في أجواء توتر غير مسبوقة عززتها جولات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المكوكية على جميع الولايات وعودة سلفه باراك أوباما لتعويض غياب المرشح الديمقراطي جو بايدن عن الساحة، شهد الاقتراع المبكر في الانتخابات الرئاسية إقبالاً تاريخياً، تخللته "أخطاء إدارية وتقنية" وحالة من "عدم الثقة"، بحسب تقرير جديد لموقع الإذاعة العامة (NPR).

وصوت في الاقتراع لاختيار الرئيس الأميركي القادم وأعضاء في الكونغرس أكثر من 36 مليون شخص، وفق تقديرات "مشروع الانتخابات"، وهو ما يمثل أكثر من 7 أضعاف عدد الأصوات التي تم الإدلاء بها في هذا الوقت من سباق 2016.

Ad

وأكد مسح أجرته شركة البيانات "تارغت سمارت" ارتفاع نسبة التصويت بالبريد بين الديمقراطيين 53 في المئة مقابل 36 في المئة للجمهوريين، موضحة أن الأشخاص أكبر من 50 عاماً شاركوا بنسبة 70 في المئة، ارتفعت كذلك نسبة المصوتين من صغار السن ومن أصول إفريقية، مقارنة بالسباق الماضي.

وسادت حالة من تراجع الثقة في التصويت، هذا العام خصوصاً بين أنصار الرئيس دونالد ترامب، الذي شكك مراراً بنزاهة الانتخابات وتحدث عن تزوير وإلقاء بطاقات في القمامة.

ووجد استطلاع لمركز "بيو" للأبحاث، أن نسبة الناخبين المسجلين الذين يقولون، إن الانتخابات تتم إدارتها جيداً انخفضت خلال العامين الماضيين، من 81 في المئة في أكتوبر 2018 إلى 62 في المئة.

أخطاء وبلاغات

وشهد الاقتراع المبكر بعض الأعطال التقنية، مما تسبب في طوابير طويلة أمام مراكز الاقتراع، مثل جورجيا وتكساس، الأسبوع الماضي، عندما انتظر ناخبون عدة ساعات قبل الإدلاء بأصواتهم.

ومع زيادة الإقبال على التصويت بالبريد، سُجل العديد من حالات الأخطاء الإدارية، ويتم الإبلاغ يومياً عن حالات لإرسال بطاقات اقتراع للناخبين تحتوي على أخطاء.

وفي ولاية جورجيا، قال مسؤول الشؤون الخارجية الجمهوري براد رافنسبيرغر، إن قاعدة بيانات التسجيل المستخدمة للتحقق من الأشخاص تعطلت بسبب كثرة الدخول عليها.

وأدى خلل في جهاز تسجيل البيانات في مقاطعة فورت بيند، بولاية تكساس، إلى إغلاق أربع مناطق على الأقل هناك.

وأعلنت مقاطعة أليغيني، في ولاية بنسلفانيا، الأسبوع الماضي، أن الشركة المسؤولة عن طباعة بطاقات الاقتراع وإرسالها بالبريد أرسلت أوراق اقتراع خاطئة إلى نحو 29 ألف ناخب.

وفي أوهايو ونيويورك تم الإبلاغ أيضاً الشهر الماضي عن أخطاء في بطاقات اقتراع بريدية لآلاف الناخبين في أوهايو ونيويورك.

عنف البيض

وفي ظل تأهب بمختلف الولايات لشغب محتمل وكذلك وضع عمالقة الانترنت مثل فيسبوك وتويتر خطة طوارئ لإبطاء المحتوى التحريضي، حذر خبراء في الإرهاب، في تصريحات لموقع "بيزنس إنسايدر"، من أن متطرفين روساً قد يستغلون علاقات ونفوذ موسكو لدى جماعات تفوق البيض لإثارة العنف يوم 3 نوفمبر، مشيرين إلى أن الدعاية الروسية والمعلومات المضللة يمكن أن تؤدي إلى إثارة الفوضى يوم الانتخابات.

وقال زميل السياسة الخارجية في معهد بروكنغز دانيال بيمان: "روسيا تريد الفوضى، والعنف يخدم ذلك، ويقسم الناس، ويقلل الثقة في المؤسسات".

واتهم الخبير في الإرهاب بمعهد ميدلبري بكاليفورنيا جيسون بلازاكيس روسيا بالسعي إلى "إشعال فتيل تفوق البيض"، الذين رفض ترامب إدانتهم وطالبهم بالاستعداد، مبيناً أن "من مصلحتها عدم الاستقرار السياسي للولايات المتحدة وتظل جهود التضليل السيبراني الذي يستهدف اليمين الراديكالي جزءاً من مجموعة أدوات تُستخدم لإشعال فتيل تفوق البيض".

ووفق "بيزنس إنسايدر"، فإن انتخابات 2020 أثبتت أنها الأكثر إثارة للجدل في التاريخ الحديث.

ترامب وأوباما

وقبل عودته لفلوريدا، التي بدأت التصويت المبكر، واصل دونالد ترامب جولاته وسرّع وتيرة تنقله بين الولايات، في تناقض تام مع خصمه بايدن، الذي ابتعد عن الأضواء قبل أسبوعين من الاقتراع ولازم منزله لليوم الثاني على التوالي.

وفي بنسلفانيا، إحدى الولايات الست التي يتعيّن على ترامب الفوز فيها للحصول على ولاية جديدة، عقد أوباما، أمس الأول، تجمع دعماً لنائبه السابق، في زيارة أخذت شكل "درايف إن" أي المرور بسيارة أمام مناصريه الموجودين في سياراتهم شجّع فيها أبناء الولاية، التي تعتبر معقلاً للديمقراطيين، على التصويت المبكر.

وبعد عقده تجمعين الاثنين في أريزونا، قام ترامب بزيارة بنسلفانيا، التي فاز بها بفارق ضئيل جداً في 2016، مؤكداً أن "بايدن سياسي فاسد وكل ما يعرفه بايدن هو البقاء في منزله"، مضيفاً أنه أوقف نشاطه "لمدة خمسة أيام".

وغابت ميلانيا ترامب، التي أصيبت بفيروس كورونا في نفس الوقت مع زوجها وشفيا منه، عن ظهورها الأول في تجمع انتخابي منذ أكثر من سنة كإجراء احتياطي بسبب "سعال".

مناظرة حاسمة

وعشية مناظرتهما التلفزيونية الحاسمة، صعد ترامب هجماته الشخصية ضد بايدن. وباتت لهجته أكثر عدائية من أي وقت مضى، مجدداً اتهامه لخصمه وعائلته بأنها "مؤسسة إجرامية".

ولم يكتف ترامب بوصف خصمه بأنه "مجرم"، بل طالب وزير العدل بيل بار بفتح تحقيق "جنائي" بحقه. ويتمحور هجومه ترامب حول أنشطة عائلة بايدن، وتحديداً أنشطة نجله هانتر في الصين وأوكرانيا، مؤكداً أنه استغل الفترة التي شغل فيها والده منصب نائب الرئيس بين عامي 2009 و2017.

وبعد المناظرة الأولى، التي عمتها الفوضى وتبادل الاتهامات، تجري المناظرة الأخيرة بين الرجلين في ناشفيل بولاية تينيسي. وقال ترامب: "لا شيء منصفاً في هذه المناظرة"، مكرراً هجماته الشخصية ضد كريستن ويلكر التي ستدير المناظرة وكذلك ضد اللجنة المستقلة المكلفة تنظيمها.

ولتجنب الفوضى التي سادت أول مناظرة سيتم تعديل قواعد هذه المناظرة وخصوصاً قطع الميكروفون عن المرشّح حين لا يكون دوره في الكلام.

وقالت لجنة المناظرات الرئاسية إنّه خلال المناظرة سيكون أمام كلّ من ترامب وبايدن مدّة دقيقتين للإجابة عن سؤال يطرحه عليهما أو على أحدهما مدير الندوة، وخلال هذا الوقت سيكون الميكروفون مقطوعاً عن المرشّح الآخر المفترض به أن ينصت إلى إجابة منافسه.

وما أن يُنهي كلا المرشّحين دقيقتيه المخصّصتين للإجابة، يتحوّل الأمر عندها إلى نقاش مفتوح بينهما فيصبح بإمكانهما التحاور مباشرة وتكون تالياً ميكروفوناتهما مفتوحة في نفس الوقت.

وأضاف ترامب: "سأقوم بذلك مهما حصل، لكنه أمر غير منصف، ويقول البعض، إنه يجب تركه يتكلم لأنه ينتهي به الأمر على الدوام بالإرباك".

استطلاعات وأموال

وأظهر استطلاع أجرته أخيراً صحيفة "نيويورك تايمز" و"كلية سييينا أن بايدن يتقدّم على ترامب بتسع نقاط، علماً أن استطلاعات أخرى تعطي نتائج أكثر تقارباً على غرار مركز "آي بي دي/تي آي بي بي"، الذي توقّع بدقة نتائج انتخابات 2016، وأظهرت نتائجه أن الفارق 2.3 نقطة فقط.

وأفادت إفصاحات قدمت إلى لجنة الانتخابات الاتحادية، أمس الأول، بأن أن حملة بايدن دخلت المرحلة الأخيرة من السباق بتفوق مالي كبير وجمعت أموالاً وأنفقت أكثر من حملة ترامب في سبتمبر، وأصبحت إعلاناتها السياسية أكثر انتشاراً على شاشات التلفزيون.

وفي نهاية سبتمبر، كان لدى حملة بايدن 177 مليون دولار، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف مبلغ 63 مليون دولار لدى حملة ترامب.

وجمعت حملة بايدن 281 مليون دولار خلال الشهر، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ما جمعته حملة ترامب. وأنفقت أكثر من مثليها على الإعلانات التلفزيونية والإذاعية.