عاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مساء أمس الأول، إلى البيت الأبيض، إثر قضائه أربعة أيام في المستشفى للعلاج من فيروس كورونا الذي لم يُشفَ منه بعد، ووجه فوراً دعوة إلى الأميركيين "للخروج مع توخّي الحذر"، واعداً باستئناف حملته الانتخابية قريباً.

وفور وصوله إلى شرفة البيت الأبيض، وقف الرئيس الجمهوري، الساعي للفوز بولاية ثانية في انتخابات الثالث من نوفمبر المقبل، أمام عدسات المصوّرين الذين كانوا بانتظاره في الأسفل، ونزع الكمامة الطبية ورفع إبهاميه علامة على النصر وأدّى التحيّة العسكرية.

Ad

وخرج ترامب من بوابة المستشفى العسكري في بيتيسدا بضاحية واشنطن العاصمة، واضعاً كمامة ومرتدياً بزة رسمية بربطة عنق مقلّمة، وسار بضع خطوات رافعاً إبهامه علامة على النصر، ثم استقلّ سيارة سوداء أقلّته إلى طوافة "مارين وان" الرئاسية التي نقلته في غضون دقائق معدودات إلى البيت الأبيض.

وفي دليل على الأهمية التي أراد ترامب إعطاءها لهذه اللحظة، في وقت أثر فيه مرضه على الحملة الانتخابية وتشير استطلاعات الرأي على تقدم منافسه الديمقراطي جو بايدن عليه، نشر حسابه على "تويتر" شريطي فيديو يظهر أحدهما، على طريقة هوليوود، وصوله إلى البيت الأبيض.

وفي وقت سجلت فيه الولايات المتحدة 210 آلاف وفاة بالمرض، وتعتبر الأكثر تضررا بالوباء في العالم، قال ترامب، في تلك الرسالة المصورة: "لا تخافوا منه، ستهزمونه. لدينا أفضل المعدات الطبية"، مضيفاً: "لا تدعوه يسيطر على حياتكم، اخرجوا، توخّوا الحذر".

وفيما خصّ إصابته شخصياً بالفيروس، لفت الرئيس إلى أنّه ربّما اكتسب "مناعة" ضدّ الفيروس. وقال: "أنا الآن أفضل وربّما أكون منيعاً، لا أدري"، مشيراً إلى أنّه عندما أصيب بالفيروس "كنت على خط المواجهة الأول، لقد توليت القيادة، بصفتي قائدكم كان لزاماً علي أن أفعل ذلك، كنت أعلم أن هناك خطراً، أنّ هناك مخاطرة، لكن لا بأس بهذا".

وأقرّ الرئيس الجمهوري بأنّه إثر إصابته بالفيروس "لم أشعر بأنني على ما يرام، وقبل يومين كان بإمكاني أن أخرج. لقد شعرت بأنني ممتاز وأفضل مما كنت عليه قبل 20 عاماً".

وتابع ترامب رسالته التطمينية إلى مواطنيه قائلاً لهم: "لدينا أفضل الأدوية في العالم، كلّ شيء يسير بسرعة، كلّها بصدد المصادقة عليها، واللقاحات آتية بين لحظة وأخرى".

حشد وحملة

وانتظر أنصار قطب العقارات ونجم تلفزيون الواقع، معتمرين قبعات كتب عليها "لنعيد العظمة لأميركا" طوال يوم الاثنين عند المدخل الرئيسي للمستشفى، ملوحين بأعلام وهم يرددون الأغنيات التي عادة ما تصدح في مهرجانات ترامب الانتخابية "أفخر بكوني أميركيا" و"مولود في الولايات المتحدة" و"مسقط رأسي ألاباما" و"روكيت مان".

وانتقل الحشد فيما بعد بطلب من الشرطة إلى الجانب الآخر من الطريق العريض الذي يجتاز حرم المستشفى، على مقربة من مجموعة من الصحافيين الذين كال لهم بعض أنصار ترامب الإهانات طوال اليوم

وفي تغريدة نشرها بينما كان يستعدّ لمغادرة مركز والتر ريد الطبّي كتب ترامب: "سأعود إلى مسار الحملة قريباً... وسائل الإعلام المضلّلة لا تنقل إلا استطلاعات الرأي المزوّرة".

ورغم إصابته، يعتزم ترامب المشاركة في المناظرة الرئاسية التالية مع منافسه بايدن المقررة بمدينة ميامي في 15 أكتوبر، والمخصصة للإجابة عن أسئلة الناخبين، بحسب ما أوضح المتحدث باسم شبكة فوكس نيوز تيم مورتو ليل الاثنين- الثلاثاء.

لكن الفريق الطبي أكد أن الخروج من المستشفى لا يعني العودة إلى الوضع الطبيعي. وأوضح طبيبه شون كونلي أنه "متفائل بحذر"، مشيرا إلى أن الأطباء لا يمكنهم أن يؤكدوا انهم مرتاحون تماماً للوضع قبل أسبوع.

وذكر كونلي أن "الفريق الطبي اتفق على أن جميع تقييماته والأهم حالته السريرية تدعم عودته للبيت الأبيض، حيث سيكون محاطاً بأعلى مستوى من الرعاية الطبية على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع".

وأشار عضو الفريق الطبي بريان غاريبالدي إلى أن ترامب تلقى صباح الأحد جرعته الثالثة من عقار ريمديسفير دون أي مصاعب، وأعطي الرابعة قبل عودته، مبيناً أنه تم "اتخاذ الترتيبات اللازمة لإعطائه الخامسة والأخيرة في البيت الأبيض مساء الثلاثاء".

غضب بايدن

بعد أقل من ساعتين على عودة ترامب إلى البيت الأبيض، هاجمه بايدن بسبب تصريحاته المطَمئنة. وبنبرة غاضبة قال نائب الرئيس السابق، لقناة "لوكال 10" في فلوريدا: "لقد رأيت تغريدة كتبها، لقد أروني إياها، لقد قال لا تدعوا كورونا يتحكّم بحياتكم. إذهب وقل ذلك لـ205 آلاف أسرة خسر كلّ منها شخصاً" بسبب الجائحة.

وتوج ظهور بايدن التلفزيوني في وقت ذروة المشاهدة يوماً من الفعاليات الانتخابية في ولاية فلوريدا الحاسمة، والتي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها حاسمة بالنسبة إلى فوز ترامب بفترة جديدة.

وبعيد المقابلة، قال بايدن خلال مشاركته في ندوة حوارية مع ناخبين بمنطقة ليتل هافانا في ميامي، نقلت وقائعها مباشرة على الهواء شبكة "إن بي سي": "أنا بصراحة لم أتفاجأ" من إعلان ترامب ليل الخميس-الجمعة أنّه مصاب بالفيروس، و"الآن بات لديه الوقت لإرسال تغريدات انتخابية، سأطلب منه هذا الأمر: استمع إلى العلماء، وساند وضع الكمامات"، مضيفاً: "آمل أن تنقل بعد أن اجتزت ما مررت به، وأنا سعيد أنك على ما يرام، الدرس الصحيح للشعب أن الكمامات مهمة".

وعن الوباء، أضاف بايدن، الذي أبدى استعداده للمشاركة في المناظرة الثانية مع ترامب إذا أكد خبراء الصحة أن الوضع سيكون آمناً: "آمل ألا يغادر أحد معتقداً أنها ليست مشكلة. إنّها مشكلة خطيرة".

تسييس الجائحة

بدورها، اعتبرت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي، أمس الأول، أن ترامب ليس لديه ما يبرر إعلان نجاحه في التصدي لفيروس كورونا في أميركا، مؤكدة أن سياساته عرضت الأميركيين للخطر.

وقالت بيلوسي، لشبكة "إم.إس.إن.بي.سي": "عليه ألا يتعامل مع الأمر سياسيا حتى يبدو وكأنه تغلب على الفيروس لأن لديه سياسات جيدة، فهو (ترامب) في حقيقة الأمر مدمر وخطير للغاية"، آملة أن يكون الأطباء هم من اتخذوا قرار خروج ترامب من المستشفى.

وحذرت بيلوسي من أن ترامب يمكن أن يعاني عواقب طويلة المدى، لأن بروتوكول اختبار الكشف عن كورونا في البيت الأبيض، حيث أصيب العديد من مساعديه بالمرض، "غير ناجح على ما يبدو".

ولاحقاً، رفضت بيلوسي لقاء وزير الخزانة ستيفن منوشن للتفاوض بشأن الدعم الاقتصادي، مبررة ذلك بعدم ثقتها في بيانات الإدارة حول الفيروس.