فجّر مستشار بارز للحكومة العراقية مفاجأة غير مسبوقة، قبل أيام، حين تحدث عن بدء اتصالات متتابعة بين بغداد والأمم المتحدة، لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يحوّل مهمته من مراقبة الانتخابات المبكرة إلى الإشراف التفصيلي؛ لضمان نزاهتها.

وقال خبراء ونواب إن هذا اعتراف من حكومة بغداد بالعجز عن ضمان انتخابات عادلة ونزيهة، بسبب تغوُّل القوى التقليدية ووجود سلاح الفصائل المتهمة بأنها تعمل لمنع التغيير في برلمان ٢٠٢١ المرتقب.

Ad

وتحولت هذه التطورات إلى العلن رسمياً، حين قامت ممثلة الأمم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، بتقديم إحاطة إلى مجلس الأمن الدولي، مساء أمس، قالت فيها إن المؤسسات العراقية تبدو بحاجة إلى مساعدة كبيرة لتنظم انتخابات عادلة في أجواء آمنة، وإن بغداد طلبت قراراً من مجلس الأمن الدولي بهذا الخصوص.

وقال حسين الهنداوي، وهو مستشار بارز لرئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، في تصريحات لوسائل الإعلام المحلية، إن بغداد تريد أن تتحول الأمم المتحدة من منظمة تراقب الانتخابات إلى طرف يشرف على التفاصيل الدقيقة، واصفاً ذلك بأنه الطريقة الوحيدة لمنع التلاعب بالنتائج.

وأشار الهنداوي أيضاً إلى أن الحكومة ستطلب من الجيش استخدام مخازنه العسكرية لحفظ صناديق الاقتراع، منعاً لإحراقها على يد المسلحين وتكرار ما حصل من تلاعب في انتخابات ٢٠١٨.

وفي تعليق على ذلك، ذكر خبراء قانونيون أن طلب بغداد إلى مجلس الأمن يعني عودة الوصاية الدولية جزئياً، بعد أن انتهت قبل بضعة أعوام نتيجة تطبيق معظم الاتفاقيات بين العراق والكويت، والتخلص من آثار غزو نظام صدام حسين.

وتهدد حركة تشرين الاحتجاجية المعارضة لنفوذ إيران، بأنها ستعبّئ الشعب لمقاطعة الاقتراع المقبل إذا لم يتم ضبط سلاح الميليشيات، المتهمة بقتل قادة الحراك، لمنعهم من استخدام شعبيتهم الواسعة في الوصول إلى البرلمان، وتشكيل كتلة كبيرة تمثّل الاحتجاج الشعبي وتسرع في الإصلاحات.

وكان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي شدّد، في مؤتمر صحافي عاصف، على أنه مسؤول عن تنفيذ مطالب المحتجين، لكن معظم الأحزاب، التي تمتلك فصائل مسلحة موالية لإيران، تحاول عرقلة ذلك، حسب وصفه.

وسبق للمرجع الديني الأعلى علي السيستاني أن طلب من الأمم المتحدة ضمان تحقيق مطالب الحركة الشعبية، لأن الانتخابات المقبلة فرصة مهمة لتغيير الوجوه السياسية، محذراً من تنظيم انتخابات تتخللها عيوب؛ لأن الشعب سيغضب بشكل خطير بعد ذلك، والأحزاب ستندم ويحصل ما لا تحمد عقباه.

وعلقت أوساط سياسية بأن طلب بغداد تدخل مجلس الأمن لا يمكن أن يكون شرعياً، إلا إذا وقع انقلاب أو احتلال، لكن أنصار الحكومة يقولون إن النفوذ الإيراني وسلوك الميليشيات يمثل حالةً أسوأ، مشيرين إلى أن حكومة الكاظمي ورثت عن الحكومة السابقة دولة مخترقة وتعجز عن مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية، وتحتاج إلى إسناد دولي.

وأشار الكاظمي، خلال جولته الأوروبية الأخيرة، مخاطباً حكومات لندن وباريس وبرلين، إلى أنه يريد خبرة أوروبا لحماية المؤسسات الديمقراطية، التي تواجه خطراً في بلاده.

وتردد حركة تشرين دوماً أنها ستقنع الأغلبية الصامتة بالمشاركة لدعم مرشحي القوى المعتدلة الإصلاحية، وتقليل حجم الكتل النيابية الموالية للفصائل المسلحة، التي تعيق الإصلاحات.

لكن حلفاء طهران يواصلون تنظيم حملات اغتيال وتهديد، أدت إلى هجرة معظم قادة الحراك الشعبي إلى إقليم كردستان الشمالي أو خارج البلاد، مما يجعل مشاركتهم في الاقتراع المقبل وتنظيم حملات انتخابية فاعلة أمراً صعباً.

كما أن تنظيم انتخابات ترفض حركة الاحتجاج نتائجها قد يؤدي إلى انهيار أكبر في النظام السياسي.