يتتبع كتاب "موقوف مدى الحياة" مشوار الرياضي الإيطالي المثير للجدل، لوتشيانو موجي، مركّزا على أبرز الأحداث التي عاصرها خلال مشواره في الملاعب، حيث انتسب إلى عدة أندية رياضية كبيرة في إيطاليا، وصحيح أنه يخوض المباريات ولم يسابق اللاعبين على الاستحواذ على الكرة أو دحرجتها إلى المرمى، لكنه كان له دور كبير خارج المستطيل الأخضر، فهو مهندس التعاقدات الرياضية مع اللاعبين، وثعلب التفاوض مع كبار المسؤولين في حسم أكبر الصفقات وأثمنها.

تقلد موجي إدارة فرق عريقة في إيطاليا، منها نادي نابولي ونادي روما وتورينو ويوفنتوس وغيرهم، وساهم في جلب أشهر اللاعبين إلى الأندية التي عمل فيه، وشهد اعتلاء أنديته القمة والتربع على عرش بطولات الكالتشو.

Ad

حكايات مثيرة

يسرد الإصدار المكون من 262 صفحة تفاصيل حكايات مثيرة من مشوار موجي الثري بالمواقف الكثيرة والمتنوعة في أشهر دوري في العالم خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، كما يسلط الضوء على مراحل أخرى مهمة منتقاة بعناية من مشوار هذا الرجل المقلب بالثعلب، لا سيما خلال توليه منصب مدير الكرة بنادي يوفنتوس.

الموج الهادئ

تنطلق أحداث الإصدار من مدينة تورينو ضمن وصفٍ أدبي لمدينة نادي السيدة العجوز، وتتهادى الكلمات كالموج الهادئ للولوج إلى شخصية الكتاب وموضوعه، فهو الثعلب، وهو المهندس، لذلك لا بدّ من استخدام طريقة هندسية لوضع خريطة لشكل الإصدار منذ البداية، إضافة إلى استخدام الدهاء في عرض المعلومة ثم التعليق عليها من خلال مجموعة استفسارات منطقية وعقلانية تسعى إلى الوصول للحقيقة.

ومن أجواء الإصدار "وقفت المدينة العريقة تورنتو شاهدة على تفاصيل في حياة موجي، مما استوجب التوقف أمام دهاليز هذا الرجل، والبحث أكثر عن جوهر عمله الذي قادنا للوقوف بعد هذه السنوات أمام شخصية جدلية شكلت جزءا مهما من إرث هذا البلد المجنون بكرة القدم".

انتقى المؤلفان وقتاً مناسباً وبداية موفقة لهذا العمل، فكانت في لحظة الغروب، حيث سيسدل الليل سواده، وسيكون ستاراً لمن يريد أن يعقد صفقاته ويبرم اتفاقاته السرية طبعاً، لذلك الهدف من الإصدار هو محاولة لكشف المستور، وعقب حوار بين مهند وفراس، أشبه بحوار يحدث في البرامج الرياضية، يتدحرج الحديث نحو قصة موجي مع "يوفنتوس"، منذ قدومه في عام 1994 وحتى الخروج إثر واقعة الكالشيوبولي عام 2006، فهذا الرجل كان الشغل الشاغل لأهل الكرة... وكان المادة الدسمة للإعلام.. وقد يكون الوحيد الذي نافس اللاعبين في شهرتهم وصخب معيشتهم.

ثورة في المدينة

في حكاية أخرى، يستذكر المؤلفان الفترة التي عمل فيها موجي في نادي نابولي، وقالا: "لقد تركت نادي نابولي، لأني كنت متعبا منهم، كانت مشاكل دييغو مارادونا السبب في استقالتي، هو أفضل لاعب في العالم، لكن التعامل معه أشبه بالمستحيل، حتى بالنسبة لشخص مثلي، فقد كانت علاقتنا ممتازة معاً، أخبرت رئيس نابولي السيد كواردو فيرليانو: "لا يجب أن تسير الأمور هكذا، لا تسمح ببيع مارادونا وإخراجه من نابولي، وإلا ستحدث ثورة في المدينة، وسأصبح خائنا في نظرهم،" فلم يكن هناك حل آخر أمامي إلا تقديم الاستقالة".

دكة البدلاء

ويسعى المؤلفان إلى سرد الأحداث من خلال حوار يدور بينهما لكسر عامل الرتابة، فيتذكران آخر جدال حدث بين موجي ومارادونا في السابع من نوفمبر 1990 في بطولة الأبطال لمباراة الإياب ضد سبارتاك موسكو (نتيجة الذهاب 0-0 في معلب السان باولو)، وكانت التحضيرات للمباراة بدأت قبل يومين، فقد أنهى الفريق تدربياته في صباح يوم الاثنين.

ومارادونا لم يظهر مع الفريق، وكان على وشك المغادرة لموسكو في هذه المرة، قررت عدم إرسال الدكتور لزيارته مثل كل المرات السابقة، بل قررت الذهاب بنفسي له. مارادونا كان مقفلاً باب غرفته على نفسه، ولم نستطع أن نفتح الباب، حاولت التحدث مع زوجته كلوديا فيلافين ووكيل أعماله ايضاً غييرمو كوبولا. ثم أخبرت مارادونا: "لا تأت إلينا في آخر لحظة بطائرة خاصة، فلن ندعك تلعب يا دييغو، ستشاهد المباراة من على المدرجات، إذا كنت تريد أن تلعب مع الفريق عليك أن تذهب مع الفريق".

هنا قررت أن الأرجنتيني لن يفعل ما يحلو له، ويأتي ليلعب بالطائرة الخاصة... استأجر مارادونا طائرة خاصة، ثم أتى إلى الاتحاد السوفياتي في اليوم التالي، كان دييغو يملك الثقة بأنه سيلعب المباراة معنا، قررت حينها إجلاسه على دكة البدلاء بدلا من المدرجات، وهذا أسوأ بالنسبة له. كان الملعب مغطى بالثلوج الكثيفة والجو قارس جداً، كنت مستمتعاً وأنا أتابعه من المدرجات، دخل مارادونا في الشوط الثاني عند الدقيقة 64، لكن لم يستطع أن يفعل شيئا أو يغير النتيجة (انتهت المباراة بنتيجة 0-0، ونابولي خسر في ضربات الترجيح)، فسجل مارادونا في ضربات الترجيح، وأنا قدمت استقالتي من النادي، كان هناك سبب آخر أيضا، وهو أني كنت خائفاً من حدوث شيء لمارادونا، وهو بالفعل ما حدث... فبعد استقالتي بأشهر فقط، ظهر خلال اختبارات التحليل لمارادونا قبل مباراة نابولي وباري (17 مارس 1991) أن تحاليله إيجابية، كانت التحاليل واضحة جداً.

ثم ينتقل المؤلفان إلى حكاية أخرى، فسلطا الضوء على قصة الملك وعلاقة موجي مع الموهبة الإيطالية ديل بييرو الذي يعتبر الرقم الأصعب في تاريخ يوفنتوس، وكذلك حكاية بوفون وقصة كريستيانو رونالدو، ومواقفه مع المدرب الكبير كابيللو، وكذلك استقدام العملاق السويدي إبراهيموفيتش الذي كان في انطلاقته الحقيقية في عالم كرة القدم، وضمن حكايات النجوم يركز الإصدار على قصة جلب نيدفيد لليوفي، كما يعرض مواقف مهمة أخرى للنجم زين الدين زيدان وغيره من النجوم، باجيو وتيري هنري.

قالوا عن الكتاب

خصص الجزء الأخير من الإصدار لمساهمات أصدقاء المؤلفين، حيث أبدوا إعجابهم بمحتوى الكتاب، وقال المعلق الرياضي أحمد الطيب إن الكتاب كحلم جميل لا تتمنى الاستيقاظ منه، وإلا أنت تأكل الباستا بصلصة الطماطم التي يحبها هذا الـ "موغي" محمود المليجي العجيب، في انتظار فيلم عن جاسم مهند يعقوب، وخالد الحربان يوضع في متحف التراث الكويتي برائعة مهند وفراس).

من جانبه، قال بتال القوس "قبل أن نقرأ هذا الكتاب، إذا كنت تعرف (موغي) مسبقا، وقرأته ستكشف أنك لا تعرفه كما يجب، وستستمتع بما قرأت، وكأنك تتعرف عليه. أما المعلّق الرياضي حفيظ دراجي، فقال إنه لم يستطع التوقف حتى أنهى قراته في الليلة نفسها، بسبب الطريقة الروائية التشويقية الثنائية الفريدة من نوعها لواحد من أبرز صناع الحدث في الكرة الإيطالية، لوتشانو موغي.

وقال المعلق الرياضي رؤوف خليف معلقا: "جميل والله مرت عليه عيني وأنا غارق في قراءة هذه المسودة الرائعة، من حيث الشكل انبهرت بهذا الأسلوب في التخاطب بينكما، وخاصة ذلك الخيال والفكر في وصف أدق التفاصيل الحياتية لكما وأنتما تأتيان على قصة أعظم مسؤول في تاريخ الكرة الإيطالية، وربما العالمية.

وضمن هذا السياق، قال المعلّق عصام الشوالي: "كتاب اعتمد على السرد والتحقيق والوقائع بشكل مثير وممتع للقراء، ونجاح الكتاب وإجماع الزملاء أسعداني بصورة شخصية، لأن مهند وفراس صديقان وأخوان جمعني بهما صاحب الكرة وحب إيطاليا والكالتشو وهاجس البحث ودقة المعلومة.

ومن التعليقات الأخرى، قال المعلّق علي سعيد الكعبي إن القارئ سيستمع بقراءته للكتاب، وربما يعيد قراءته حتى ولو لم تكن من عشاق السيدة العجوز، فأنت أمام ظاهرة إدارية يندر وجودها في عالم كرة القدم هذه الأيام".

كما علّق على الإصدار كل من المعلق أسامة الأميري، ودانة الحقان، والإعلامي عبدالله الدرويش والإعلامي علي العليوة وغازي شريف، والمدرب د. محمد المشعان، ومدير تحرير جريدة الأنباء محمد بسام الحسيني، والإعلامي منصور سنان، والمدرب ناصر الشطي.