● كيف جاءت فكرة توثيقكِ الشعر العربي؟

Ad

- من خلال دراستي في مرحلة الثانوية، كنا نجد صعوبة كبيرة في العثور على بيانات كافية تخص شعراء مشهورين، فكان يتبادر إلى ذهني دائماً سؤالٌ ملحّ: إذا كانت هذه حال شعراء معروفين في عالمنا العربي، فكيف هي حال شعراء لم يسعفهم الحظ في الظهور إعلامياً داخل أو خارج بلدهم لسبب من الأسباب!

من هنا انبثقت فكرة الاشتغال على شيء ما يهدف إلى توثيق الحركة الشعرية في العالم العربي، والتي تجسّدت فعليا عام 2007، عندما أطلقت ندائي للاشتغال على كتاب "الموسوعة الكبرى للشعراء العرب"، لشعراء عاشوا في الفترة الممتدة بين عامي 1956 و2006.

● ما أبرز الصعوبات التي تواجهك أثناء إنجاز هذا العمل الببلوغرافي الضخم؟

- هناك صعوبات لا تعد ولا تحصى ألخصها في ما يلي: انعدام الدعم المالي، وغياب روح المسؤولية لدى بعض الشعراء، فيقدمون سيراً مزيفة، وندرة البيانات بالنسبة إلى الشعراء الأموات والشعراء المغمورين إعلامياً، وصعوبة التواصل مع شعراء لديهم تطرف فكري ديني أو أيديولوجي، واحتكار المعلومة من قبل بعض الأسر التي ينتمي إليها شاعر راحل، وغرور بعضهم، فيعتقد أنه فوق مستوى التوثيق.

● "الموسوعة الكبرى للشعراء العرب" هل تشمل كل الشعراء في الدول العربية؟ وكم عددهم؟

- "الموسوعة الكبرى للشعراء العرب" أول عمل توثيقي اشتغلت عليه، وقد أخذ منّي تسع سنوات من البحث والتنقيب طوال الفترة بين عامي 2007 و2016، حيث ظهر كمجلدٍ ضخم يشمل بين دفتيه ألفي شاعر وشاعرة من مختلف أنحاء العالم العربي في 2042 صفحة. ولا أدّعي أنني استطعت أن أضم كل شعراء العالم العربي، لأنه أمر مستحيل حتى إن اجتمعت على إنجازه كل مؤسسات ووزارات الثقافة في العالم العربي، فما بالك أن يكون الجهد فردياً؟

● ما نصيب شعراء الكويت من هذه الموسوعة؟

- تم التوثيق لـ 55 شاعراً وشاعرة من دولة الكويت، لتكون بذلك ثاني دولة خليجية من حيث العدد بعد المملكة العربية السعودية.

● ما المساحة التي احتلتها المرأة الشاعرة في هذه الموسوعة؟

- من بين 2000 كان نصيبها هو 442 شاعرة.

● قصيدة النثر هي التطور الطبيعي لشكل القصيدة، وبالتأكيد وجد شعراؤها مساحة في موسوعتك، ألم تخشي انتقاد الشعراء الكلاسيكيين في ظل عدم اعترافهم بقصيدة النثر؟

- قصيدة النثر لا تحتاج إلى من يعترف بها، لأن وجودها أصبح واقعاً ملموساً وتجاوز الحدود العربية باتجاه العالمية، ولا بد أن نحترم هذا التنوع والاختلاف الشعري الجميل شرط إجادته.

● في ضوء تجربتكِ هذه، هل ترين أن الشعر لا يزال يحظى بمكانته عربياً، أم تراجعت مكانته مقارنة بالسرد؟

- تغيرت وضعية الشاعر والشعر في العالم العربي بشكل مخيف مقابل السرد الذي يحظى بدعم قوي من دور النشر ومؤسسات أخرى. فبعدما كان الشعر ديوان العرب والشاعر سيدهم، أصبحنا نعيش دورة السرد ديوان العرب والشاعر مخلوق مهمش.

● حدثينا عن تجربتك كشاعرة، وهل تسبب عملك البحثي بالموسوعة في تعطيل إبداعك للقصيدة؟

- التوثيق الشعري يحتاج إلى تركيز عقلي شديد، والشعر إلى عاطفة جياشة وهدوء أعصاب، وهذا الأمر لا توفره أرضية البحث والتوثيق، مما جعل قلمي الشعري يبور لسنوات طوال.

● ما أهمية الترجمة بالنسبة إلى الشعر العربي، خصوصاً أن أعمالك حظيت بترجمتها إلى عدة لغات؟

- منذ عام 2001 ومن خلال طباعة أول ديوان لي، حظيت كتاباتي بالترجمة إلى لغات حية متعددة، وهذا الأمر يساعد على نقل أفكار وخصوصية الشاعر الذي يعيش في عالمنا العربي إلى بقاع العالم، لتتعرف إليه بقية الشعوب، وقد اشتغلت على الفكرة ذاتها في مجال التوثيق أيضاً من خلال كتاب "100 شاعرة من العالم العربي... قصائد تنثر الحب والسلام"، حيث طُبِع بأربع لغات هي الإنكليزية (ترجمة سعاد السلامي)، والفرنسية (ترجمة فاطمة الزهراء العلوي)، والإسبانية (ترجمة مساء بونو)، إضافة إلى اللغة العربية الأم.

● هل ثمة فكرة جديدة تعكفين على تنفيذها حالياً؟

- بعد إصدار الكتب التوثيقية التالية: "الموسوعة الكبرى للشعراء العرب"، و"100 شاعرة من العالم العربي"، و"77 شاعراً وشاعرة من المحيط إلى الخليج"، و"شعراء سياسيون من المغرب"، و"موسوعة الشعر السوداني الفصيح"، و"50 عاماً من الشعر العُماني الفصيح في ظل السلطان قابوس"، أشتغل الآن على عمل توثيقي جديد يخص الشاعرات، تحت عنوان ''موسوعة الشعر النسائي العربي المعاصر".

أحمد الجمَّال