لا تعد سويسرا فقط واحدة من أكثر الدول ثراء في أوروبا، حيث تحظى بواحد من أفضل الأنظمة الصحية، ولكنها أيضاً تسجل أحد أعلى حالات الاصابة والوفيات بفيروس كورونا المستجد في المنطقة.

ومع ذلك، مازال يقوم الكثير من المواطنين بتناول الطعام والشراب في المطاعم والحانات، والتسوق في الأسواق المزدحمة وممارسة الرياضة في مراكز اللياقة البدنية ولعب القمار في الكازينوهات، كما أن بيوت الدعارة مستمرة في عملها أيضاً.

Ad

خلال السبعة أيام الماضية، أصيب 351 شخصاً لكل 100 ألف مواطن بفيروس كورونا في سويسرا، وهو عدد يمثل أكثر من ضعف العدد الذي تسجله جارتها ألمانيا.

ومنذ بداية جائحة كورونا، توفى 41 شخصاً لكل 100 ألف مواطن من الفيروس بسويسرا، مقارنة بـ16 في ألمانيا.

وقد أعلن المكتب الاتحادي السويسري للصحة العامة مؤخراً عن تسجيل أكثر من 9700 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا، وأكثر من 200 حالة وفاة على مدار ثلاثة أيام فقط.

وعلى الرغم من كل ذلك، تبنى الساسة والمسؤولون والمواطنون توجها متساهلاً نسبياً، بدون فرض إجراءات إغلاق مجدداً.

وقد ألغت الحكومة تقييد عدد المشاركين في الفعاليات العامة بـ 1000 شخص في بداية شهر أكتوبر الماضي.

وفي الوقت الذي فرضت فيه دول مثل فرنسا والنمسا ومناطق في إيطاليا إجراءات إغلاق جديدة، بدأت مراكز التسوق السويسرية موسم التسوق من أجل عيد الميلاد قبل عطلة ديسمبر الكبرى.

وقال وزير المالية أولي ماورير هذا الشهر في حوار نشره حزب الشعب السويسري اليميني الذي ينتمي إليه إنه «يتعين على الأطفال الذهاب للمدرسة، ويجب أن نكون قادرين على العيش، وكسب المال، والذهاب للتسوق».

وتتبنى الحكومة الاتحادية في بيرن اتجاه عدم التدخل فيما يتعلق بالكانتونات الـ26 في البلاد، حيث يحظى استقلالها الإقليمي بتقدير كبير.

وخلال الذروة الأولى للجائحة مطلع هذا العام، تولت الحكومة بصورة مؤقتة السيطرة، وأغلقت المحال والنوادي والمطاعم في أنحاء البلاد لمدة أربعة أسابيع.

مع ذلك، بمجرد أن هدأ الوضع، تم حل وحدة إدارة أزمة فيروس كورونا، وجرى إعادة المسؤوليات للكانتونات.

وعندما ارتفعت حالات الإصابة مجدداً في أكتوبر الماضي، نشر العشرات من الاقتصاديين خطاباً مفتوحاً مطلع نوفمبر الجاري.

وجاء في الخطاب «للأسف، وعلى الرغم من أن الأمر سيكون مؤلماً، تحتاج سويسرا الآن لإغلاق ثان»، وطالبوا بدعم مالي قوي للموازنة مع القيود.

وفي كانتون جنيف بغرب البلاد، خرج الوضع عن السيطرة، حيث ارتفع معدل الاصابات لمدة سبعة أيام لأكثر من 1000 حالة لكل 100 ألف مواطن، وخلال شهر نوفمبر الجاري، عندما أغلقت حكومة الكانتون المتاجر وأماكن تقديم الخدمات والمطاعم، أصبح بعض الأشخاص يتمتعون بقدر أكبر من حرية التنقل، حيث كانوا يتوجهون إلى كانتون فاود المجاور من أجل قص شعرهم لدى مصفف الشعر. واتخذت كانتونات أخرى إجراءات متأخرة، ففي بازل، سوف تغلق المطاعم والكازينوهات وأماكن ممارسة الرياضة هذا الأسبوع.

ومازال مكتب الصحة العامة هادئاً.

وقالت رئيسة المكتب آن ليفي لصحيفة زونتاج سبليك «أنا متفائلة بصورة حذرة تجاه هذا التطور، يبدو الأمر مثل نقطة تحول».

وأضافت «نحن لا نبلى بلاء أسوأ كثيراً من الدول الأوروبية الأخرى».

وعلى الرغم من انخفاض أعداد الاصابات لكل 100 ألف مواطن على مدار الأسبوع الماضي، إلا أنه مازال أعلى من بقية الدولة الأوروبية الأخرى.

ويبدو أن عدم توازن سويسرا بدأ يثير القلق في منظمة الصحة العالمية، التي تتخذ من جنيف مقرا لها. وقال ديفيد نابارو مبعوث منظمة الصحة العالمية لمجموعة سي اتش-ميديا الصحفية «إنه لأمر مفاجئ بالنسبة لي أن لا يتم التعامل مع الأمر على أنه مسألة طوارئ عامة».

وأضاف «المستشفيات امتلأت بالفعل، هذا وضع خطيرة للغاية»، مطالباً باتخاذ إجراء أكثر حزماً.