قبل 8 أيام على "الثلاثاء الكبير"، يطارد دونالد كل ثغرة ممكنة عبر الخريطة الانتخابية. وفي اللحظات الأخيرة من حملته الانتخابية، يتجول في جميع أنحاء البلاد، على أمل أن تؤتي التجمعات الكبيرة والرهانات الموضوعة في جميع المجالات ثمارها. في المقابل، يعتمد الديمقراطي جو بايدن سيناريو مناقضاً تماماً، فهو ينظم أحداثاً أقل وأصغر، ويقوم بمسح دقيق للولايات التي قد تكون بمثابة بوالص تأمين له، بل يبدو كأنه يتطلع نحو الحكم ما بعد الانتخابات دون أن يستخف بخصمه.

ورغم تقدمه المستمر في استطلاعات الرأي، حذّر بايدن أمس من إمكانية فوز ترامب في 3 نوفمبر، متهماً منافسه الجمهوري بمحاولة إخافة الناخبين من خلال التشكيك في شرعية التصويت.

Ad

وبعد أسبوع من مقابلة مماثلة أنهاها ترامب فجأة، ظهر بايدن، في برنامج "60 دقيقة على قناة CBS الإخبارية، واتهم الرئيس الأميركي بأنه "يحتضن كل ديكتاتور ويضع إصبعه في أعين الحلفاء"، منبهاً إلى أن "إيران أصبحت في عهده أقرب إلى السلاح النووي".

ورغم مخالفة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأحد خطوط الهجوم التي يستغلها ترامب في حملته الانتخابية بدفاعه عن علاقات الأعمال السابقة لنجله هانتر مع أوكرانيا أو روسيا، اعتبر بايدن أن موسكو تشكل أكبر تهديد في اختراق أمن وتحالفات الولايات المتحدة ، في حين أن بكين تمثل أكبر منافس لها.

وسارع المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للتنديد بتصريحات بايدن، مؤكداً أنها تقييم خاطئ يعزز شعور الكراهية، وروسيا قطعاً لا تتفق مع ذلك وتأسف لهذه الطريقة.

معركة كورونا

وإذ اعتبر أن وضع الكمامة فعل وطني، طمأن بايدن الأميركيين بأنه لا يحتاج إلى إغلاق الاقتصاد لمواجهة فيروس كورونا، ووعد بإعفاء من يقل دخله السنوي عن 400 ألف دولار من أي ضرائب إضافية.

وفي وقت سابق، اتهم بايدن ترامب بالاستسلام ورفع راية الهزيمة، معتبراً تأكيد كبير موظفي البيت الأبيض مارك ميدوز أنه "لن تتم السيطرة على الوباء" إقرار صريح بما كانت عليه استراتيجيته بكل وضوح منذ بداية الأزمة، بأنه تخلى عن واجبه الأساسي في حماية الشعب.

وقبل تسعة أيام من موعد الاستحقاق الرئاسي، تلقّت حملة ترامب نكسة جديدة، بعد تفشي الفيروس مجدداً في صفوفها، إضافة إلى فريق نائبه مايك بنس، وتسجيل أعلى حصيلة يومية للإصابات وإقرار ميدوز بأن الإدارة "تركز على واقع تلقي اللقاحات والعلاجات وغيرها من ميادين الاحتواء ولن تسيطر على الجائحة".

الأسبوع الأخير

ووسط هذه الأجواء، بدأ ترامب الأسبوع الأخير في حملة الدعاية الانتخابية قبل يوم التصويت في الثالث من نوفمبر بالاحتفال بنصر كبير على الديمقراطيين تمثّل بتثبيت مجلس الشيوخ لثالث مرشحيه القاضية المحافظة أيمي باريت في المحكمة العليا.

وقبل أن يقوم بعدة رحلات إلى ميشيغان وويسكونسن ونبراسكا وأريزونا ونيفادا، توجه ترامب إلى بنسلفانيا، التي سيكون لها دور في حسم نتيجة الانتخابات، وخطب في لقاءات جماهيرية في ثلاث مدن بالولاية.

وبعد التأكد من إصابة رئيس عامليه مارك شورت وعدد آخر من كبار معاونيه، واصل بنس نشاطه في الدعاية الانتخابية وزار ولاية كارولاينا الشمالية الأحد ومينسوتا أمس.

في المقابل، يسافر بايدن اليوم إلى جورجيا، التي لم تؤيد مرشحاً ديمقراطياً منذ 1992، وفاز بها ترامب في 2016 بفارق خمس نقاط مئوية تقريباً.

ومن المقرر أن يتوقف بايدن في أتلانتا وبلدة وورم سبرينغز التي توفي فيها الرئيس الديمقراطي فرانكلين روزفلت عام 1945، الذي تولى منصبه خلال الكساد الكبير وطرح برنامجه الخاص لإنعاش الاقتصاد.

وفي ظل مساعي بايدن للتوغل في الولاية الجنوبية، لتوسيع نطاق شعبية حزبه في وقت تظهر فيه استطلاعات الرأي أن السباق فيها متقارب، يشارك الرئيس السابق باراك أوباما اليوم في الدعاية الانتخابية لمصلحته في أورلاندو بولاية فلوريدا.

كامالا هاريس

وأضفت كامالا هاريس (56 عاما) أول مرشحة من أصول سوداء وهندية لمنصب نائب الرئيس، حيويّة على حملة بايدن وكسرت رتابتها وذكّرت بأجواء ما قبل الوباء، بخطاب في جورجيا على وقع الهتافات، وزارت مقهى شعبياً و"فاجأت" طلاباً ولم تتردد في توزيع الضحكات.

ومنذ نزولها من الطائرة الخاصة، أظهرت هاريس حماسة بالعودة إلى أتلانتا في جورجيا، وبدت راغبة في التواصل مع مشارفة الحملة الانتخابية على الانتهاء.

وأثناء مرورها بجورجيا، أجرت لقاءات انتخابية بنسق ماراثوني، عقب أشهر تعطلت خلالها الحملة الديمقراطية نتيجة تفشي الفيروس في فريقها. وأثناء حديثها مع طلاب جامعة تأسست قبل عقود لاستقبال السود في ظلّ الفصل العنصري، أكدت هاريس أن "هناك الكثير على المحكّ"، مشيرة إلى أن "ترامب الذي دافع في سبيل تحصيل شعبيّة، وفق نظرية أن أول رئيس أسود لم يصل إلى الولايات المتحدة بطريقة شرعية، يريد إقناع 20% من السود بالتصويت لمصلحته".

وفي ميشيغان، قالت هاريس، التي اختارها بايدن نائبة له، "إنهم يقرّون بالهزيمة، هذا ما كنت أقوله، وهذا ما كان جو بايدن يقوله منذ البداية".

معركة قانونية

وفي أحدث نزاع قانوني في معركة واسعة النطاق حول التصويت بالبريد، جددت حملة ترامب، أمس الأول، طلبها من المحكمة العليا الأميركية منع خطة ولاية كارولينا الشمالية لفرز الأصوات التي تصل بعد يوم الانتخابات الرئاسية في 3 نوفمبر.

ورفعت حملة ترامب والحزب الجمهوري دعوى قضائية بشأن الجدول الزمني بحجة انتهاكه قانون الانتخابات في الولاية. وجاء في الالتماس المقدم إلى المحكمة العليا: "هناك حاجة ماسة إلى أمر قضائي طارئ لضمان أن انتخاباتنا الفدرالية تحكمها القوانين التي يسنها ممثلو الشعب المنتخبون حسب الأصول، وليس نزوات وكالة حكومية غير منتخبة".

ورفضت محكمة الاستئناف الأميركية، الثلاثاء الماضي، محاولة لوقف مجلس انتخابات الولاية من فرز الأصوات المختومة بالبريد بحلول 3 نوفمبر، والتي تصل قبل 12 نوفمبر.

وتعد انتخابات، الشهر المقبل، بأن تكون أكبر اختبار للتصويت عبر البريد بسبب فيروس كورونا. ويخوض الديمقراطيون والجمهوريون حربا من الدعاوى القضائية بشأن هذه القضية. وأدلى نحو 60 مليون ناخب بأصواتهم بالفعل، بما فيهم ترامب نفسه، الذي حذر مراراً من أن التصويت عبر البريد سيؤدي إلى احتيال واسع النطاق، في حين سعى بايدن والحزب الديمقراطي إلى إزالة العقبات أمامه، نافين الادعاءات بوجود هذا التلاعب.

المجمع الانتخابي

وفي تحليل أسندته صحيفة "وول ستريت جورنال" لبيانات ثلاث منظمات غير حزبية، من المتوقع أن تحسم الرئاسة الأميركية 187 صوتاً في المجمع الانتخابي من 538.

وهذه الأصوات مقسمة بين 11 ولاية ودائرتين، هي ولايات فلوريدا وجورجيا وآيوا ونورث كارولينا وأوهايو وتكساس وأريزونا وميشيغان ونيفادا وبنسلفانيا وويسكونسن، ودائرتين في نبراسكا ومين.

وبينما هناك 187 صوتاً محل خلاف، يرجح أن يحصل بايدن على 226 صوتاً في ولايات تصوت عادة للديمقراطيين أو تميل نحوهم.

وتعود هذه الأصوات إلى ولايات متأرجحة وتعد الهدف الأساسي لكسب الأصوات. ومن المتوقع أن يضمن ترامب 125 صوتاً، ليحتاج أكثر من بايدن إلى الحصول على عدد أكبر من الأصوات الـ187.

وتشير خريطة توضح سيناريوهات محتملة للنتيجة إلى أن بعض الولايات هامة جدا لترامب للوصول إلى 270 صوتاً لأزمة لضمان الفوز.

وتشير أيضاً إلى أن لدى بايدن 104 طرق للفوز بهذه الولايات، وترامب 64 طريقة، لذلك تزداد أهمية فوزه بعدد أكبر من الأصوات في هذه الأماكن الحاسمة.

وعلى سبيل المثال، تشير الصحيفة إلى أن فوز بايدن بفلوريدا يعني حتمية فوز ترامب بولاية أخرى مثل أوهايو، بينما لو خسر بايدن فلوريدا ستكون له فرص أخرى لتعويض هذه الخسارة.