استبشر الكويتيون خيراً بالعهد الجديد الذي بدأ مع تولي سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد مقاليد الحكم وانتخاب مجلس أمة جديد وتشكيل حكومة جديدة وارتفع سقف الآمال والطموحات لتحقيق ما يصبو إليه الوطن والمواطنون، ولكن ما حدث خلال الأيام الماضية أفسد الفرحة وأحبط التوقعات المتفائلة، حيث ازدادت حدة التوتر بين السلطتين، وظهرت بوادر التازيم من خلال ما شهدته الجلسة الافتتاحية فيما يخص انتخاب رئيس مجلس الأمة، وبعد ذلك جلسة تشكيل اللجان، وتبع ذلك شد وجذب بين عدد من النواب والحكومة، إلى أن تم تقديم استجواب لسمو رئيس مجلس الوزراء، وتغيبت الحكومة عن جلسة مجلس النواب، وأصبح هناك عدم وضوح للرؤية خلال الفترة المقبلة خصوصاً مع تحديد المحكمة الدستورية 20 يناير الحالي للفصل في طعون بطلان انتخابات أمة 2020.

وفي الوقت الذي تم فيه تقديم الحكومة استقالتها بعد غيابها عن جلسة مجلس الأمة الأخيرة وعدم حضور وزرائها اجتماعات اللجان البرلمانية، وأن هناك حالة من العناد السياسي تتواتر وتتصاعد على سطح المشهد بسبب عدد من الملفات التي سببت الجفاء بين الحكومة والمجلس مع تجاهل الحكومة طلبات واقتراحات المعارضة.

Ad

وفي ظل حالة التأزيم بين السلطتين ظهرت تحفظات نيابية على بعض الوزراء منها ما يقبله المنطق ومنها ما يشير إلى وجود دوافع سياسية وشخصية، حيث إن هناك من يعترض على الوزير أنس الصالح رغم إبعاده عن وزارة الداخلية في التشكيل الحالي، وكذلك الاعتراض على وزير الخارجية الذي منحه سمو أمير البلاد وسام الكويت من الدرجة الأولى تقديراً لدوره في حل الأزمة الخليجية، وكان له دور ريادي في جائحة كورونا، وذلك في توفير كل السبل لتأمين مواطنينا بالخارج وتوفير سلامة عودتهم الى أرض الوطن، ومن ثم أصبحت المطالبة برحيله علامة استفهام وأمرا غير مقبول.

وما أود الإشارة إليه هنا أن وصول العلاقة بين السلطتين إلى طريق مسدود واللجوء إلى حل مجلس الأمة والعودة للقواعد الانتخابية أمر تخشاه الحكومة أكثر من نواب المعارضة، لأنه سيأتي بمجلس بالتشكيل الحالي نفسه أو أشد منه معارضة، وبالتالي فإن الحكومة مطالبة بتقدير المواءمة السياسية، وكذلك نواب مجلس الأمة مطالبون بالعمل على تغليب المصلحة العامة وعدم تضييع الوقت على الكويت التي خسرت الكثير بسبب التأزيم والصراع بين السلطتين، وتأخرت عن دول الجوار رغم كل الإمكانات التي تتوافر بها.

إن إطالة الصراع بين السلطتين قد يفضي إلى المزيد من تعطيل جلسات مجلس الأمة، ولن يكون في مصلحة أي من الطرفين، كما أن القضايا الشائكة التي تطالب بها المعارضة يجب أن تستمع إليها الحكومة، وتنتهي إما بالتصويت عليها أو بالاتفاق حولها، لكن تجاهلها ليس حلا، وكذلك على النواب أن يستخدموا حقهم الدستوري في الاستجوابات في التوقيت الصحيح، فليس من المنطق أن تستجوب الحكومة بعد مرور شهر على تشكيلها، إذاً الجميع مطالب بوضع الكويت فوق كل اعتبار لأنها تستحق التضحية والعمل على نهوضها وتقدمها.

مشاري ملفي المطرقّة