ما زالت سنة 2020 تُقَدم للناس من العجائب والغرائب الشيء الكثير، ولعل من أبرز ملامح هذه السنة (عدا كورونا طبعاﹰ وتبعاته) هي الأخبار المتضاربة فيما يخص كويكباً أو جسماً فضائياً متجهاً نحو الأرض ليصطدم بها وينهي ما بدأه التاريخ البشري من حضارة عليها بدقائق معدودة.

سيناريو خيالي جميل هذا الذي ذكرته للتو يصلح لأفلام الخيال العلمي، لكن المصيبة حين تقرأه في مواقع ﺇخبارية أو تجد من يروج له بين أروقة مواقع التواصل الاجتماعي. مبدئياﹰ كل الأيام خير من الله ووجب شُكر النعمة الإلهية التي تجعل الإنسان يلتقط أنفاس صباح يوم جديد، فلا يصح للمرء أن يجزع لأي سبب كان، بل يبذل الأسباب ومن بعدها يترك العناية الإلهية تأخذ مجراها، لكن ومن بعد التحقيق في مسألة انتهاء الحياة على غرار سيناريو فيلم "الاصطدام العميق" نجد أن الكثيرين ممن حولنا في جزع من تلك الأنباء أو على النقيض وهم في حالة من السخرية واللامبالاة، ومع التحقق من المسألة بصورة أكبر نجد عدداﹰ من الأمور التي وجب على الجميع أن يعرفها عن أصل هذه الأخبار "القيامية" والتي تُبَشر بقيام الساعة بهذه الطريقة، فللموضوع جُذور عميقة متوغلة في عصب ثقافات شعوب عدة مع خليط من الحقائق "نصف" العلمية.

Ad

في واقع الأمر، يتجه نحو كوكب الأرض خمسة أجرام "أجساد" سماوية أو فضائية وبسرعة فائقة جداﹰ، وذلك بحسب آخر البيانات الموثوقة في مطلع شهر يونيو الماضي، كل تلك الأجرام السماوية التي تحمل مسميات على شكل رموز وأرقام كـ(KJ 2020) أو ما شابه، هي متوجهة نحو كوكبنا الأزرق الجميل، كما تترواح أقطار هذه الأجرام السماوية ما بين الـ104 و171 قدماً وبسرعات متفاوتة قد تصل ﺇلى 12 ألف ميل في الساعة، لكن في حقيقة الأمر إن كل هذه الأجرام ﺇما في طريقها للاحتراق بغلافنا الجوي أو ستمر بمحاذاة الأرض بحسب دراسات نظم المحاكاة الرياضية، لكن ومع كل هذه التأكيدات العلمية، نجد البعض ممن يشككون في هذا كله بل يتقولون على مراكز رصد ووكالات فضاء أيضاﹰ، ويجزمون باقتراب أجرام للأرض مع وقائع وخيمة من جراء اصطدامها بسطح الكوكب الأزرق، كما نجد أن البعض بدأ يحوك المؤامرات في خياله الواسع ويروج لفرضية وجود كوكب مسمى بـ"نيبورو" سيصطدم بالأرض قريباﹰ ليمحو عن وجهها كل شيء جميل.

في الواقع كوكب "نيبورو" هذا ليس ﺇلا جزءا من كهانات الحضارة السومرية التي رصد آنذاك علماء الفلك والنجوم شيئا من تحركات سماوية نسبت لهذا الاسم، ولعله من أسماء الآلهة لديهم أيضاﹰ، ومن بعد هذا وذاك، وجد هذا الكلام طريقه للثقافة الأميركية في سبعينيات القرن المنصرم ليتداخل مع نظريات المؤامرة وغزو الفضاء للأرض وما شابه، ليعزز من اعتقاد بعض الناس بحتمية وجود هذا الكوكب الذي شد حزامه واعتزم قتلنا جميعاﹰ!!

أما فيما يخص العلم الحديث فيوجد عدد من الدراسات والأبحاث التي أشرف عليها علماء فضاء من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا CALTECH والتي رصدت كوكباً أسموه كوكب (X) وهو في نظامنا الشمسي كذلك.

أما عن سبب تسميته بهذا الاسم الذي يرمز للغموض، فيرجع لكونهم إلى الآن لم يتمكنوا من إثبات الأدلة والفرضيات التي تدعم نتائج أنظمة المحاكاة التي يستخدمونها، وفي الواقع مازال البحث جارياً والنتائج تُمحَص، ولذلك لم يتم "قطعاﹰ" تأكيد وجود هذا الكوكب في منظومتنا الشمسية بعد، وعليه فاٍن خُلاصة التدقيق في المسألة بسيطة حداً، وأستطيع أن أصوغها بأسلوب علمي كالآتي: لا يوجد بحث محكم أو دليل قطعي ﺇلى الآن (تاريخ نشر هذا المقال) يدعم فرضية قرب جرم سماوي من الأرض لينهي بذلك ويبيد الحياة على سطحها.

أما ﺇذا أردت أن أضع استنتاجي بأسلوب يُشفي "غليلي" العلمي بتلك الشائعة فسأقول التالي: هناك من خلط السمك مع اللبن مع التمر الهندي (الصبار) بين الحقائق التي أسلفت ليأتي لنا بخبر يرعب فيه المتلقي دون أي دليل علمي دامغ.

باختصار نحن نواجه خطر إبادة بعضنا قبل أن يقدر لنا الله ويرتطم بنا جرم سماوي.

مراجع علمية للاستزادة:

1. P. Mackie, F. Sim, 2017. Fake news, facts and Nibiru. Public Health, 153.

2. R. Robinson, 2020. Where Is Planet X? Article In: Northrop Grumman Cooperation.

3. HT Times, NASA, 2020. A 170-ft wide asteroid among 5 flying by Earth today: NASA tracker.

4. K. Fesenmaier, 2015. Caltech Researchers Find Evidence of a Real Ninth Planet, Press release.