فيما بدا أنه ردٌّ على التحذيرات التي أطلقها الجيش الأميركي من إمكانية شنِّ فصائل عراقية موالية لإيران هجوماً قريباً على القوات الأميركية، بعد رصد دخول هذه الفصائل في حالة تأهب، أبلغ «الجريدة» مصدرٌ رفيع المستوى في «فيلق القدس»، الذراع الخارجية لـ «الحرس الثوري»، أن جميع الفصائل الموالية لطهران بالمنطقة، خصوصاً في العراق، دخلت عملياً بحالة تأهُّب بعد اغتيال العالم النووي العسكري الإيراني محسن فخري زاده، وحصول طهران على معلومات تؤكد أن إسرائيل خططت لعمليات اغتيال تشمل العديد من الشخصيات الإيرانية وحلفاء طهران بالمنطقة.

وحسب المصدر، فإن الخطة الإسرائيلية التي استطاعت استخبارات «الحرس الثوري» الوصول إليها عبر استخبارات «حزب الله» اللبناني، تضم أسماء عشرات من كبار الشخصيات السياسية والعلمية والعسكرية الإيرانية والعراقية واللبنانية والفلسطينية، وحتى السورية والأفغانية، وتقوم أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية برصد تحركاتهم جميعاً، وحصلت أخيراً على إذن مباشر من المستوى السياسي ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لاستهداف أيٍّ منهم متى سنحت الفرصة لذلك.

Ad

وفي تلميحٍ إلى صحة خبر «الجريدة» عن انتقال الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني إلى طهران، أكد المصدر أن الإيرانيين نقلوا عدداً من كبار الشخصيات الموالية لهم إلى إيران، رافضاً تأكيد أو نفي وجود نصرالله أو الزعيم العراقي مقتدى الصدر ضمن هؤلاء.

وأشار المصدر إلى أن الإيرانيين أبلغوا القوات الموالية لهم، خصوصاً في العراق، أنه يُحتمَل أن يقوم الإسرائيليون بعمليات اغتيال خلال الأيام المقبلة لدفع الفصائل للرد على القوات الأميركية هناك، مضيفاً أن من بين الأهداف المحتملة دبلوماسيين إيرانيين.

وأكد أن قائد «فيلق القدس» إسماعيل قآني وجّه الفصائل العراقية إلى تجنب أي صدام مع الأميركيين حتى 20 يناير موعد مغادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب البيت الأبيض، مشدداً على أن أي هجوم ضد المصالح الأميركية بالعراق لن يكون من القوات الموالية لإيران، ويمكن أن يكون وراءه عناصر من «داعش» أو حتى عملاء إسرائيليون.

وأمس، خرق صاروخ هدنةً مفترضة بين الفصائل والقوات الأميركية في العراق، بسقوطه في الجزء العسكري من مطار بغداد، وهو نقطة تمركز للمستشارين الأميركيين العاملين مع الجيش العراقي. وجاء ذلك، وسط توتر شديد في الأنبار بين الجيش العراقي والفصائل المسلحة، التي تحرس طريقاً برياً استراتيجياً يمتد من حدود إيران حتى شواطئ المتوسط في سورية ولبنان، وتدير اقتصاداً رديفاً ضخماً خارج النظام الجمركي العراقي، يُعتقد أنه يمول الميليشيات الموالية لطهران في دمشق وبيروت، إلى جانب الحوثيين في اليمن.

وتقول المصادر إن الفصائل الشيعية العراقية تطوّر أساليب وتحصينات تنظيم داعش، حيث أنشأت على حدود سورية أنفاقاً محصنة تحت الأرض، استعداداً لضربة محتملة، في حين تواصل الجدل حول إمكانية تفكك الحشد الشعبي، بعد مؤتمر رعته مرجعية النجف، وعلى رأسها المرجع الديني الأعلى علي السيستاني، مطلع الشهر الجاري، وخرج بخطاب يصل إلى مرحلة الوضوح الأقصى في التمييز بين أنواع البنادق داخل هيئة الحشد، إذ قال المتحدثون المقربون من السيستاني إن العمل السياسي محرم على المقاتلين المتطوعين لمساندة الدولة والقوات الأمنية، وإن المال العام حرام عليهم.

وتزامنت براءة السيستاني من الفصائل المسلحة مع القلق الجدي في بغداد وطهران من احتمال توجيه ضربات إلى الحشد الشعبي بالعراق، مما يستدعي فرز البنادق على وجه السرعة.

وترعى العتبات المقدسة، وهي أضرحة الأئمة الستة في العراق من أولاد النبي محمد، نحو 20 ألف مقاتل متطوع، يخضعون لضوابط الدولة ويقيمون علاقات جيدة مع الأهالي في المناطق السنية، بينما تمتلك فصائل إيران نحو 80 ألف مقاتل مدججين بقوة صاروخية ومتهمين بقمع احتجاجات أكتوبر الشعبية وتغييب الآلاف من سُنة العراق.

ويقع السيستاني أيضاً تحت ضغط شعبي، خصوصاً بعد تحولات حركة تشرين الاحتجاجية المُطالِبة بالإصلاحات، والتي دعمها المرجع الديني بوضوح، خصوصاً مع تقدم ما يعرف بتحقيقات قصر النهاية البغدادي، مع شبكة تمثل كبار الفاسدين.

فرزاد قاسمي ومحمد البصري