بدأ الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الأربعاء حملة ميدانية لدعم المرشّح الديمقراطي جو بايدن وحشد التأييد له في صفوف الناخبين الشباب والسود، اعتبر فيها أنّ الولايات المتحدة «غير قادرة على تحمّل» ولاية جديدة للرئيس دونالد ترامب، مهاجماً بعنف طريقة إدارته لجائحة «كوفيد-19».

وأكّد أوباما البالغ من العمر 59 عاماً أن أي رئيس كان ليواجه صعوبات في التصدي للجائحة قائلاً «لم نشهد أمراً مماثلاً منذ مئة عام»، وذلك في حلقة نقاش مع ممثلين لمجتمعات السود في فيلادلفيا حيث سينظّم تجمّعاً على طريقة «درايف إن» دعماً للمرشّح الديمقراطي.

Ad

وندد أوباما بـ «درجة انعدام الكفاءة والتضليل» لدى الإدارة الحالية، معتبراً أن «كثراً كانوا بقوا على قيد الحياة لو قمنا بالأمور الأساسية»، وتابع «نحن غير قادرين على تحمّل هذا الأمر لأربع سنوات إضافية».

وتابع أول رئيس أسود للولايات المتحدة هجومه على ترامب خلال الكلمة التي ألقاها في التجمّع الذي نظّم على طريقة «درايف إن» حيث بقي المناصرون داخل سياراتهم في مجمّع رياضي في المدينة.

وقال الرئيس السابق إنّ ترامب «غير قادر على أن يأخذ مهامه الرئاسية على محمل الجدّ»، داعياً ناخبي بايدن إلى التصويت بكثافة وعدم «الاكتفاء» بالتقدّم الذي تظهره الاستطلاعات، وأضاف «أنا لا أبالي باستطلاعات الرأي»، مذكّراً بأنّ هذه الاستطلاعات توقعت في 2016 أن تفوز هيلاري كلينتون بالرئاسة قبل هزيمتها المفاجئة أمام ترامب، وأضاف أنّه يومها «بقي الكثير من الناس في منازلهم، وكانوا كسالى وراضين عن أنفسهم، ليس هذه المرّة! ليس في هذه الانتخابات!».

واعتبر أوباما أن الديمقراطية لا يمكن أن تنجح في ظلّ رئيس «يكذب يومياً»، وأضاف «هذا ليس تلفزيون الواقع، هذا هو الواقع، والبقية منّا تعيّن عليها أن تعيش مع عواقب ترامب الذي أثبت أنّه غير قادر على أخذ هذه المهمّة على محمل الجدّ»، وواصل «التغريد أثناء مشاهدة التلفزيون لا يحلّ المشاكل».

استطلاعات الرأي

ونظّم هذا التجمّع فيما كان ترامب يزور كارولاينا الشمالية، إحدى الولايات التي ستشهد معركة انتخابية حامية في استحقاق الثالث من نوفمبر.

وأظهر استطلاع لنوايا التصويت أجرته جامعة كوينيبياك نشر الأربعاء تقدّم بايدن في ولاية بنسلفانيا مع نسبة تأييد تبلغ 51 بالمئة مقابل 43 بالمئة لترامب الذي كان قد فاز في الولاية بفارق ضئيل في انتخابات 2016.

كذلك أظهر استطلاع لنوايا التصويت على الصعيد الوطني أجرته الجامعة نفسها أن حظوظ ترامب بالفوز بولاية ثانية ضعيفة.

والمرشّح الديمقراطي متقدّم في الاستطلاعات على صعيد الوطن. وفي ولاية تكساس التي فاز فيها ترامب في الانتخابات الأخيرة بفارق تسع نقاط وحيث لم يفز أي مرشّح ديمقراطي منذ الرئيس الأسبق جيمي كارتر في العام 1976، تظهر الاستطلاعات تعادل المرشّحين في نوايا التصويت مع 47 بالمئة لكل منهما.

في المقابل، لم يقم بايدن البالغ من العمر 77 عاماً الذي يتصدّر الاستطلاعات بأي ظهور علني لليوم الثالث على التوالي، ما دفع خصمه إلى اتّهامه بـ «الاختباء».

وأعلنت حملة المرشّح الديمقراطي أن بايدن يستكمل استعداداته للمناظرة الثانية والأخيرة أمام ترامب، والتي ستجرى الخميس في مدينة ناشفيل في ولاية تينيسي.

نجومية أوباما

أوباما: الديمقراطية لا يمكن أن تنجح مع رئيس يكذب يومياً

ولم يعلن أوباما تأييد أي مرشّح في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، لكنّه دعم بايدن بعد فوزه بالترشّح للرئاسة.

وتعوّل حملة بايدن على «نجومية» أول رئيس أسود للولايات المتحدة وشعبيته لزيادة الإقبال على التصويت في صفوف الناخبين الشباب والمتحدرين من أصول إفريقية، والذين يعدّون شريحة أساسية من شأن كسب الديمقراطيين تأييدها أن يعزّز بشكل كبير حظوظهم بالفوز بالرئاسة.

وكان إقبال الأمريكيين من أصول إفريقية على التصويت في انتخابات 2008 و2012 قياسياً، لكنّه تراجع في انتخابات 2016، ما ساهم في فوز ترامب على حساب منافسته حينها هيلاري كلينتون.

والثلاثاء وجّه أوباما تسجيل فيديو للناخبين الشباب، قال فيه إن «أحد أكثر الأمور إلهاماً هذا العام هو رؤية هذا العدد الكبير من الشبان الأمريكيين ينظّمون بحماسة معركة التغيير ويناضلون من أجله»، وتابع أوباما «جيلكم يمكن أن يكون الجيل الذي يخلق في أمريكا واقعاً جديداً أكثر إنصافاً يعامل فيه النظام الجميع بشكل متساو، ويمنح فرصة للجميع».

وقال أوباما «هناك حراك متنام من أجل العدالة والمساواة والتقدّم في عدد كبير من القضايا»، وإن «ذاك الزخم لن يستمر إلا إذا فزنا في الانتخابات»، وتابع «أنا أعرف جو أكثر من أي شخص آخر تقريباً»، وأضاف «أنا على ثقة بأنه سيكون رئيساً عظيماً».

«مسألة وجودية»

على الرغم من أن الرئيس الجمهوري أمضى القسم الأكبر من ولايته في محاولة التخلّص من الإرث السياسي لسلفه، إلا أن الرئيس السابق لا يعتبر الانتخابات «مباراة ضغينة مع ترامب»، وفق كبير المستشارين الاستراتيجيين السابق لأوباما ديفيد آكسلرود.

وصرّح آكسلرود لشبكة «سي إن إن» الإخبارية الأمريكية أن أوباما «يرى في الأمر مسألة وجودية للبلاد وللديمقراطية»، واعتبر أن توفير الديمقراطيين دعم أوباما الميداني لبايدن حتى هذه المرحلة كان خياراً استراتيجياً.

وقال آكسلرود «كان من الذكاء عدم الإفراط في استغلال شعبية أوباما»، موضحاً أن الديمقراطيين استعملوا ورقة أوباما في «حملات رقمية موجّهة تحديداً لدوائر انتخابية يحتاجون فيها إلى رفع نسب مشاركة الشبان وأصحاب البشرة الملونة».

نهاية الجائحة

وفي حين غاب بايدن في الأيام الأخيرة عن الأضواء، سعى ترامب لاستعادة الحماسة التي كانت سائدة في صفوف الجمهوريين قبل أربع سنوات، وذلك عبر تنظيم تجمّعات في الولايات التي ستشهد معارك انتخابية حامية.

وهو يجمع في خطابه التفاؤل، إذ يواصل التأكيد على أن جائحة «كوفيد-19» باتت شبه منتهية، والتركيز على إلصاق تهمة الفساد ببايدن واتّهام نجله هانتر بالاستفادة من منصب والده لإبرام صفقات.

والأربعاء ردّت كامالا هاريس التي اختارها بايدن نائبة له، على الهجمات التي تستهدف نجل بايدن خلال زيارة تجريها في كارولاينا الشمالية لحضّ الناخبين على الاقتراع المبكر، وقالت هاريس «من الأمور التي أحبّها في بايدن عدم مهاجمته أولاد الآخرين أو تطرّقه إليهم».

وكان من المفترض أن ترافق السيدة الأمريكية الأولى ميلانيا زوجها إلى كارولاينا الشمالية، لكن مشاركتها في التجمّع ألغيت احترازياً بسبب «سعال» لا تزال تعاني منه منذ إصابتها بـ «كوفيد-19».

ويشارك ترامب الأربعاء في تجمّع انتخابي في غاستونيا في كارولاينا الشمالية، لكن حملة بايدن تتّهمه بمخالفة توصيات مكافحة فيروس كورونا في الولاية.

وحتّى الآن، أدلى 40 مليون أمريكي على الأقل بأصواتهم وفق مرصد الانتخابات في جامعة فلوريدا، ويشكّل هذا الرقم نحو 30 بالمئة من إجمالي المقترعين في انتخابات 2016.

ومن بين الذين اقترعوا بشكل مبكر السناتور عن يوتاه ميت رومني، العضو الجمهوري الوحيد في مجلس الشيوخ الذي صوّت لصالح إدانة ترامب في المحاكمة التي كانت ترمي لعزله.

وفي مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأمريكية رفض رومني الإفصاح عن هوية المرشّح الذي صوّت له، لكنّه قال «لم أصوت للرئيس ترامب».