يبدو أن الملف الحكومي اللبناني دخل رسمياً نفقاً مظلماً طويلاً، لا أثر فيه لأي نور يساعد على تلمّس نهايته. فرغم الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى بكركي، وما رافقها من حديث عن مساعٍ يقوم بها البطريرك الماروني بشارة الراعي لتأمين عقد لقاء بين عون والرئيس المكلف سعد الحريري، يبدو أن العقد تراوح مكانها.

أتى كلام رئيس تكتل «لبنان القوي» النائب جبران باسيل، أمس، لينسف كل الجهود التي تُبذَل على خط تأليف الحكومة اللبنانية بتمسكه بشروطه وهجومه على الرئيس الحريري، كما كشف، في موقف لافت، عن اتفاق مع «حزب الله» لـ «إطلاق حوار ثنائي لإعادة النظر بعلاقتنا ومراجعة وثيقة التفاهم على محاور أساسيّة، ومنها المحور الخارجي، ومحور بناء الدولة، لأن مش ماشي الحال».

Ad

ودعا باسيل إلى «عقد حوار وطني ينتج عنه تصوّر لبناني مشترك لنظام سياسي جديد يضمن الاستقرار بالبلد. القفز فوق المشاكل البنيوية بالنظام والتذرّع بأنّ حزب الله هو وحده سبب سقوط الدولة يعني أنّ من لا يريد يحلّ المشكلة بعمقها».

وأضاف «طبعاً قضية السلاح والاستراتيجية الدفاعية ووضعيّة لبنان وعلاقاته بالدول ومسألة حياده او تحييده، هي مسائل كيانيّة وأساسيّة بصلب الحوار المطلوب. ونحن لا نقبل أن تكون أرضنا مسرحا لصراعات الآخرين، ولا السلاح المقاوم يكون لخدمة أي مشروع غير مشروع حماية لبنان».

وفي ما خص تأليف الحكومة، قال باسيل إنه لا يأتمن «الحريري وحده على الإصلاح. نحن نحمّل نهجه السياسي مسؤولية السياسة الاقتصادية والمالية. فكيف نأتمن للشخص ذاته، مع نفس الأشخاص الذين لا يقبل أن يغيّر أحدا منهم، وبنفس سياسة التسعينيات... انّه وحده يصلّح البلد؟ وبدّنا نعمل له وكالة على بياض ونسلّمه البلد؟.

وأشار إلى أن «الحريري يسمي الوزراء السنة، لكن كلّنا يعلم انه ما بيطلع له يسمّي الوزراء الشيعة عن حزب الله وأمل، وما بيطلع له يسمّي الوزراء الدروز عن الاشتراكي، ولا حتّى وزير المردة أو الطاشناق». وتساءل: «كيف طلع معه انّو بيطلع له يسمّي عن الرئيس والمسيحيين؟ شو مفكّرينا مواطنين درجة ثانية؟».

ورد تيار «المستقبل» في بيان أمس، على كلام باسيل قائلاً: «الحكومة جاهزة تنتظر عند رئيس الجمهورية، لتكون حكومة مهمة تتولى الإصلاحات المطلوبة حسب المبادرة الفرنسية وليس حسب المعايير المذهبية والطائفية والعنصرية الباسيلية». وأضاف: «هذا ما يعنينا ولا شيء آخر مهما أبدعوا في صناعة العراقيل وإنتاج القضايا الخلافية».

وفي ظل انسداد الأفق الحكومي، جدد البطريرك الماروني بشارة الراعي، أمس، دعوته إلى عون والحريري إلى «عقد اجتماع مصالحة شخصية، يجددان فيه الثقة التي تقتضيها مسؤوليتهما العليا، ولا ينهيانه من دون إعلان حكومة، وفقا لنص الدستور وروحه».

وأضاف: «من المعيب حقا، لكي لا أقول جريمة أن يبقى الاختلاف على اسم من هنا وآخر من هناك، وعلى حقيبة من هنا وأخرى من هناك، وعلى نسبة الحصص ولعبة الأثلاث وإضافة الاعداد، فيما تكاد الدولة تسقط نهائيا، ولسنا ندري لصالح من هذا الانتحار».

وتساءل: «ألا تتلاشى العقبات الداخلية والخارجية أمام إنقاذ مصير لبنان وإحياء دولة المؤسسات؟ ولماذا الإصرار على ربط هذا الإنقاذ بلعبة الأمم وصراع المحاور؟».

بيروت - الجريدة