مع بدء أسبوع تاريخي حافل في الولايات المتحدة يشهد تنصيب رئيس وإجراءات عزل آخر، كشفت وزارة الدفاع (البنتاغون) عن محاوف جدية من "هجوم من الداخل"، أو تهديد صادم من أفراد الحرس الوطني المنوطين بتأمين العاصمة.

وبعد توصل التحقيقات إلى تورط ما لا يقل عن 29 ضابطاً حالياً وسابقاً في اقتحام مبنى الكابيتول في السادس من يناير، دفعت المخاوف مكتب التحقيقات الفدرالي إلى القيام بعملية ضخمة ومعقدة للتحقق من جميع عناصر الحرس الوطني، للتأكد من أنهم لا يمثلون تهديداً مباشراً للرئيس المنتخب جو بايدن ولكبار الشخصيات التي ستحضر حفل تنصيبه غداً.

Ad

وتزامناً مع دخول الإجراءات الأمنية مرحلة متقدمة بدءاً من هذه الليلة، قال رئيس مكتب الحرس الوطني، الجنرال دانيال هوكانسون، لشبكة "سي بي إس"، أمس الأول، "بالتنسيق مع أجهزة الاستخبارات وFBI يتم التحقق من جميع الموظفين القادمين" لتأمين العاصمة وفحص ملفاتهم.

وأفادت وكالة "أسوشيتد برس" بأن FBI سيفحص جميع قوات الحرس الوطني، التي يبلغ عددها 25 ألفاً، مشيرة إلى أن العملية تتضمن فحص ملفات وقواعد البيانات وقوائم المراقبة، التي يحتفظ بها المكتب، لمعرفة ما إذا كان هناك أي شيء ينذر بالخطر.

تدريب مكثف

وبعد أن خاض وقادة عسكريون آخرون تدريبات أمنية مكثفة لمدة 3 ساعات، استعداداً لتنصيب الرئيس الجديد، أشار وزير الجيش رايان مكارثي إلى أن "المسؤولين يدركون التهديد المحتمل"، محذرا القادة من أن "يكونوا على اطلاع على أي مشاكل داخل صفوفهم مع اقتراب موعد المراسم".

وقال مكارثي، في إطار الحديث عن هذه الإجراءات: "نحن بحاجة إلى أن نكون جاهزين ومدركين لذلك، ونحتاج إلى وضع جميع الآليات في مكانها، لإجراء فحص شامل للعناصر، الذين قد يدعمون أي عمليات مثل هذه، ونلقي نظرة ثانية وثالثة على كل فرد من المكلفين بها".

وفي حين أكد قادة عسكريون أن "التدقيق لم يبرز أي قضايا كانوا على علم بها"، أوضح وزير الجيش أن "أعضاء الحرس يتلقون تدريبات على كيفية تحديد التهديدات الداخلية المحتملة".

وأفادت صحيفة "واشنطن بوست" بأن ما لا يقل عن 29 ضابطا حاليا وسابقا شاركوا في تظاهرات 6 يناير، مشيرة إلى أن 13 منهم خضعوا للتحقيق بتهمة الشغب داخل "الكونغرس"، إضافة إلى 10 ضباط آخرين ينتمون لشرطة المبنى ساعدوا بعض المتظاهرين بعملية الاقتحام.

وأوضحت المعلومات أن الكشف عن مشاركة الضباط في أعمال الفوضى يمثّل ضربة لسمعة إنفاذ القانون، حيث يأتي ذلك في أعقاب احتجاجات عمّت مناطق مختلف من الولايات المتحدة بسبب عنف الشرطة.

ومع ظهور صور ومقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لبعض الضباط خارج أوقات الدوام الرسمي وهم يشاركون في أعمال الشغب، يشعر بعض الأميركيين بالخيانة، بينما كان مسؤولو الشرطة قلقين بشأن مصداقية مهنتهم بأكملها.

إسالة الدماء

بدورها، أعلنت وزارة العدل، أمس الأول، اعتقال مفوض مقاطعة أتيرو في، المنتخب بولاية نيو مكسيكو، كوي غريفين، بعد أن توعد بالسفر إلى واشنطن محملاً بالسلاح للمشاركة في التنديد بتنصيب بايدن وإسالة الدماء.

وأوضحت الوزارة أن التهم الموجهة بحق غريفين، مؤسس حركة "رعاة البقر من أجل ترامب"، تتضمن "الدخول عن سابق إصرار وإدراك أو المكوث في مواقع أو مبان أمنية دون تصريح قانوني".

ووثقت وزارة العدل 80 دعوى قضائية في المحاكم الفدرالية تشمل 40 شخصا ًعلى علاقة بالهجوم، بينما فتح "FBI" نحو 200 تحقيق وحصل على قرابة 140 ألف مقطع وصورة، بعد أن طلبت السلطات مساعدته.

أسبوع حافل

ومع بدء الأسبوع التاريخي، انطلقت أمس الأول تظاهرات مؤيدة لترامب أمام أبنية رسمية في كل ولاية، بهدوء، مع مجوعات صغيرة من المتظاهرين المسلحين في ولايات مثل أوهايو وتكساس وأوريغون وميشيغان.

وفي أول حدث رئيسي بعد 6 يناير، تجاوز عدد مسؤولي إنفاذ القانون عدد المحتجين بفارق كبير أملم مباني "الكونغرس" المحلية بأنحاء الولايات مع تجمّع عدد محدود من مؤيدي ترامب.

وعبأت أكثر من 12 ولاية حرسها الوطني للمساعدة في تأمين أبنية "الكونغرس" بكل ولاية في أعقاب تحذير "FBI" من احتجاجات مسلحة لمتطرفين يمينيّين.

في الأثناء، تقرر اختصار المظاهر الاحتفالية التي ترافق عادة حفل التنصيب بسبب الهواجس المرتبطة بالجائحة والتخوّف من تجدد أعمال العنف.

وفي مقابلة مع شبكة "سي. بي. إس" قالت نائبة الرئيس المنتخبة كامالا هاريس إن "حفل التنصيب سيكون فريدا، في الغالب بسبب كوفيد-19، لكننا سنؤدي القسَم. وسنؤدي المهمة التي كلّفنا بها".

وقرر ترامب مغادرة واشنطن الساعة الثامنة من صباح اليوم قبل 4 ساعات من انتقال السلطة رسمياً إلى جو بايدن.

تأمين السجون

وكإجراء احترازي، أعلن مكتب السجون الاتحادي وُضع داخل منشآته الفدرالية في جميع أنحاء الولايات المتحدة قيد الإغلاق المؤقت، مؤكداً أنه يؤمّنها تماماً "في ظل الأحداث الجارية وليس ردًا على أي أحداث مهمة".

وتم تقسيم واشنطن إلى منطقتين أمنيتين، الأولى هي المنطقة الحمراء، حيث الدخول محظور بالكامل باستثناء سيارات الشرطة والآليات العسكرية، وهي تمتد من غرب البيت الأبيض إلى شرق "الكونغرس" وما بينهما، فيما المنطقة الخضراء متاحة فقط للعاملين والقاطنين فيها، لكن سيرا على الأقدام.

وأقامت الشرطة السرية والحرس الوطني 8 نقاط تفتيش، يخضع المارة فيها أحيانا لتفتيش دقيق، وتزامن ذلك مع إقفال تام للمراكز التجارية والحديقة الوطنية.

وأفادت الشرطة السرية بأن عمليات تشييد السياج الحديدي اكتملت على امتداد مساحة العاصمة من ناحية الغرب، بدءا من نصب لينكولن التذكاري، وصولا إلى شرق منطقة الـ نايڤي يارد.

أولويات بايدن

وبموازاة إطلاق محاكمة عزل ترامب، التي لم تحدد بعد رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر اللوائح الاتهامية تمهيدا لبدئها، عرض فريق بايدن الخطوط العريضة لجدول الأعمال الذي ينوي بدء ولايته بتنفيذه لمعالجة الأزمات.

وقال كلاين، لشبكة "سي إن إن"، "آمل أن يكون قادة مجلس الشيوخ قد وجدوا أسسا مشتركة بين الحزبين للمضي قُدما في الاضطلاع بكل مسؤولياتهم، ومنها محاكمة ترامب وتنفيذ المشاريع المدرجة على جدول بايدن، وفي مقدمتها تفعيل عملية التصدي لفيروس كورونا".

وفي حين شدد كلاين على أن هذا الزخم سيستمر لـ 10 أيام على الأقل للابتعاد عن سياسات ترامب الأكثر جدلية، أكد أن بايدن سينتظر توصية من مستشاريه لشؤون الاستخبارات حول إمكانية إطلاعه على معلومات سرية بعد خروجه من البيت الأبيض.

وأكد السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام أن بايدن ربما يسعى للذهاب أبعد وأسرع من اللازم، معتبرا أنه "لا فائدة من عزل ترامب بعد مغادرته المنصب".

وقال غراهام المقرب من ترامب: "أعتقد أننا سنكون في الأيام المئة الأولى من ولاية بايدن أمام جهود حثيثة هي الأكبر في تاريخ البلاد على صعيد السياسة الاجتماعية".