إن ما يحدث أكثر بشاعة من العار، في بلاد كلما دق قلبها دق قلب الإنسانية، ولكن الآن حتى الخجل مصاب بالخجل أيضاً!

لأنه لا أحد يلتفت- أو يريد أن ينتبه- لأولئك الذين يشرعون شبابيك بيوتهم على الأنين، في بلاد تريد أن تتقاسمها «فئات» بأيدي الشياطين، ليغرق الناس أكثر بالفقر والهم ويغرقوا هم بالمال و«ما يلزمهم»!

Ad

لا أحد يلتفت للذين يبحثون عن مكان في قاعة الانتظار، ممن يعودون دوماً سيراً على أحلامهم، يعلقون صرخاتهم كل يوم على الجدران، دون أن يرف جفن لحالهم، جفن الذين تعلموا الغزل، ولنقل: غزل السلطة وغزل المال!

لا أحد يلتفت للحالمين بعد أن ضاع أملهم ومستقبلهم بسبب الذين يتقاسمون البلاد وما فيها «بالورقة والقلم»، ولا أحد يتعاطف معهم- أو يعطف عليهم- بعد أن تم التعامل معهم على أنهم لزوم ما لا يلزم!

لا أحد يلتفت للذين أصبحوا مستودعاً للضياع بعد أن سقطت كل آمالهم، بسبب الذين وعدوهم بجنة البلاد وهم يبنون الجحيم، بسبب الذين يلتقون بأقنعتهم المخملية.. وما التقى منهم اثنان إلا كان الشيطان ثالثهما!

لا أحد يلتفت للمواطن الذي يحاول أن يعقد صفقة مع الحياة، لا مع العدم، وهو يحاول إقناع طفله- الذي يرى كل شيء لدى الأطفال الآخرين ويريد أن يكون مثلهم- أن الأمل قادم، ليترك ابتسامة طفله تتشكل ببطء، وهو الذي رسم الكثير من الأحلام، ثم وضعها في أقرب سلة مهملات!

لا أحد يلتفت..

لا أمل مقابل أمل، بل يأس مقابل يأس، وكلما اتسع اليأس ضاق الأمل، أمام الذين تراكمت عليهم الديون والمآسي، على من تدق الأهوال أبوابهم وهم بالكاد يجدون ليلة أو باباً يتسع للبكاء!

لا أحد يلتفت رغم أن صمت اليائسين واضح وكبير، والمتعبين أكثر مما نعتقد، ومن يخفون أوجاعهم خلف عيونهم أكثر.

لا أحد يلتفت.. لا أحد، في بلاد كلما دق قلبها دق قلب الإنسانية، ليبقى بؤساؤها- بؤساء فهد العسكر- لا يقلون هولاً عن بؤساء «هوغو».. وكل يوم من شدة اليأس، يبكون بصمت وترقص ظلالهم مع الحطام، وقلوبهم تغني: كلنا للكويت.. والكويت «لهم»!

عبدالله الفلاح