في افتتاح الفصل التشريعي السادس عشر، وجه سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد في أول خطاب له منذ توليه مسند الإمارة رسائل مباشرة إلى السلطتين التشريعية والتنفيذية، لعل من أهمها أنه "لم يعد هناك متسع لهدر الوقت وافتعال الأزمات وإيقاف الإنجاز"، وفي هذا التوجيه شعور بمسؤولية القائد تجاه عامل الوقت في إحداث التغييرات الإصلاحية وتنفيذ الإنجازات.

ولهذا التوجيه السامي انعكاسه على الوضع الحالي الذي تواجهه الحكومة أمام الأزمة السياسية التي تعيشها الدولة؛ فالأفكار المطروحة للتعامل مع الاستجواب الموجه إلى رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ صباح الخالد تقوم حالياً على تأجيل الحلول والقرار لكسب الوقت، وهو ما يتعارض مع النطق السامي، فمواجهات الأزمات السياسية استناداً إلى المتغيرات "الافتراضية" القائمة على عامل الوقت لا تعني بالضرورة الوصول إلى انفراجة سياسية، بل قد تعقدها أكثر.

Ad

ومع رفعه اللاءات الثلاث في أول استجوابٍ له بالفصل التشريعي السابق، يواجه الرئيس الخالد استجواباً جديداً في ظروف سياسية مختلفة أكثر تعقيداً مما كانت عليه في المجلس السابق، وأكثر تشابكاً في ظل ما انتهت إليه انتخابات الرئاسة البرلمانية وتشكيل اللجان، فضلاً عن أن تأييد 38 نائباً للاستجواب قبل مناقشته يمثل سابقة على مستوى رئاسة الحكومة تستوجب التوقف عندها، وهو ما يجعل قرار التعامل معه أكثر صعوبة.

الخيارات الكلاسيكية أمام رئيس الوزراء في مواجهة هذا الاستجواب لا تخرج عن ثلاثة؛ تقديم الاستقالة تفادياً لما قد يترتب على جلسة المناقشة، أو الدخول في مخاطرة عالية وصعود المنصة على أمل أن يتراجع النواب عن موقفهم المسبق، أما الخيار الأخير فيتمثل برفع كتاب عدم تعاون لحل مجلس الأمة.

الاستقالة كخيار أول من شأنها– نظرياً- أن تنزع فتيل الأزمة السياسية التي تعيشها الكويت حالياً، ولكنها لا تحل بالضرورة بعض الملفات العالقة مع البرلمان، وعلى رأسها ملف العفو عن بعض المحكومين بقضايا ذات أبعاد سياسية، وتحديداً ما يُعرف بـ "دخول المجلس"، إلا في حال تعهّد رئيس الوزراء الجديد مبكراً بالنظر في هذا الملف، وتقديم تعهدات بحسمه، مما يؤدي إلى تهدئة الأجواء.

أما صعود المنصة، فمغامرة محفوفة بالمخاطر السياسية ما لم تسبقها تحضيرات، تنحصر في اتخاذ إجراءات تتوافق مع ما جاء في صحيفة الاستجواب تجاه استبعاد بعض الوزراء وتقديم برنامج عمل الحكومة، إضافة إلى تعهد بحلحلة ملف العفو، وفي جميع الأحوال لا يبدو الوقت المتاح حالياً حتى موعد الاستجواب (أسبوعان) كافياً لتوفير المتطلبات السابقة وفتح قنوات تفاهم مع الأغلبية النيابية، لأخذ ضمانات مبكرة تجنب الرئيس كتاب عدم التعاون.

وإلى جانب أنه قرار يتخذه سمو الأمير، فإن حل مجلس الأمة قد تكون تبعاته أكثر ضرراً على الحكومة الجديدة، لأن الأجواء الانتخابية لا تزال مستمرة، والقضايا السياسية متواصلة وبحرارة مرتفعة، أي أن الحل من شأنه تعزيز التوجه المعارض للحكومة في نتائج الانتخابات، ورفع سقف المطالب النيابية والشعبية أيضاً، وقد يفتح من جديد مطالب الرئاسة والحكومة الشعبية.

ومن الطرق التقليدية إلى الوسائل التي لم يحسم الدستور جدليتها، فأمام رئيس الوزراء خيار الاستقالة المبكرة، وفي حال إعادة تكليفه يأخذ وقتاً يصل إلى شهرين– أو أكثر- لتشكيل الحكومة مستنداً إلى سوابق رؤساء الحكومة السابقين، على أن تواكب تلك الفترة تحركات للوصول إلى توافق مع الأغلبية النيابية، وقد يكون من بينها مشاركتهم في الوزارة الجديدة، والاتفاق على حسم الملفات السابقة.

أما في حال غلق أبواب التفاوض والنقاش، فإن إطالة أمد التشكيل من شأنها تعطيل العمل البرلماني دون مبرر، وهو ما يضع رئيس الوزراء المقبل– أياً كان– في مواجهة مبكرة مع المجلس والشارع، لا سيما أن الكثير من القضايا، وعلى رأسها الاقتصادية التي خلفتها جائحة "كورونا"، لا تزال معلقة منذ المجلس السابق، ولا تحتمل المزيد من التأخير.

وبالتوازي مع الخيارات السابقة، فإن هناك بعض الأفكار بتأخير موعد الاستقالة، أو كسب ما يمكن من الوقت خلال التشكيل الجديد مدة تصل إلى 45 يوماً وأكثر، وبجانب ما ذكر في السابق عن أثر التأخير في حسم الأمور، فإن من شأن ذلك شل الجهات والمؤسسات الحكومية التي ستكون خارج سيطرة الوزراء الحاليين، إذ إن القيادات ستبدأ في تجاهل الوزراء إلى حين تشكيل الوزارة الجديدة.

محرر الشؤون السياسية