أظهرت إحصائية لـ "الجريدة" إبلاغ الشركات المدرجة في بورصة الكويت عن 51 استقالة خلال العام الماضي، تسببت في تغييرات بمناصب حساسة وجوهرية في الهيكل التنفيذي للشركات، مثل رئيس تنفيذي أو رئيس تدقيق داخلي أو عضو مجلس إدارة مستقل أو مدير مخاطر ومالي، وهي مناصب حساسة ومحل شبهات أو خلافات، إلا أن القاسم المشترك بين الإفصاحات في 49 إفصاحا من إجمالي الـ 51 هو لأسباب شخصية، في حين أن هناك إفصاحين فقط هما الأوضح، بسبب أنهما مرتبطان بحالات وفاة، مما يعني أن 96 في المئة من الإفصاحات غامضة ومجهولة الأسباب، ونحو 4 في المئة فقط مسببة بسبب الوفاة.

إضافة الى جملة استقالات في مناصب مدير إدارة الأصول أو رئيس قطاع استثمار أو عضوية مجلس إدارة أو رئيس مجلس إدارة أو نائب رئيس أيضا.

Ad

وكشفت الإفصاحات المقدمة للجهات الرقابية والبورصة عن عوار واضح وقصور شديد في الإفصاحات، بما يتنافى مع التعليمات والقوانين التي تشدد جميعها على ضرورة الشفافية وإيضاح الحقائق كاملة واضحة بلغة مفهومة.

وقالت مصادر مالية إن العديد من الاستقالات تحوم حولها شبهات يجب التدقيق في شأنها من جانب الجهات الرقابية، خصوصا أنها تأتي خلال السنة المالية أو اثناء الفترات المالية الفصلية، وتكون لمناصب مرتبطة بمنصب مدير التدقيق الداخلي أو رئيس تنفيذي أو عضو مستقل أو مدير أصول، مما يعني أنها ناجمة عن خلاف أو اعتراض على أمر ما جوهري في البيانات المالية، أو عدم الموافقة على تنفيذ إملاءات قد تضر بمصالح المساهمين أو تحمّل المسؤول مسؤولية قانونية وأخلاقية كاملة.

وتساءلت المصادر: لماذا لا تشكّل الجهات الرقابية فرق تفتيش على أي شركة تعلن عن استقالة وتدّعي أنها لأسباب شخصية، ولماذا لا تستجوب الشخص المستقيل، وتدقق في الأسباب حماية للمستثمرين؟

ودللت على أن هيئة أسواق المال أوقفت فجأة شركات بسبب التعثر المالي، وبالتالي تجمدت أموال المستثمرين فجأة أيضا، ويتحملون نتيجة التلاعبات التي تحدث في مثل هذه الشركات، وهي أسباب كفيلة بأن تنتهج الجهات الرقابية سياسات مختلفة في شأن البحث عن أسباب الاستقالة الحقيقية للمناصب الجوهرية والحساسة، مثل مدير مالي أو رئيس تنفيذي ورئيس تدقيق، أو عضو مجلس إدارة أو رئيس مجلس إدارة التي تأتي خلال السنة المالية، بشكل مفاجئ.

وأكدت أن كل إفصاحات الاستقالات خالية من الشفافية ومبادئ الحوكمة، حيث إن المستقيل يتستر على تلاعبات الشركة مقابل أن تعلن الشركة أنه استقال لأسباب شخصية، في حين أن أعضاء مجالس إدارات يقبلون أن يمثلون في العضويات "كحطب دامة" كواجهة تشريف فقط، حتى يكتشف في مرحلة محددة انه مطلوب منه التوقيع على تهريب أصول أو صرف أموال، أو تنفيذ عمليات لمصلحة أحد كبار الملّاك في الشركة، وسبق أن غيّرت مجاميع كثير من الأعضاء والرؤساء بسبب كثير من تلك الأعمال.

وكشفت الإحصائية أن الشركات غير الكويتية باتت تتبع نفس إفصاح الشركات الكويتية، وتعلن أن الاستقالات لأسباب شخصية، حيث تقوم إدارات الالتزام بالشركات بالاستعانة بأي نموذج ونسخة مع تغيير الأسماء والتواقيع، حيث إن الإفصاحات التي وقعت خلال السنة المالية 2020 جميعها كختم موحد وبنفس الصيغة والأسلوب، علما بأن كثيرا من الاستقالات قد تخفي وارءها معلومات جوهرية وأسبابا خلافية، وفي السوق الكثير من السوابق.

وطالت الاستقالات حتى أعضاء في هيئة الرقابة الشرعية وأعضاء ممثلين لجهات حكومية، إضافة الى عمليات إعادة تشكيل لمجالس الإدارات ضمن المجموعة بتبديل المراكز والأدوار بشكل واضح، ويمرّ مرور الكرام على الجهات الرقابية.

في سياق متصل، أفادت مصادر بأن التدقيق في أسباب بعض الاستقالات قد يكشف الكثير من المشاكل المالية بشكل مبكر، ويحمي سمعة السوق والمستثمرين.

ويبقى التساؤل مفتوحا برسم هيئة أسواق المال والجهات المعنية الأخرى؛ هل كل الاستقالات في الشركات المدرجة بالبورصة تتم لأسباب شخصية؟ وكيف لرئيس تنفيذي يستقيل فجأة في منتصف العام أو قبل السنة بأشهر أو مدير مالي أو رئيس تدقيق داخلي أو مسؤول استثمار ومدير أصول؟

يذكر أن الإدراج في البورصة يوجب الشفافية المطلقة، وغير ذلك يجب ألا تقبل أي شركة على الإدراج مادامت لا ترغب في هكذا شفافية وإفصاح.

محمد الإتربي