عقدت في رأس الناقورة، في أقصى جنوب لبنان، بمقر القوات الدولية العاملة في لبنان «اليونيفيل»، أمس، الجولة الثانية من المفاوضات بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي برعاية الأمم المتحدة، وبوساطة أميركية حيث تم بحث ترسيم الحدود البحرية.

وقالت مصادر متابعة، لـ «الجريدة»، أمس، إن «المفاوضات كانت مختلفة عن اللقاء الأول الذي اقتصر على البروتوكول»، مشيرةً إلى أن «الحديث بدأ جدّياً وتطرق إلى التفاصيل التقنية» دون أي تفاصيل.

Ad

في المقابل، علمت «الجريدة» من مصادر في القدس، أن المفاوضات كانت مثمرة وجرت بـ «أجواء ايجابية وجيدة جداً»، على أن تستكمل اليوم الخوض في تفاصيل الترسيم من ناحية الخرائط المفصلة والمساحات الدقيقة.

وقال مصدر، لـ «الجريدة»، إنه لا يستبعد أن يتم الاتفاق قريباً ويبدأ الجانبان المفاوضات على الحدود البرية خاصة موضوع مزارع شبعا والخط الازرق.

«حزب الله»

وفي خطوة تعكس توتراً، فرض عناصر من «حزب الله» بلباس مدني، رقابة على وسائل الإعلام داخل الأراضي اللبنانية، وطردوا مراسلين صحافيين كانوا يغطون جلسة المفاوضات. وكشفت مصادر متابعة أنه «بعدما سمح الجيش اللبناني للصحافيين بارتياد النقطة المرتفعة بما يتيح للصحافيين تصوير المنطقة الساحلية التي تجري بمحاذاتها جلسة التفاوض، ظهر أربعة شبان بلباس مدني، وطردوا الصحافيين من المنطقة».

وقالت مراسلة «تلفزيون لبنان» الرسمي نايلة شهوان في «تغريدة»، أمس، إنه «لدى تغطيتنا جلسة التفاوض في الناقورة، وبعد أخذ الإذن بالتصوير من الجيش اللبناني أقدم ثلاثة شبان من المدنيين على طردنا من المنطقة، وعرفّوا أنفسهم بأنهم من حزب معين، وعند محاولتي الاتصال بالمعنيين في محطتي اتهموني بأني اقدم على تصويرهم فأخذوا الهاتف وعمدوا إلى تكسير ورمي عدة التصوير العائدة لنا وامهلونا 3 دقائق للرحيل وإلا».

كما أفاد مراسل صحيفة «النهار» بأنه «أثناء التغطية قام عناصر عرّفوا عن أنفسهم بأنهم تابعون لحزب الله، بمنع الجسم الإعلامي من التصوير، طالبين منهم مغادرة المكان فوراً، بحجة أن المنطقة أمنية ويمنع التصوير فيها، مع العلم أن المكان يسمح بالتصوير فيه من قبل الجيش اللبناني ويبعد حوالي 7 كيلومترات عن مكان إجراء المفاوضات».

وأثار الاعتداء موجة استنكارات، وأكدت وزيرة الإعلام في حكومة تصريف الأعمال، منال عبدالصمد، أن «ما حصل أمر مُستنكر ويستدعي تدخّل الأجهزة الأمنية المعنيّة لحفظ أمن الإعلاميين وكرامة المهنة».

كما اعتبرت الوزيرة السابقة مي شدياق أن «دولة حزب الله هي دولة اللا دولة! دولة قمع الإعلام والتعتيم!»، مضيفة: «منع التغطية لا يخفي أنكم مع إسرائيل تفاوضون!».

غانتس يرحب

وعشية جلسة المفاوضات، رحب وزير الدفاع الإسرائيلي رئيس الحكومة المقبل بيني غانتس، خلال تفقده تدريباً عسكرياً في القيادة الشمالية التي تشمل المنطقة الحدودية مع سورية ولبنان بـ «الأصوات الإيجابية في لبنان التي تتحدث ربما عن السلام وإقامة علاقات مع إسرائيل».

وأضاف غانتس: «هذا كلام مرحب به، ويجب أن يعلم اللبنانيون أن حزب الله هو مشكلتهم، لا إسرائيل، وأنه في حال تحرك حزب الله ضد إسرائيل فسوف يدفع لبنان الثمن. آمل ألا يحدث ذلك». يشار إلى أن ابنة رئيس الجمهورية اللبنانية كلودين عون كانت قالت في مقابلة عبر قناة «الجديد» الأحد الماضي انها لا تمانع أن «تقوم الدولة اللبنانية بإجراء سلام مع إسرائيل»، مضيفة: «أنا أدافع أولا عن مصالح بلدي لبنان». وسألت: هل المطلوب أن نبقى في حالة حرب؟ أنا ليس لدي خلاف عقائدي مع أحد، لكن خلافي سياسي».

وفد روسي

وتزامناً مع انعقاد جلسة مفاوضات الترسيم، جال أمس وفد روسي برئاسة كبير مساعدي وزير الخارجية والمبعوث الروسي الخاص إلى سورية ألكسندر لافرنتيف، وسفير روسيا لدى دمشق ألكسندر كينشاهاك على المسؤولين في لبنان.

وبينما قالت مصادر إن الوفد الروسي بحث ربط المفاوضات اللبنانية مع اسرائيل بملف الترسيم مع سورية، استقبل رئيس الجمهورية ميشال عون الوفد وبحث معه حسب بيان رسمي المبادرة الروسية لعودة النازحين السوريين والمؤتمر الدولي الذي سيُعقد في سورية حول هذا الموضوع.

بدوره، شدد لافرنتيف على «وقوف روسيا الى جانب لبنان في الظروف الصعبة التي يمر بها، متمنيا «مشاركة لبنان في المؤتمر الدولي المخصص لعودة النازحين الذي سينعقد في دمشق في 11 و12 نوفمبر المقبل».

بري: الحكومة العتيدة خلال أيام

على المستوى الحكومي كل المعطيات الميدانية والمُسرّب من معلومات، إضافة إلى المواقف، يؤشر الى أن حكومة الرئيس المكلف سعد الحريري باتت قاب قوسين من الولادة، والأرجح نهاية الأسبوع، وهو ما بشّر به رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، أمس، عندما قال إن «الحكومة العتيدة قد تبصر النور في غضون 4 أو 5 أيام إذا ما بقيت الأجواء إيجابية».

ومن المتوقع أن ينجز لقاء اليوم بين رئيس الجمهورية ميشال عون والحريري مسألة توزيع الحقائب، تمهيدا لإسقاط الأسماء، ما يوحي أن الحكومة باتت قربية جدا.

وأشارت مصادر متابعة، أمس، إلى أن «حقيبة الدفاع قد تبقى مع رئيس الجمهورية، وأن الحريري يرفض أن تذهب وزارة الطاقة إلى شخصية تدور في فلك رئيس التيار الوطني النائب جبران باسيل، ويريد أن تكون لشخصية متّفق عليها بينه وبين رئيس الجمهورية».

وأضافت أن «حزب الله غير متمسّك بحقيبة الصحة، ويبدو أنه سيتمّ الدخول إلى المداورة من باب هذه الحقيبة، وسيقايضها بحقيبة وازنة، ويبدو أن عين الحزب على حقيبة الأشغال، وأن تيار المردة مستعد للتنازل عنها مقابل حقيبة وازنة يرجح أن تكون التربية».