وسط مطالبات لفريقه القانوني بابراز أدلة على تزوير الانتخابات الرئاسية التي جرت في 3 نوفمبر الجاري، هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفضائح تكشف «فساد الاقتراع» في مقابلة مع شون هانيتي على «فوكس نيوز»، في وقت بدأت تبرز بين السطور عبارة يرددها جميع القادة الجمهوريين وهي ترشح ترامب لـ «رئاسية 2024» الأمر الذي قد يشكل مخرجاً لائقاً للرئيس الجمهوري.

لكن مصادر سياسية، قالت إن الحديث عن تراجع ترامب غير وارد الآن، خصوصاً بسبب المعركة على مقعدي مجلس الشيوخ في جورجيا في يناير. وتعتقد أوساط جمهورية أن «تنغيص» الفوز على الديمقراطيين سيبقي القاعدة الجمهورية محفزة حتى يناير. وفي حال احتفظ الجمهوريون بمجلس الشيوخ، فسيكون على الرئيس الديمقراطي جو بايدن التعايش مع أغلبية جمهورية ستفرض تنازلات كبيرة عليه في أجندته.

Ad

وبهذه الحالة، سيكون بايدن أسير هذه المعادلة أقله حتى انتخابات التجديد النصفي بعد عامين، بينما يعمل عامل الوقت ضده إذ بدأت بالفعل تظهر بوادر «حرب أهلية» في صفوف الحزب الديمقراطي وسط تبادل اتهامات بين الوسط واليسار حول سبب الفشل في إحداث «موجة زرقاء» في انتخابات مجلسي الكونغرس.

وعزّز الجمهوريون فرصهم بالاحتفاظ بالأغلبية في مجلس الشيوخ بعد نجاح السناتور عن ولاية كارولاينا الشمالية توم تيلليس في الاحتفاظ بمقعده. وبذلك ترتفع حصّة الجمهوريين إلى 49 سناتوراً مقابل 48 للديمقراطيين في مجلس الشيوخ المؤلّف من 100 سناتور.

ولا تزال هناك 3 مقاعد لم تُحسم نتيجتها بعد، أحدها في ألاسكا وهو يبدو شبه محسوم للسناتور الجمهوري المنتهية ولايته دان ساليفان الذي يتقدّم بفارق شاسع على منافسه الديمقراطي بحسب النتائج الجزئية التي تصدر ببطء في هذه الولاية المترامية الأطراف.

يأتي ذلك، بينما أفادت وسائل الإعلام بأن الحزب الديمقراطي ضمن ليل الثلاثاء- الأربعاء الاحتفاظ بسيطرته على مجلس النواب، مشيرة إلى أنه حصد ما لا يقل عن 218 مقعداً من أصل 435. غير أن النتائج بينت أيضاً أن من المرجح تقلص الأغلبية الزرقاء ما يعني مزيداً من تبادل الاتهامات.

وغداة موافقة وزير العدل بيل بار على إجراء تحقيقات حول احتمال حصول تلاعب بالانتخابات، رفعت حملة ترامب على غرار بنسلفانيا، دعوى قضائية، تطالب بإصدار أمر قضائي طارئ بوقف التصديق على نتائج ولاية ميشيغان حتى التأكد من أن عدّ الأصوات تم بشكل قانوني.

الميزانية

وفي خطة تلقي ظلالاً على العملية الانتقالية، أصدر ترامب تعليمات للوكالات الفدرالية بالعمل على إعداد ميزانية 2022.

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين أن هذا القرار أزعج موظفي الوكالات الفدرالية لأن خطة الميزانية يفترض أن تقدمها إدارة بايدن بداية العام المقبل، مشيرة إلى أن هذا المقترح عادة ما يصدر في شهر فبراير، أي بعد أسبوعين من مغادرة الرئيس المنتهية ولايته. وفي مؤشر على أنه قد يستخدم أشهره الأخيرة لتصفية الحسابات داخل إدارته، صعّد ترامب عدد من الموالين له إلى أدوار عليا في وزارة الدفاع (البنتاغون)، بعد أن قام عدد من كبار المسؤولين بتقديم استقالاتهم عقب إطاحة وزير الدفاع مارك إسبر.

وفي أعقاب رحيل إسبر وتولي مدير مركز مكافحة الإرهاب كريستوفر ميلر محله بأثر فوري، رقى ترامب كبير مستشاري مجلس الأمن القومي كاش باتيل إلى منصب رئيس الأركان.

وسمحت استقالة كبير مستشاري «البنتاغون» للسياسات، لترامب بأن يعين عوضاً عنه الضابط المتقاعد أنتوني تاتا، الذي سبق أن وصف الرئيس السابق باراك أوباما بأنه «زعيم إرهابي».

وفق صحيفة «ذا هيل»، كشف ترامب، لمقربين منه، أنه ينوي إقالة مدير مكتب التحقيقات الفدرالي كريستوفر راي، ومديرة وكالة المخابرات المركزية جينا هاسبل، مشيرة إلى أنه اشتكى وبعض الجمهوريين مراراً وعلناً منهما لأنهما لم يتعاونا في متابعة ادعاءات تجسس إدارة أوباما على حملته أو في التحقيق في التعاملات التجارية لهانتر نجل بايدن.

ويشعر خبراء الأمن القومي والديمقراطيون بقلق من احتمال حدوث اضطراب في مكتب التحقيقات الفدرالي ووكالة المخابرات المركزية أثناء الانتقال الرئاسي. وتوقعت قناة «ABC نيوز» أن «يقوم ترامب بتطهير أعضاء كبار في إدارته ممن كان غير سعيد معهم منذ فترة طويلة».

كما أن التغيرات قد تجعل من الأيسر على ترامب تنفيذ سياسات عارضها إسبر وساعدوه، مثل نشر القوات لقمع احتجاجات العرقية في بعض الولايات.

وفي حين قال ديمقراطيون، إن خطوة ترامب بعثت برسالة خطيرة إلى خصوم أميركا وقلصت الآمال في انتقال منظم للسلطة لبايدن، رفض بومبيو أمس الأول الاعتراف بنتائج الانتخابات ووعد بعملية «انتقالية سلسة» نحو ولاية ثانية لترامب.

وقال بومبيو، قبل قيامه بجولة خارجية تشمل فرنسا وتركيا وجورجيا وإسرائيل والإمارات وقطر والسعودية، «سنحتسب كل الأصوات وقادة العالم يدركون أنها عملية قانونية تستغرق وقتاً»، مضيفاً: «على العالم أن يثق تماماً بواقع أن العملية الانتقالية الضرورية لتعمل وزارة الخارجية في شكل فاعل اليوم، وفي شكل فاعل مع الرئيس الذي سيتولى منصبه بعد ظهر 20 يناير ستكون عملية انتقالية ناجحة».

وشدّد على أنّ «الوزارة مستنفرة تماماً لضمان أن تكون الانتخابات في كل أنحاء العالم حرة وعادلة وآمنة، وأن الموظفين التابعين لي يجازفون بحياتهم من أجل ذلك»، داعياً إلى انتظار النتيجة النهائية ورؤية ما قرّره الشعب عندما يتم فرز جميع الأصوات.

وتعليقاً على اتّصالات التهنئة، التي تنهال على بايدن من قادة العالم ويتخلّلها بحث ملفّات عديدة، قال بومبيو: «إذا كان هذا لمجرّد السلام فأعتقد أن لا مشكلة كبيرة في ذلك. لكن، لا تخطئنّ الظنّ، ليس هناك في آن واحد سوى رئيس واحد ووزير خارجية واحد وفريق واحد للأمن القومي».

واعتبر زعيم الأقلية الديمقراطية بمجلس الشيوخ تشاك شومر أن بومبيو منفصل عن الواقع وخاطبه قائلاً: «لقد فاز بايدن. فاز بالانتخابات. تخطَّ الأمر، فلدينا أزمة صحية مستفحلة. لا وقت لدينا لهذا النوع من الألاعيب».

في المقابل، اختار بايدن على ما يبدو تجاهل الفوضى وقلّل من جدوى موقف ترامب الإقرار بالهزيمة، مؤكداً أنه «يحرج نفسه ولا يخدم إرثه السياسي».

وخاطب بايدن، من منزله في وليمنغتون بولاية ديلاوير، ترامب بقوله: «سيدي الرئيس، أتطلع إلى التحدث معك»، معتبراً أن «عدم وجود نية للإقرار بفوزنا لا يؤثّر كثيراً على تخطيطنا، وبدأنا بالفعل في نقل السلطة، وقطعنا شوطاً كبيراً ورفض ترامب لا يغير التحرك على الإطلاق».وأكد بايدن أنه شدد خلال الاتصالات التي أجراها أمس الأول مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية آنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن، بأنّ «أميركا عادت ولم تعد وحيدة»، لافتاً إلى أنّ ردّهم اتّسم «بالحماسة وأنه واثق من استعادة الاحترام الذي كانت أميركا تتمتع به سابقاً».

كما أعلن بايدن عن عدة فرق انتقالية بينها، فريق الدفاع الذي ضم 15 امرأة من أصل 23 عضواً . ويعتقد على نطاق واسع أن بايدن سيسمي ميشيل فلورنوي لتصبح أول وزيرة للدفاع.

أزمة دستورية

إلى ذلك، استبعد زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل حدوث فراغ دستوري أو انقطاع في انتقال السلطة أياً كان من سيتسلم الإدارة الجديدة، مبيناً أنه يتوجب على الجميع التوقف عن فرك اليد قلقاً والتصرف كأن هذا وضع استثنائي.

وطمأن ماكونيل بأن الأمور ستسير وفقاً لما عهدته أميركا وستمضي هذه الفترة وسيحلف الفائز اليمين في 20 يناير 2021، كما تم كل أربع سنوات منذ عام 1793.

حرب إحصاءات

وأظهر إحصاء لمجموعة «مورنيغ كونسولت» أن 70 في المئة من الجمهوريين يشعرون بأن الانتخابات لم تكن لا حرة ولا عادلة، و78 في المئة منهم يعتقدون بأن التصويت بالبريد أدى للغش. و72 في المئة يعتقدون بأنه تم التلاعب بالأصوات. وأظهر استطلاع لرويترز إيبسوس أن 80 في المئة من الأميركيين بمن فيهم نصف الجمهوريين يعتقدون أن بايدن فاز بالانتخابات الرئاسية.