أثار فوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل 4 سنوات شكوكاً غير مسبوقة تتعلق بإمكانية الوثوق باستطلاعات الرأي. فهل يمكن الاعتماد عليها هذه المرة؟

وقبل 16 يوماً على انتخابات 2020، يتقدّم الديمقراطي جو بايدن على الرئيس الجمهوري بتسع نقاط مئوية على الصعيد الوطني، بحسب معدلات استطلاعات نشرها موقع «ريل كلير بوليتيكس».

Ad

وفي 2016، خسر ترامب في التصويت الشعبي أمام هيلاري كلينتون، لكنه فاز بما يكفي من الولايات لجمع أصوات الهيئة الناخبة التي يحتاج إليها ليصبح رئيساً.

وهذه السنة، يُنظر إلى 6 ولايات على أنها أساسية للوصول للبيت الأبيض، هي فلوريدا وكارولاينا الشمالية وأريزونا وويسكنسن وبنسيلفانيا وميتشيغان.

لكن إذا صحت الاستطلاعات، يبدو بايدن في وضع أفضل، رغم أنه أحياناً ضمن هامش الخطأ، ويتراوح تقدمه بفارق يبلغ ما بين 1.7 نقطة مئوية في فلوريدا إلى 7.2 في ميشيغان.

وعشية الانتخابات، توقّعت الاستطلاعات بشكل صحيح تقدما طفيفا لكلينتون على الصعيد الوطني، لكنها «أخطأت في بعض ولايات وسط الغرب المتأرجحة» التي فاز فيها ترامب بنهاية المطاف.

ووفق ماكريس جاكسون من مركز «إيبسوس للشؤون العامة»، فإن التمثيل الأقل ضمن عينات الاستطلاع للسكان البيض الذين لا يحملون شهادات جامعية ممن صوّتوا لترامب كان من أسباب ذلك.

وتشير معظم معاهد الاستطلاعات إلى أنها أدخلت تصحيحات على منهجيتها العامة لاستبعاد أخطاء كهذه في الانتخابات المقبلة.

وتجري هذه المرة استطلاعات باهتمام أكبر وبشكل أكثر تكراراً في الولايات الحاسمة التي لم تشهد ما يكفي من الاستطلاعات المرة الماضية.

وإضافة إلى ذلك، يشير منظمو الاستطلاعات إلى ثبات النتائج هذه المرة. فمنذ الربيع، تقدّم بايدن بمعدل لم يتراجع إطلاقا عن أربع نقاط مئوية.

في نهاية المطاف وفي بلد يشهد استقطابا شديداً، هناك عدد أقل بكثير من الناخبين المترددين الذين قد يقلبون المشهد في اللحظة الأخيرة.

يشعر البعض أن هناك ناخبين يتحفظون عن التصريح في الاستطلاعات عن تفضيلهم لترامب نظرا للجدل المحيط به.

وكانت «مجموعة ترافالغار»، مؤسسة الاستطلاعات التي يفضلها الجمهوريون وتستخدم نهجاً يأخذ في الحسبان احتمال تحفّظ الناخبين، بين الجهات القليلة التي توقعت فوز ترامب عام 2016 في بنسلفانيا وميشيغان. لكنها هذه المرة تمنح الأفضلية لبايدن في ولايات حاسمة على غرار بنسلفانيا وويسكنسن.

وقبل أربعة أعوام، كان ترامب مجرّد رجل أعمال جديدا على الساحة السياسية. وبالتالي، عادة يصعب على الجهات المنظمة للاستطلاعات تقييم هذا النوع من المرشحين.

ويعلّق جاكسون على ذلك بالقول إن «لكل شخص رأيا فيه الآن، لذا لا يفاجأ الجميع بالدرجة نفسها في دونالد ترامب».

وبناء على حسابات أجرتها صحيفة «نيويورك تايمز»، سيفوز بادين حتى لو كانت الاستطلاعات الحالية في كل ولاية خاطئة بالدرجة نفسها التي كانت عليها قبل أربع سنوات. وكتب الصحافي لدى «نيويورك تايمز» نيت كون، أخيرا، أنه «وفق معدل استطلاعاتنا، احتمال فوز بايدن في تكساس التي ستمنحه أكثر من 400 من أصوات الهيئة الناخبة، أكبر من احتمال فوز الرئيس ترامب في ولايات متأرجحة تقليديا على غرار بنسلفانيا ونيفادا».

لا يزال منظمو الاستطلاعات والمحللون يتوخون الحذر في إشارتهم إلى أن نوايا التصويت لا يمكن أن تكفي كتوقعات، وأن هناك هامش خطأ.

تحوّلات أخيرة

وبإمكان الحملات الانتخابية أن تشهد تحوّلات، إذ إن نتيجة الانتخابات الرئاسية في 2016 حُسمت على الأرجح في اللحظات الأخيرة.

يذكر أنه عند 16 يوما قبل موعد الانتخابات تلك، رجّح موقع «فايف ثيرتي إيت» فوز كلينتون بنسبة 86 في المئة، وهو أمر بتكرر مع بايدن الآن.

وفي الولايات المتحدة، يتبدّل تسجيل الناخبين بشكل هائل، وهو أمر يجعل من الصعب خصوصا توقّع نسب المشاركة.

ويشير ترامب لدى مخاطبة أنصاره في تجمّعاته الانتخابية إلى أن الزخم يصب في مصلحته، لكن هل سيُترجم ذلك في صناديق الاقتراع؟

هل سيصطف الديمقراطيون الذين لم يكونوا متحمّسين لكلينتون، التي اعتبرت في البداية أنها فازت سلفاً، خلف بايدن الباهت لإزاحة ترامب؟ وكيف سيؤثر الوباء؟

يقول جاكسون «سيكون لدينا تصويت عبر البريد والتصويت المبكر، اللذين سيكونان بمستويات تاريخية». وأضاف: «لا نعرف ماذا سيكون تأثير ذلك. هناك الكثير من العوامل المعقّدة التي ستتداخل، وهذه هي الأمور التي يصعب على الاستطلاعات حسابها».

عودة للمنافسة

وفي خطوة غير متوقعة، أرسلت مديرة حملة المرشح الديمقراطي، جين أومالي ديلون، مذكرة من 3 صفحات إلى المتبرعين والمؤيدين، أمس الأول، تحذر من أن ترامب لا يزال بإمكانه الفوز وقادر على شق طريقه للعودة إلى المنافسة في الأيام الأخيرة، لأن السباق «متقارب بشدة» في بعض الولايات الحاسمة، بما في ذلك أريزونا وكارولينا الشمالية.

وحذرت ديلون من التراخي، مذكّرة باستطلاعات الرأي غير المؤكدة والدروس المستفادة من فوز ترامب المفاجئ في 2016 على منافسته الديمقراطية كلينتون، مطالبة بمضاعفة القدرات على توعية الناخبين في 17 ولاية وجمع 234 مليون دولار بحلول 3 نوفمبر.

وكتبت ديلون في المذكرة، التي حصلت عليها شبكة «فوكس نيوز»، «الحقيقة هي أن هذا السباق أقرب بكثير مما قد يقترحه بعض الخبراء الذين نراهم على «تويتر» وعلى التلفزيون، وأن تقدم بايدن قد لا يكون دقيقاً، وأفضل استطلاعات الرأي يمكن أن تكون خاطئة والمتغيرات مثل نسبة المشاركة تعني أنه في عدد من الولايات المتأرجحة نحن متعادلون».

وقالت إنه في حين أن حملة بايدن أنفقت أكثر من أي حملة رئاسية في التاريخ على الإعلانات، يمكن محو المزايا على الفور إذا قام المزيد من المليارديرات بتحرير شيكات إلى لجان الحزب الجمهوري المؤيدة لترامب.

فوز ترامب

وتحدث تقرير لـ «جي بي مورغان تشيس» عن احتمال فوز ترامب بولايتي فلوريدا وبنسلفانيا كارولينا الشمالية بهامش واسع يفوق ما حدث في 2016، نظرا لتسجيل الجمهوريين ناخبين جدداً خلال السنوات الأربع الماضية، وسط تراجع واضح بين الديمقراطيين.

فاز ترامب في 2016 بمناشدة الجمهوريين المخلصين، لكنه اعتمد أيضاً على دعم مجموعات التصويت الرئيسية، والتي تختلف أرقامها في عام 2020.

ووسط مخاوف الجمهوريين في مجلس الشيوخ وتشكيكهم في ترامب، أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كيلي مكناني، عن مفاجأة جديدة في الانتخابات قد تهدم الاستطلاعات التي تتحدث عن تقدم بايدن بهامش واسع، مؤكدة، في تغريدة، أن «الرئيس يتقدم بولاية ميتشغان في التصويت المبكر بشكل ضخم».