من المتوقع أن يعيد عهد جو بايدن استقراراً نسبياً إلى البنتاغون، فيحاول الرئيس الجديد إعادة الاستقرار إلى عملية صناعة القرارات العسكرية تزامناً مع التشديد مجدداً على أهمية التحالفات وتكثيف جهوده للتعامل مع تنامي النفوذ الصيني.

لكن قد تواجه الإدارة الأميركية المقبلة تحديات كتلك التي واجهتها إدارة ترامب، لا سيما حين تحاول وزارة الدفاع الجديدة تقليص عمليات مكافحة التمرد وتُصعّب المقايضات التي تسمح بالتوجه نحو محور آسيا.

Ad

خلال السنوات الأربع الماضية، اعتاد ترامب على مفاجأة قادة البنتاغون عبر تغريداته على "تويتر" في مسائل كثيرة، بدءاً من سورية وصولاً إلى القواعد العسكرية التي سُمّيت تيمناً بقادة الولايات الكونفدرالية. كانت تصريحاته المفاجئة تُضعِف موقف قادة البنتاغون دوماً وتجبرهم على التخبط للرد على موقفه القائل إن تخفيض أعداد القوات العسكرية في ألمانيا هو ردّ على نقص الإنفاق العسكري، أو لمجابهة تحركاته الرامية إلى الانقلاب على قرارات الوزارة في مسائل حساسة ترتبط بالقضاء العسكري.

تُعتبر السياسات الشخصية من بين المجالات التي ستشهد نهاية واضحة، فقد أعلن الرئيس المُنتخب أنه سيغيّر قواعد ترامب التي تمنع المتحولين جنسياً من أداء خدمتهم العسكرية ويتخذ خطوات لحماية الجنود الذين يفتقرون إلى أوراق رسمية وعائلاتهم من الترحيل.

لكن في مسائل أخرى مرتبطة بالسياسة المركزية، ستتبنى الإدارة الجديدة على الأرجح مساراً مشابهاً، فقد سبق أن تعهد بايدن بإنهاء "الحروب اللامتناهية" ويتماشى هذا الموقف مع نهج ترامب.

يتوقع المحللون أن يتابع بايدن سحب القوات العسكرية من أفغانستان، حيث بدأت أعمال العنف تحتدم مجدداً تزامناً مع انطلاق المحاولات الدبلوماسية لتفعيل محادثات السلام، لكن بعدما أرسلت إدارة ترامب رسائل مختلطة حول احتمال سحب جميع الجنود خلال الأشهر المقبلة، بما يتماشى مع بنود الاتفاق المبرم بين الولايات المتحدة وحركة "طالبان"، أعلنت حملة بايدن أنها ستقرر إبقاء قوة عسكرية صغيرة لمواجهة "القاعدة" و"داعش".

لكن قد تبرز الحاجة إلى تمديد المهمّة الأميركية هناك نظراً إلى احتمال فشل محادثات السلام وضعف الحكومة الأفغانية في حال فشلها.

على صعيد آخر، أصرّ ترامب على إطلاق مواقف مدوّية تفاجئ قادة البنتاغون على مر عهده، فتعهد مرتَين بسحب جميع الجنود من سورية، ونتيجةً لذلك ساد تخبّط كبير في إحدى المناسبات لدرجة أن تضطر القوات الأميركية لقصف قاعدتها بنفسها، ومع ذلك، سمح ترامب في النهاية بإبقاء قوة مؤلفة من 700 عنصر تقريباً للتصدي لتنظيم "داعش" وإيران.

تقول كوري شاك، مديرة دراسات السياسة الخارجية والدفاعية في "معهد أميركان إنتربرايز": "ستكون إدارة بايدن أكثر سلاسة في تعاملها مع هذه المسائل، لكني أظن أن الهدف النهائي سيبقى مشابهاً لما أراده ترامب وأوباما سابقاً".

في عهد بايدن، من المتوقع أن يجعل البنتاغون الصين على رأس أولوياته الدفاعية، مثلما فعلت إدارة ترامب منذ طرحها استراتيجية عام 2018، لأن التقدم السريع في التكنولوجيا العسكرية والطموحات الصينية يضع بكين، برأي المسؤولين الأميركيين، في خانة "التهديد المتسارع".

لكن لن يسهل القيام بالمقايضات اللازمة لاسترجاع القوات العسكرية والموارد الخاصة بمنطقةٍ لطالما كانت البصمة العسكرية الأميركية فيها واسعة.

كذلك سيكون إصلاح نظام المشتريات في البنتاغون بالغ الصعوبة في حين تحاول الولايات المتحدة تحسين موقعها لمنافسة الصين القادرة على توجيه الابتكارات في القطاع الخاص بطريقة تعجز عنها الحكومة الأميركية.

برأي شاك، قد تميل إدارة بايدن إلى توسيع سيطرتها على القرارات العسكرية الصادرة عن البيت الأبيض، علماً أن البنتاغون اشتكى من هذه المقاربة كثيراً خلال عهد أوباما: "سيكون طرح الأهداف السياسية والامتناع عن تفعيل الخيارات التشغيلية والتكتيكية نهجاً أكثر ذكاءً. تستطيع الإدارة الأميركية بهذه الطريقة أن تثبت حسن نواياها أمام البنتاغون".

* «ميسي راين»