في مقالي السابق تحت عنوان "ماذا بعد العاصفة" تحدثت عن انتخابات مجلس الأمة ونتائجها ونسبة التصويت وفوز وجوه جديدة وخسارة وجوه قديمة، ومع أني أعرف أن لكل زلزال ارتدادات أخف من الزلزال الأول لكني لم أتوقع أن تهب على نتيجة الانتخابات البرلمانية العاصفة الثانية خلال عشرة أيام، والعاصفة هي التي حدثت يوم 15 ديسمبر 2020 بعد انتهاء الجلسة الرسمية التي افتتح بها حضرة صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الصباح أمير البلاد الفصل التشريعي السادس عشر.

بعد ذلك بدأ مجلس الأمة أولى جلساته بأداء القسم لأعضاء مجلس الأمة بمن فيهم أعضاء الحكومة، ثم انتقل المجلس إلى انتخاب الرئيس، فتقدم للترشح العضوان بدر الحميدي ومرزوق الغانم، وقبل بدء عملية الانتخاب اقترح بعض الأعضاء أن يكون الانتخاب علنياً لا سرياً، كما جرت العادة، واعترض رئيس السن على هذا الاقتراح، وحصل لغط وشد وجذب حتى استقر الأمر على التصويت السري عبر الصناديق.

Ad

بعد فرز الأصوات حصل العضو مرزوق الغانم على ٣٣ صوتاً وحصل العضو بدر الحميدي على ٢٨ صوتاً، فأصبح العضو مرزوق رئيساً للمجلس، وبعد ذلك سادت الفوضى في صفوف الجالسين في الصفوف العلوية، وأيضاً من قبل بعض الجالسين في الصفوف الأرضية، وبعض النواب، وقد اتهمت مجموعة من النواب الذين اجتمعوا قبل افتتاح المجلس، وقرروا التصويت للمرشح بدر الحميدي وبلغ عددهم ٣٧ نائباً، مما يعني أن بعضهم لم يف بوعده بالتصويت للحميدي فذهبت أصواتهم بالإضافة لأصوات الحكومة إلى العضو مرزوق الغانم الذي أصبح رئيسا.

ما حصل في الجلسة يعتبر عاصفة ثانية تواجه مجلس الأمة الجديد لم أكن أتوقعها، ويجب ألا تحصل في القاعة التي تحمل اسم ""أبو الدستور" الشيخ عبدالله السالم الصباح، طيب الله ثراه، وذلك من بعض الجماهير التي تمثل أحد الأطراف في انتخابات الرئيس.

يستنكر بعض النواب السابقين وبعض الوزراء السابقين أنه جرت العادة أن توجه دعوات افتتاح المجلس إليهم، لكنهم فوجئوا بعدد غفير من الناس موجودين في المدرجات وهم لم تصلهم دعوات، وأن هذا التصرف غير مقبول من الأمانة العامة لأنها تتحمل مسؤولية ما حدث أثناء الجلسة من هرج ومرج والفوضى وتنابز في الألفاظ والصراخ داخل المؤسسة التشريعية.

لا شك أن هذه العاصفة التي حدثت في مجلس الأمة سيكون لها تداعيات سلبية في المستقبل، وأخشى أن يكون هناك صدام بين المجلس والحكومة وبين الجماعات المتناحرة فيما بينها والصورة ستتضح في الجلسات القادمة.

لقد أصيب المواطنون والمواطنات الذين هبوا إلى صناديق الانتخاب في الخامس من ديسمبر 2020 رغم الظروف الصحية والمناخية بخيبة أمل، مما تم في الجلسة الأولى في المجلس، وكذلك نتائج الرئاسة التي كان الكثير من الناس يتوقع أن يكون فيها تغيير كما في العهد الجديد.

أعتقد أن هناك عواصف تحمل اللون الأسود قد تهب علينا مستقبلا، وأتمنى أن أكون مخطئاً، فرغم ذلك علينا أن نحافظ على المكتسبات الدستورية، وأن نسعى إلى المزيد منها، وأن ينجز المجلس الكثير من القوانين التي لها الأولوية لصالح الشعب، وألا تقدم القوانين ذات الطابع الشعبوي التي يستفيد منها قلة من المواطنين.

أدعو العلي القدير أن يحفظ هذا البلد آمنا مطمئناً سخاءً رخاءً ويبعدنا عن المشاكل.

معظم الأشياء إذا ذهبت تعود إلا الأخلاق

رحم الله أخانا وزميلنا عبدالكريم يعقوب "بوغيث" الذي كان يعمل معنا في وزارة الخارجية، وأسأل العلي القدير أن يرحمه بواسع رحمته، ويغفر له، ويسكنه فسيح جناته، وأحر التعازي لأسرته الكريمة، و"إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ".

محمد أحمد المجرن الرومي