لا شك أن بيان غرفة التجارة قد حمل تطوراً وتقدما كبيراً عن مواقف سابقة لها، حيث طالب البيان «بإدخال مفهوم الضريبة بحيث لا تمس جيوب أصحاب الدخل المحدود»، و«رفع القيمة الإيجارية لأملاك الدولة بشكل تدريجي»، و«تحرير الأراضي من الاحتكار» و«إصلاح القطاع العام»، بالإضافة إلى بعض المطالب الأخرى التي قد نتفق أو لا نتفق معها، ولكن لا شك أن اقتراحات الغرفة التي نتفق معها تشكل نقلة وتقدماً كبيراً إذا تمت مقارنتها بالمواقف السابقة لكثير من التجار أو من الذين يحسبهم الناس على الغرفة، حيث ذكرتني اقتراحات الغرفة هذه برفض كثير من التجار في السابق للزيادة التي أقرها مجلس الوزراء على القيم الإيجارية على القسائم الحكومية عام 2001، حيث شكلوا وفداً لمقابلة سمو الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، الذي كان رئيساً لمجلس الوزراء، كما كتبت إحدى الصحف المحسوبة على الغرفة في صفحتها الأولى «ما دخل وزير العدل والأوقاف في أسعار القسائم؟»، وذلك عندما تسرب خبر أن شخصي المتواضع كان وراء هذه الزيادة!

وكذلك كان الأمر بالنسبة إلى الضريبة على الدخول الكبيرة، فقد كان موقف بعض أصحاب الملايين رافضاً لها رغم أنها مطبقة في جميع بلاد العالم، فعندما نجحنا بحمد الله في إقرار قانون الزكاة على الشركات في مجلس 2006 قامت الحكومة بتخفيض الاستقطاع من أرباح الشركات المخصص لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي ليصل إلى 1% فقط مراعاة منها لمطالب الشركات.

Ad

وبناء على هذه السوابق أرى أن غرفة التجارة قد حققت تقدماً في بيانها الأخير وألقت بالكرة في ملعب المجلس والحكومة، لأن ما ذكرته من اقتراحات سيشكل دخلاً إضافياً للبلاد لطالما طالبت به التقارير الاقتصادية، وطالبت به شخصياً في هذه الزاوية مثل مقال «لا غنى لأي بلد عنكم ولكن لازم تدفعون»، في يناير الماضي، لذلك يجب على السلطتين الآن العمل على تحديث وزيادة شمول قانون الزكاة المشروعة كبديل عن الضريبة وإصدار القوانين أو القرارات الجديدة للقيم العادلة على القسائم المؤجرة حسب وضع السوق.

ومن المستغرب أن ينزعج البعض من التعبير الذي استخدمته الغرفة «الكويت في خطر» رغم أن جميع التقارير الاقتصادية الرزينة التي صدرت من الجهات الخارجية والداخلية قد استخدمت هذا التعبير أو تعبيرات مشابهة مثل تقرير بلير وماكنزي وتقارير الشال والبنك الدولي وتقرير لجنة إصلاح المسار الاقتصادي واللجنة الاستشارية الاقتصادية العليا، حيث استخدم تقرير بلير تعبير «قنبلة ديموغرافية موقوتة»، وهناك من استخدم تعبير «داعمين الطوفة» وهكذا.

وبقي أمر مهم يجب أن يعيه أصحاب القرار في البلاد، وهو أن قبول هذه الإصلاحات يبقى مشروطاً بالقضاء على الفساد ومحاربته بشكل جدي وصدور الأحكام المناسبة لمن تولى كبره من الفاسدين وإلا سيبقى الإصلاح محل شك وتندر ورفض من عموم الناس.

إذاً على كل مواطن مخلص أن يرحب بهذه الاقتراحات، وعلى السلطتين البدء بتنفيذها بشكل علمي وشرعي بعد أن ألقت الغرفة الكرة في ملعبهما.

أحمد يعقوب باقر