مساران رئيسيّان ومهمان ومكملان لبعضهما أمام قيادتنا السياسية، ممثلة في سمو الأمير وسمو ولي العهد، وفقهما الله.

المسار الأول هو حسم ملفات مؤجلة لفترات ليست قصيرة، فقد شهد أهل الكويت حالة من المنافسة والصراع المتوالي بين أبناء الأسرة الحاكمة، ترتب عليه تدافع غير محمود، استهدف التسابق على تولي مناصب قيادية في الدولة، دون أن يكون ذلك متوافقاً مع مكانة الأسرة، والتي ينبغي، دستورياً، أن تنأى بنفسها عن ذلك، فضلاً عن عدم أهلية معظم المتسابقين منهم لتولي تلك المناصب، ومع ذلك فقد تولى تلك المناصب والمهام عدد ليس قليلاً من المتنافسين منهم، ولا يزال التنافس مستمراً.

Ad

وشهدت السنوات القليلة الماضية تبدّلاً في مجموعة أعراف وتقاليد منبثقة عن الدستور أو مرتبطة به، أدت إلى تقديم مواقع أبناء الأسرة الحاكمة في المناسبات والفعاليات الرسمية، وتأخير مواقع أصحاب المناصب الرسمية، بمن فيهم الوزراء والقياديون الآخرون، وقد كان ذلك لافتاً وملحوظاً.

وكلا الملفين بحاجة إلى الحسم وإعادة الأمور لسياقها الطبيعي.

ولعل أسلوب تولية رئيس الوزراء والوزراء هو الآخر ملفٌ يتطلب حسمه، ليكون مستنداً إلى امتلاك القدرة وأخذ زمام المبادرة في المسؤوليات التنفيذية برؤية ومؤهلات بعيداً عن الترضيات، ليتولى مسؤولية رئاسة الوزارة الأفضل من أبناء الكويت، دون أن يقتصر الخيار على أبناء الأسرة، مع ضرورة أن يكون تشكيل الحكومات ووزرائها منطلقاً من برنامج وتجانس ومؤهلات بعيداً عن المحاصصة والمساهمات المتضادة أو المتضاربة، ومتجاوباً مع اتجاهات ومخرجات الانتخابات تحقيقاً للإصلاح الوطني المنشود، ومن ثم يكون معيار التوزير أو البقاء والاستمرار مقروناً بالأداء والنجاح، فقد ولى زمان العاجزين وغير المنجزين.

والمسار الآخر هو الحاجة إلى مصالحة وطنية واسعة، مصالحة تبدأ بتغيير النظام الانتخابي، وتركه خياراً شعبياً خالصاً، دون تدخل أو فرض أو تأخير، ثم تعرج على إعادة الكويت واحة للحريات بالأخذ بالاتجاهات التي كرسها الدستور، من جعل الحرية من ركائز الوطن وأركانه، فينتهي وجود القوانين المكبلة للحريات، والتي حاصرت الحرية السياسية، وقيدت حرية الرأي، ولاحقت حرية الصحافة والتعبير والنشر الإلكتروني بقوانين مبتدعة ومجحفة، وتبعتها حالة واسعة من الملاحقات غير المبررة، وقيود أمنية دخيلة على مجتمعنا، مؤكدين أن الحرية يجب أن تكون مسؤولة ومنضبطة، بعيداً عن الانفلات الذي يخشى معه من الفوضى، وأن يكون القضاء هو الفيصل في أي خروج أو إساءة استخدام الحرية. ويلحق بها طَي صفحة حالات تجريم الرأي أو التجريم السياسي خاصة بالنسبة لمن كان يتصدى لمظاهر فساد خطيرة شهدتها البلاد، والذي كان من آثاره وجود عدد ليس قليلاً من أبناء الوطن الغيورين خارج بلدهم، وممن كان لهم إسهام مشهود بالعمل الوطني، مما يستدعي إسدال الستار على وضعهم المقلق بعفو عام، يتم التوافق عليه مع بدايات مجلس الأمة القادم، ليحقق أبعاد المصالحة الوطنية، لتتم إعادة الفرح لهم ولأهليهم الذين طال عليهم الفراق.