افتخرت الحكومة العراقية، الشهر الماضي، بنجاحها في طرد الفصائل الموالية لطهران من مكاتب تحتلها داخل مطار بغداد، تحت عناوين تشريفات vip، ولكنها كانت تمثل خرقاً أمنياً يضر التزامات العراق بالمعايير الدولية لأمن المطارات، لكن مصادر سياسية رفيعة أفادت بأن تلك الفصائل خرجت من باب المطار، وستعود من شبابيكه وشيكاً!

وتضيف المصادر أن العودة ستكون من العيار الثقيل، فبدل المقرات داخل مكاتب صغيرة في الأروقة الخلفية لمباني قاعات الاستقبال والتوديع في مطار بغداد، سيكون للميليشيات مقر يمتد على نحو 20 دونماً، أو ما لا يقل عن 30 كم مربع داخل المطار الدولي.

Ad

وتشير وثائق وأخبار بثتها وسائل الإعلام الموالية للميليشيات والمناوئة لها، إلى أن معظم الموافقات الحكومية استُصدرت لإنشاء نصب تذكاري عملاق يمتد هو ومَرافقه ومنشآته ومتاحفه وفرق الصيانة وسواها، على مساحة لن تقل عن 30 كم، لتخليد حادثة اغتيال الأميركان، مطلع العام الحالي، كلاً من جنرال حرس الثورة قاسم سليماني ومرافقه العراقي جمال جعفر المعروف بأبي مهدي المهندس، قائد تشكيلات الحشد الشعبي.

واغتيل الرجلان بصاروخ على طريق يربط صالة القادمين بالبوابة الرئيسية للمطار، وأقيمت جدارية في موقع الحادث تخلد الرجلين، مع بورتريهات لشخصيات دينية وسياسية من أطياف مختلفة.

وشهد الرأي العام العراقي موجة اعتراض واسعة على الأنباء، التي قالت إن هيئة الحشد الشعبي استطاعت الحصول على موافقات من معظم الوزارات ذات الصلة، وأن توقيعاً واحداً ينقص الطلب، حالياً، من مكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي يمتنع عن ذلك حتى هذه اللحظة، لاعتبارات الموقف الشعبي، وخشية أن يتحول المبنى العملاق إلى مقر لعمليات حرس الثورة الإيراني داخل واحد من أكبر مطارات الشرق الأوسط، والذي توجد فيه قوات أجنبية ومقرات لشركات أمنية بريطانية وأميركية.

ويتعرض مطار بغداد لقصف دوري، منذ نحو عامين، تقوم به الفصائل الموالية لطهران، ويستهدف في العادة أطراف المطار، لكنه في الآونة الأخيرة وصل إلى صالة المسافرين أكثر من مرة، وأثار الهلع، وزاد مبالغ التأمين المفروضة دولياً على شركات النقل الجوي والمسافرين.

ويخوض فريق الكاظمي مواجهة كبيرة مع الفصائل المسلحة، منذ تشكيل الحكومة الجديدة في مايو الماضي، حيث عجزت الحكومة عن اعتقال أطراف ميليشياوية تتهم باغتيال قادة «حراك تشرين»، وقصف البعثات الدبلوماسية واستهداف المطارات ومنشآت نفطية.

ونجحت جهود سياسية، بينها اتصالات من مرجعية النجف الدينية وبعثة الأمم المتحدة، في التوصل إلى هدنة أَوقفت، منذ نحو شهر، هجمات الكاتيوشا، وقيل حينئذ إن لذلك صلة بانتظار الانتخابات الأميركية.

ويتوقع الخبراء أن يرفض الكاظمي طلب الفصائل إقامة النصب العملاق لسليماني، داخل مطار بغداد، مستنداً إلى رفض شعبي واضح، وخرق الوجود السياسي لحلفاء سليماني لمعايير الأمن في المطارات، لكن ذلك لا يعني تخفيف الضغوط بهذا الشأن، لاسيما أن الكاظمي متهم من أجنحة متشددة في العراق وإيران بأنه كان ضالعاً في الجانب الاستخباري من عملية اغتيال جنرال الحرس الثوري، حين كان الكاظمي يشغل منصب رئيس جهاز المخابرات وقت الحادث.