بعدين ماذا نعمل، درينا أن "العجز المتسارع يهدد الرواتب" مثلما جاء بمانشيت "الراي" أمس الأول، نعلم بهذا، فقد زففتم لنا مثل هذه الأخبار من زمن، زمن ليس ببعيد، قلتم أنتم أصحاب السلطة بلسان رئيس الوزراء السابق إن عصر الرفاهية انتهى، بعد سقوط أسعار النفط في عام 2014، وبعدها أيضاً تحدث وزير المالية ذلك الوقت أنس الصالح عن خشيته على مستقبل الدولة في تصريح صحافي، لكن ماذا حدث بعدها، لا شيء، تيش بريش!

كان الأمل ذلك الوقت وقبل كورونا وآثارها على اقتصاديات دول السلعة الواحدة والسلطة الواحدة مثل الكويت أن نطالع الأخبار بمانشيت يقول "الفساد المتسارع يهدد الدولة برمتها"، لكنكم لم تصنعوا أي شيء مع هذا الفساد المتنامي ولا مع العجز المتسارع، ظللتم، وكالعادة، تقدمون خطوة وتتراجعون عشراً، لماذا؟! لأنكم تدرون، ونحن ندري مثلكم، أنه لا توجد سياسة في الدولة، دعوا عنكم الكلام لمثل تلك الرتوش عن المجلس النيابي والانتخابات والحكومة والمحاسبات القانونية والمؤسسات التي تحد من السلطة الواحدة، السياسة اليتيمة التي تعرفونها ونعرفها معكم، هي سياسة الدينار في الداخل، ودبلوماسية الدينار في الخارج، غير هذا "ماكو شي"، وأنتم تعلمون أنه متى تخليتم عن نهج "اعطه من بيت المال" عندها الكبار والصغار من النافذين والسائرين على البركة ستنقلب أحوالهم وأحوال البلد من ألفها إلى يائها!

Ad

من يجرؤ الآن منكم يا حكومة الجبال الثابتة على أن يقول لابد من ضرائب تصاعدية حسب الدخول والثروات، ورفع الدعوم عن غير المحتاجين؟ من يجرؤ منكم على أن يحرك شعرة واحدة من امتيازات أسبغتموها على "ربيعكم" وجماعتكم؟! من يجرؤ منكم الآن على أن ينهي جداول كوادر مالية رهيبة لبعض الوظائف هي في حقيقتها "رشا مستترة" وترضيات اجتماعية؟! من يجرؤ على أن ينهي عقود استشاريين بعشرات الآلاف في معظم وزارات الخمال، سواء كان هؤلاء الخبراء وافدين أو مواطنين.

مثل هذا الكلام عن العجز المتسارع مأخوذة زبدته من زمن بعيد ومن بعد التحرير تماماً، العجز الحقيقي هو عجزكم في إدارة الدولة وغياب مشروع للدولة وغياب رؤية واقعية للمستقبل، لم يكن لديكم غير مشروع حكم، كما يكرر جاسم السعدون... ماذا نفعل؟ نحن لم نخلق العجز، هو ظرف لم نساهم فيه ولا نقدر على المساهمة في إيجاد حلوله، لأننا لا نملك من أمر الإدارة شيئاً، بيدكم الخيط والمخيط، وليس بيدنا غير هذه الهذرة الكلامية في الجرائد أحياناً، وفي تغريدات عليها سيف مصلت بالسجن والغرامة والحرمان من أبسط الحقوق المدنية. دعونا نشارككم بالسلطة مثلما تطلبون منا اليوم (بطريقة جس النبض الآن عبر وسائل الإعلام) أن نتحمل القادم المخيف... غير هذا لا يوجد كلام آخر.