فاز الرئيس الأميركي المُنتخب جو بايدن في الانتخابات الرئاسية بعدما طرح نفسه كنقيض للرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، لكن ذلك لا يعني أن كل ما فعله ترامب سيئ، فقبل تفشي فيروس كورونا سجّل الاقتصاد الأميركي نمواً قوياً وتراجعت نسبة البطالة إلى أدنى مستوياتها، لا سيما وسط الأقليات، كذلك أحرز فريق ترامب تقدماً دبلوماسياً اعتبره معظم الناس مستحيلاً في الشرق الأوسط.

ومن المتوقع أن يتخذ بايدن خطوات كفيلة بالتمييز بين سياساته وسياسات إدارة ترامب للتأكيد على اختلافه عن سلفه، لكن يُفترض أن يتمسك بايدن بأربع مبادرات أطلقها ترامب على الأقل لتحسين وضع البلد محلياً ودولياً:

Ad

1- الإصلاح الضريبي

يُعتبر تشريع الإصلاح الضريبي من أبرز نجاحات ترامب، فقد عارض الديمقراطيون هذا التشريع قبل تمريره وبعده على اعتبار أنه يفيد الأغنياء، لكنه اتهام غير صحيح، إذ يكفي أن نحتسب عدد الأميركيين من أصحاب الدخل المرتفع الذين يريدون إلغاء الضرائب المحلية، مما يؤدي إلى الحدّ من بعض التخفيضات الضريبية على الدخل الشخصي، لكنّ السبب الأساسي الذي يدعو بايدن إلى التمسك بهذا التشريع مختلف. ساهم هذا التعديل في زيادة جاذبية الولايات المتحدة كوجهة مناسبة للاستقرار فيها أو لإنشاء مقار للشركات هناك، إنه جزء من الأسباب التي دفعت عدداً كبيراً من الشركات إلى إعلان انتقالها إلى الولايات المتحدة.

خاض بايدن حملته الانتخابية على أساس إرجاع الشركات إلى الولايات المتحدة، لكنه يريد رفع الضرائب على دخل الشركات إلى 28%، ولن يتمكن من تحقيق هدفه بهذه الطريقة.

2- نقل السفارة الأميركية إلى القدس

تعهد ترامب منذ أن كان مرشّحاً للرئاسة باتخاذ هذه الخطوة ونفّذ وعده عبر نقل السفارة الأميركية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، وإذا كان بايدن يبحث عن طريقة لتبرير قراره، فيمكنه أن يشير إلى كلام الرئيس باراك أوباما في 17 ديسمبر 2014 حين قال: «لكل من يعارض الخطوات التي أعلنها اليوم، أقول لكم إنني أحترم شغفكم وأشارككم التزامكم بالحرية والديمقراطية. تتعلق المسألة الأساسية بتمسّكنا بهذا الالتزام، ولا أظن أننا نستطيع متابعة المسار نفسه لأكثر من خمسة عقود ثم نتوقع نتيجة مختلفة».

كان ذلك الكلام جزءاً من تبرير أوباما لاتخاذ موقف دبلوماسي جديد تجاه كوبا، إذ لم تنجح مقاربة أوباما مع كوبا بقدر ما تمنى البعض (يصعب انتزاع تنازلات جدّية حين يبالغ الرئيس في الاعتذار باسم الولايات المتحدة)، لكنّ رؤيته كانت صائبة.

طوال سبعين سنة، كانت السياسة الأميركية تقضي بمراعاة مشاكل الفلسطينيين، لكن لم تنجح هذه المقاربة، فقد حان الوقت لتجربة نهج جديد والسماح لدولة إسرائيل المستقلة بتحديد مكان عاصمتها

3- الاتكال على «اتفاقيات إبراهيم

قيل دوماً إن هذه الخطوة مستحيلة، وكان وزير الخارجية السابق في عهد أوباما، جون كيري، زعيم المعسكر الذي يستبعد هذه الخطوة، لكنّ ترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو وصهر ترامب، غاريد كوشنر، فعلوها ونفذوا «اتفاقيات إبراهيم».

قررت دول مسلمة عدة تطبيع علاقاتها مع إسرائيل وقد تنضم بلدان أخرى إليها قريباً إذا بذل بايدن الجهود اللازمة في هذا الإطار واتكل على سجل سلفه.

4- مراقبة الصين

نحن نقترب من الذكرى الخمسين للرحلة التي قام بها مستشار الأمن القومي السابق هنري كسنجر إلى الصين وأدت إلى انفتاح العلاقات بين البلدين، فقد أرادت الصين أن تفتح هذا الباب لتقوية اقتصادها الهش وكبح التوسّع السوفياتي، لكن الصين المعاصرة أصبحت مختلفة بالكامل عما كانت عليه سابقاً، لا سيما منذ وصول شي جين بينغ إلى السلطة في 2013، فثمة تنسيق بين الصين وروسيا اليوم وأصبحت الولايات المتحدة عدوتهما المشتركة.

غيّر ترامب الموقف الأميركي من الصين واهتم في المقام الأول بالعجز التجاري بين البلدين في حين انشغل معظم خبراء الاقتصاد بسرقة الملكية الفكرية والنقل القسري للتكنولوجيا، لكن الصين بدأت تزداد عدائية على المستويات الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية وسيضطر الرئيس الأميركي المقبل للتعامل مع مختلف تحركاتها.

في هذه المرحلة، لا نعرف كل شيء عن علاقة هانتر بايدن مع الصين وطريقة تأثيرها على الرئيس الجديد، لكن لا يستطيع الرئيس بايدن أن يتساهل مع الصين كما فعل في الماضي، بل إنه سينشغل حتماً باحتواء هذا البلد الذي يطمح إلى قيادة العالم مستقبلاً.

ميريل ماثيوز - ذا هيل