان الدولة الفلسطينية في أقرب فرصة ممكنة، مع استمرار تعاونها مع العرب واليهود لزيادة مشاركتهم في مؤسسات المجتمع المدني التنفيذية المختلفة كالبلديات والمجالس المحلية والدوائر الحكومية.

وكما يرى القراء الكرام، فإنه كان من المفترض قيام دولة فلسطينية خلال عشر سنوات من صدور الكتاب الأبيض عام 1939م، يشترك في إدارتها العرب واليهود، حسب نسبة التعداد السكاني لكل طرف آنذاك. وكان من المفترض أن يكون لها مجلس تشريعي منتخب ودستور يضمن التعايش السلمي بين كل الأطراف في فلسطين، لكن كل ذلك لم يتحقق، بل على العكس قامت دولة لليهود فقط بمباركة من القوى العظمى، وفرضت نفسها منذ عام 1948 وتوسعت وقلبت موازين القوى في الشرق الأوسط، وأصبحت هي المظلومة وتريد تعويضات عن الظلم الذي وقع عليها!

باسم اللوغاني