لليلة الرابعة على التوالي، ووسط تجاذبات سياسية وأزمة اقتصادية غير مسبوقة في تونس، تواصلت الاشتباكات العنيفة بين مئات الشبان والشرطة في مدن تونسية عدة، في وقت متأخر من مساء أمس الأول، في حين انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي دعوات للتظاهر «احتجاجا على الفقر وارتفاع الأسعار»، بينما حذّر الرئيس التونسي قيس سعيد شباب بلاده من «المتاجرين بفقرهم وبؤسهم».

وقال صحافيون إن ما يصل إلى 300 شاب اشتبكوا مع الشرطة في حي التضامن بالعاصمة، بينما تحدث مقيمون في القصرين وقفصة وسوسة والمنستير عن أعمال عنف بشوارع تلك المدن.

Ad

ودارت مواجهات محدودة أيضاً في نابل وباجة، إضافة إلى مناطق أخرى من العاصمة مثل الكرم والعمران والملاسين.

ورشق المحتجون قوات الأمن بالحجارة والقنابل الحارقة في العاصمة، في حين تمّ الردّ عليهم بالغاز المسيل للدموع وبمدافع المياه في محاولة لتفريق المحتجين.

وفي شارع الحبيب بورقيبة، الذي تصطف على جانبيه الأشجار ومكاتب حكومية ومبان تعود لحقبة الاستعمار وسط العاصمة، حيث اندلعت أكبر الاحتجاجات في 2011، طالب المتظاهرون بإطلاق المعتقلين في أحداث الأيام الماضية.

وتجمع محتجون أيضا الاثنين في منطقة منزل بوزيان التابعة لولاية سيدي بوزيد، حيث أدى حرق بائع فاكهة في أواخر 2010 إلى اندلاع الثورة. ولم يردد المتظاهرون ليل الاثنين، أي شعارات خلال اشتباكاتهم مع أفراد الشرطة الذين كانوا يرتدون السترات الواقية من الرصاص ويحملون الهراوات. ونفّذت قوات الأمن دوريات في المنطقة في عربات تشبه العربات العسكرية. وأعلنت الشرطة أن عدد المعتقلين وصل الى أكثر من ألف شخص.

وقال الناطق باسم وزارة الداخلية خالد الحيوني إن «أغلبية المقبوض عليهم منذ اندلاع موجة الاحتجاجات الجمعة الماضي كانوا قُصّر، ومعظمهم تتراوح أعمارهم بين 15 و20 عاما، وأن احتجازهم جاء بسبب صلتهم بأعمال تخريب ونهب». وتابع: «لم يكن لما حدث علاقة بالحركات الاحتجاجية، التي يكفل الحق في تنظيمها القانون والدستور. الاحتجاجات تُنظم في وضح النهار من دون تورط في وقائع جنائية».

وفي بلدة المنيهلة، التي يقع فيها بيت الرئيس قيس سعيد، خاطب الرئيس مجموعة من سكان احد الأحياء الشعبية الذي زاره قائلاً: «أؤكد مجدداً على حق الشعب في الشغل والحرية وفي الكرامة الوطنية. في المقابل هناك من يسعى بكل الطرق إلى توظيفهم والمتاجرة بفقرهم وبؤسهم، وهو لا يتحرك إلا في الظلام، وهدفه ليس تحقيق مطالب الشعب بقدر سعيه لبث الفوضى».

ودعا سعيد الشباب التونسي إلى «ألا يتعرضوا لأي كان لا في ذاته ولا في عرضه ولا في ممتلكاته». ورغم عدم وجود خطة واضحة للاحتجاجات أو قيادة سياسية أو دعم من الأحزاب الرئيسية، انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أمس، دعوات للتظاهر «احتجاجا على الفقر وارتفاع الأسعار».

في غضون ذلك، طالب عدد من النواب، أمس، بضرورة حضور رئيس الحكومة هشام المشيشي، لمساءلته بشأن أحداث الشغب والاحتجاجات، مشيرين إلى أن المشيشي يعتبر وزيراً للداخلية بالنيابة أو ممثلا للحكومة.

من ناحيتها، دانت «حركة النهضة» أعمال العنف والنهب الليلية، معتبرة أنها «تمثل خرقاً لكل أشكال الاحتجاج والتعبير السلمي المكفولة بالقانون والدستور».

أما «منظمة اتحاد الشغل» فناشدت «الشباب المتظاهر لوقف الاحتجاجات الليلية وتجنّب الانجرار وراء العنف والنهب ومظاهر الفوضى واستنزاف مجهودات الأمنيين».

وشجبت قيادات حزبية في المعارضة أعمال النهب والتخريب التي رافقت الاحتجاجات الليلية، ومنهم رئيسة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسى، التي دعت إلى «مساءلة رئيس الحكومة في البرلمان، لمعرفة الجهات التي تقف وراء هذه التحركات المشبوهة».