قام وزير الداخلية، بصفته مسؤولاً عن تنفيذ قانون الانتخاب، بشطب عدد من المرشحين لأسباب مختلفة، وهي عملية تقليدية تتم في كل انتخابات، حيث تنشأ لجنة تراجع مدى توافق المرشحين وسجلاتهم مع قانون الانتخاب، ثم ترفع اللجنة توصياتها للوزير الذي يصدر على ضوء ذلك قراراً باعتماد الشطب. ويحق للمشطوب أن يتقدم بشكوى للمحكمة العادية، يبدي فيها رفضه لقرار الشطب، ومن ثم تتخذ المحكمة قرارها، سواء بتثبيت الشطب أو بإلغائه.

مرة أخرى، فإن حق الناخب السياسي يجب أن تتوافر له جميع الضمانات، لكي لا يتم حرمانه منه بأي شكل من الأشكال، إلا أن قانون الانتخاب لا يوفر تلك الضمانات. وقد زادت الأمور تعقيداً بصدور عدد من القوانين المقيدة للحريات، التي جعلت السجن عقوبة للتعبير عن الرأي، وكان أن زادتها بحرمانه من حقه السياسي، والأدهى من ذلك أن ذلك التمادي لم يقتصر على الحكومة فقط، ولكن شمل ذلك نواباً يفترض أنهم من دعاة الإصلاح.

Ad

كنت قد طالبت مراراً وتكراراً بأنه لن نخرج من هذه المعضلة في المسألة الانتخابية إلا بإنشاء هيئة مستقلة للانتخابات تشرف عليها من الألف إلى الياء، وألا يكون للحكومة أي دخل فيها. ومن المهم أن تتطور هذه الهيئة المستقلة لكي تشرف على كل أشكال وأنواع الانتخابات في الكويت، من الجمعيات التعاونية إلى جمعيات النفع العام والأندية الرياضية، إلى النقابات والهيئات المستقلة وغيره، ويتم سحب ذلك الأمر من وزارة الشؤون نهائياً. وبالطبع يشمل ذلك الإشرافُ -ضمن ما يشمله- القيدَ الانتخابي والتثبت منه والشطب وإعلان النتائج وتحرير المخالفات الانتخابية وإحالتها للقضاء، وغير ذلك من الأمور، بشكل احترافي متخصص، بعيداً عن التدخلات السياسية.

وحسناً فعلت الحكومة بإعلانها عدم صدور قانون الهيئة المستقلة للانتخابات كقانون ضرورة، وإلا كانت ستكرر ما فعلته في ٢٠١٢، حيث أصدرته وتم إلغاؤه من المحكمة الدستورية، ومن المفترض أن تتقدم الحكومة بقانون جديد لإنشاء تلك الهيئة إلى مجلس الأمة الجديد، أعاننا الله عليه وعلى مخرجاته.

الانتخابات التي تتم بإشراف حكومي، بصرف النظر عن شفافيتها، بما في ذلك إعلان النتائج وشطب المرشحين، تضعُف مصداقية نتائجها، فضلاً عن ضعف الثقة في العملية الانتخابية برمتها.