بداية، قال الأديب عبدالله خلف، إن الكويت برحيل الشيخ صباح الأحمد رحمه الله فقدت رمزاً شارك مبكراً في ترسية قواعد بنيان الدولة الحديثة، وصاحب السمو أمير البلاد نواف الأحمد سيواصل المسيرة، مقدماً لسموه التهاني والتبريكات بمناسبة توليه سدة الحكم، فهو تسلّم راية الوطن وسيعمل على رفعته ونهضته كما عهدناه في كل المناصب التي تقلدها سابقاً.

وتحدث خلف عن الأمير الراحل طيب الله ثراه، قائلاً، إنه تمرّس في السياسة والدبلوماسية، إذ نهل من مدرسة مدرسة الشيخ عبدالله السالم الحيادية الوسطية الحكيمة، فأثرى الشيخ صباح الأحمد المواقع التي عمل بها لحقب زمنية طويلة حتى صار نجماً فيها، وتنقل في بلاد عربية لرأب الصدع، وما كان يسكن به قرار حتى يذهب إلى مشرق الأمة ومغربها ليطفئ أزمات مشتعلة بين الأشقاء.

Ad

وتابع:» أشرف سموه رحمه الله على نشأة الصحافة لتكون لسان دولة محايدة تحترم كل الدول العربية والإقليمية والعالمية. وله اليد البيضاء في إصدار مجلة العربي، التي أطلق عليها اسم «سفير الكويت»، وقد قال الشيخ عبدالله السالم: نريد «العربي» أن تمثل كل عربي ولا تخوض في معترك السياسات المتشاحنة»، ولم تتدخل الدولة في سياستها الثقافية لذا اعتبرها المواطنون العرب، مرجعاً ثقافياً وأدبياً وعلمياً... ولم تحمل صور ساستها كما تعمل الصحف العربية. حتى طال بها البقاء بفضل الله.

وقال خلف، إن الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد استمر في إعلاء صروح الثقافة والفنون والأدب على مختلف الصعد حتى صار للثقافة والفنون والأدب مدارس يقتدى بها في الكويت.

وعلى الصعيدين العربي والدولي، قال:» استضافت الكويت المؤتمر الدولي للمانحين لمساعدة الشعب السوري، ودعم الوضع الإنساني لسورية وإبعاد الشعب عن كوارث الحرب الأهلية، وفي الحادي عشر من نوفمبر 2017 عقد في الكويت تحت رعاية سموه رحمه الله المؤتمر الدولي لرعاية الطفل الفلسطيني الذي يتعرض لانتهاكات إسرائيل للقوانين الدولية وحماية الطفل وأهله من مخاطر الاحتلال، وفي عهد سموه، عقدت في البلاد القمة الاقتصادية للتنمية في يناير 2009، وأثمرت إنشاء صندوق لدعم وتمويل المشاريع التنموية برأسمال قدره مليار دولار.

ولفت إلى رعاية الأمير الراحل رحمه الله في فبراير 2018 مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق. ورعى القمة العربية الإفريقية الثالثة التي عقدت في الكويت وحضرها رؤساء وممثلو 60 دولة أكد سموه ضرورة التعاون مع الدول الإفريقية لتقارب وجهات النظر العربية الإفريقية. واستضافت الكويت منتدى حوار التعاون الآسيوي الأول في أكتوبر 2012. برعاية سموه رحمه الله وتبرع باسم دولة الكويت بمبلغ 300 مليون دولار لمصلحة تمويل مشاريع للتنمية في دول آسيوية.

وحول الأزمة اليمنية، أفاد بأن سموه كان له دور بارز للمناداة بوقف الحرب المشتعلة وتبرعت الدولة بمبلغ 100 مليون دولار لتخفيف المعاناة الإنسانية للشعب اليمني. ومن تطلعات سموه للخدمات الإنسانية توليه زمام المبادرات في العمل الخيري استحقت بسببه اختياره من الأمم المتحدة لتقديره العمل الإنساني لمواقف إنسانية عديدة شهد لها العالم بأسره.

وذكر أنه لجهوده في المجال الإنساني والتنموي وفي 2019 منحه البنك الدولي لقب رائد العمل التنموي تقديراً لدوره المشهود في دعم استقرار الدول في الأعمال التنموية. وهكذا نال لقب قائد العمل الإنساني من الأمم المتحدة وأمينها العام السابق بان كي مون.

وختم خلف:» رحم الله رمز الكويت وعلم الأمة الذي اصطفاه الله لرحمته تعالى وأشارك الأسرة الحاكمة الكريمة أحزانها وأحزان الشعب الكويتي الوفي، فتح الله للجميع سبل الخير والسعادة والتوفيق».

بدوره، بارك الفنان التشكيلي محمود أشكناني لشعب الكويت، تولي صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد مسند الإمارة، متمنيا لسموه التوفيق والسداد وأن يكون خير خلف لخير سلف، وللكويت في ظله الاستقرار والازدهار.

وشدد أشكناني على ضرورة إجراء بعض التدخلات، لتحديد مسار المشهد التشكيلي وانعكاسه على الحركة الفنية التشكيلية، حيث قال: «بالنسبة إلى الحركة التشكيلية في الكويت، من أواخر الستينيات إلى أوائل الثمانينيات، كانت نشيطة ولافتة على المستوى المحلي والعربي وحتى الإقليمي، ولا نقول مزدهرة، بل نشيطة، وكان الاهتمام ينبع من وزارة التربية في ذلك الوقت، حيث كانت مادة التربية الفنية من المواد الأساسية كباقي المواد الأخرى وترصد لها درجات.

وأضاف أشكناني: «كان الاهتمام كبيرا بالأندية الصيفية، بالإضافة إلى الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية والمرسم الحر، وكل تلك العوامل ساهمت في نشر الوعي الفني في الشباب، لكن بعد تهميش مادة التربية الفنية من قبل وزارة التربية، حيث أصبحت درجات التربية الفنية لا تدخل ضمن مجموع درجات الطالب، أصبح الطالب لا يهتم لهذه المادة لأنها باتت تحصيل حاصل».

وتابع: «كما جرى أيضا إلغاء الأندية الصيفية وأنشطتها، والتي كانت من ضمنها الفنون التشكيلية، ومن هنا بدأ الجيل الجديد لا يهتم بهذا الجانب الفني، ومن هنا أيضا بدأ التقهقر، وأصبحت الفنون التشكيلية محصورة في الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية والمرسم الحر».

واستطرد أنه «في المرحلة القادمة إذا كان المسؤولون في وزارة التعليم العالي يريدون أن تبدأ مرحلة جديدة، وتعويض ما كان مهما سابقا والاهتمام بالفن التشكيلي عليهم العمل على إدخال مادة التربية الفنية في المدارس الحكومية والأهلية في الفصول الدراسة، كما كانت في السابق، واعتبارها من المواد الضرورية، وإنشاء كلية فنون جميلة رغم أننا تأخرنا كثير عن جيراننا من الدول الأخرى في مجلس التعاون الخليجي، لاسيما أن العبء الكبير يقع على عاتق وزارة التربية والتعليم العالي والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب».

وذكر أشكناني في حديثه نقاطا أخرى مهمة، وقال: «لابد من إنشاء قاعات للعرض، لأن المتوافر حاليا لا يفي بالغرض، ولتكن هذه القاعات تقام بها أنشطة العرض طول العام، وإنشاء قاعات لمزاولة الشباب أنشطتهم الفنية، وإقامة دورات متقدمة ينظمها المجلس عن طريق الفنانين المتميزين بالكويت، أو باستضافة فنانين من الخارج، ووضع استراتيجية ثابتة من قبل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، فيما يخص عرض الأعمال الجيدة واستبعاد الأعمال المتواضعة التي لا تستحق العرض، وأخيرا إقامة معرض خاص للفنانين الرواد مصاحبا لمعرض مهرجان القرين الثقافي في كل عام».

قوة وجسارة

ومن جانبه، قال رسام الكاريكاتير بدر بن غيث إن سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد هو خير خلف لخير سلف، وسيحمل الأمانة بكل قوة وجسارة، وقد تمثلت طيبته وتواضعه عقب أداء القسم الدستوري في مجلس الأمة فتحيته كانت للكويت والكويتيين، ونحن بدورنا سنرد له بتحية السمع والطاعة، وسيكمل مسيرة العطاء إن شاء الله.

وفي حديث عن التطلعات التي يأمل تحقيقها، تمنى بن غيث أن يكون هناك اهتمام كبير في تطور التعليم والثقافة والفنون، ويتم إدراجها ضمن الخطة التنموية للدولة، والمحافظة على مكتسبات الدستور والشعب والمضي قدماً في منح الحريات، وكل هذه الأمور ستنعكس إيجاباً على الكويت والكويتيين.

وتابع: «ونأمل أن تستمر جهود صاحب السمو الراحل صباح الأحمد في حل القضايا العربية والدولية، ليبقى دور الكويت فاعلاً في الساحة العربية، لاسيما أن العالم أجمع يعلم أن الكويت هي حمامة السلام إقليمياً».

الخبير المحنك

أما الشاعر خلف الخطيمي، فقال: «نبارك لسمو الشيخ نواف الأحمد بتوليه مسند الإمارة، وهو الرجل الخبير والمحنك، فنحن اعتدنا على تواصل الأجيال لأسرة الحكم الكريمة».

وحول الشأن الثقافي، رأى الخطيمي أن «الدولة تقدم كل الدعم للمؤسسات الفنية والثقافية، ولا أعتقد أن المرحلة المقبلة ستختلف عن غيرها، فالمراحل مرتبطة بذاتها، فكل مرحلة تستمد تطلعاتها من مرحلة أخرى، ما لم تكن هناك إرادة جماعية للتخلي عن الفكر النمطي لتطوير العمل الثقافي.

وتابع: «في الكويت والحمد لله جميع المؤسسات المدنية، والحصانة للعمل الثقافي موجودة من مؤسسات عامة وكذلك خاصة، فالمؤسسات الحكومية قائمة وحاضرة، فقط ينقصها الانسان المناسب والإرادة الصافية والعزيمة الوطنية والتخلي عن الأنا، ففي حقيقة الأمر كل شيء متاح وموجود، إلا الرؤية، والعمل الاستراتيجي منعدم فأتمنى ان ينقذ المثقف نفسه من نفسه حتى لا تغرق نفسه في نفسه».

من جهتها، قالت الفنانة سارة النومس: أتمنى أن تكون هنالك مدارس معتمدة ومدعومة من الحكومة لتعليم الفنون بكل أنواعها وأشكالها، ولها شهادات معتمدة لتدريب الفنانين وتطويرهم كذلك.

أما الفنانة د. زينب دشتي فقالت: تلقينا كمواطنين كويتيين ببالغ الأسى نبأ وفاة المغفور له بإذن الله صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، الذي فقدنا بوفاته والدا وأميرا وشيخا خدم بلاده وأمته بكل إخلاص، وما يعزينا هو خلفه صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد خير خلف لخير سلف، وندعو الله أن يوفق سموه في توليه الحكم وأن يقود مسيرة التطور والتقدم التي طالما عهدناها من سموه، وإننا كفنانين كويتيين ندعو له بالتوفيق والسداد ودعم مسيرة الفن الكويتي، الذي كان ومازال عاملا أساسيا في رفعة البلاد وتطورها.

وأضافت دشتي: وإننا في عهد سموه نأمل أن تستمر مسيرة العطاء وأن تحظى الحركة الفنية في الكويت بمزيد من الرعاية والدعم والمزيد من حريات النشر والتعبير، كما نتمنى التركيز على دعم الفنان الكويتي بالمشاركات الخارجية العالمية وإرجاع نظام التفرغ الفني والفنان المتفرغ، بالإضافة إلى العناية بالفنون المعاصرة والتي تشمل الفنون المفاهيمية، وهي فنون الفكرة والوسائط البصرية والرقمية، والتي هي مستقبل الفنون المعاصرة.

الفعاليات المحلية

بدورها، قالت الفنانة التشكيلية نورة العبدالهادي: أصبح للوجه الثقافي في الكويت ظهور كبير في الآونة الأخيرة، وعلى وجه الخصوص الفن التشكيلي، بسبب مشاركة الفنانين في العديد من الفعاليات المحلية وأيضا العالمية، ولكن أغلب تلك المشاركات جهود فردية، وما أتمناه أن يتم دعم الفنانين في الكويت بصورة كبيرة، كما كان في السابق، ومن مقترحاتي أيضا أن يكون للفنان التشكيلي تفرغ أسوة بالوظائف الحكومية الأخرى، وأيضا أطمح كفنانة أن يكون لنا متحف وطني للفنون يعرض ويقتني الأعمال التشكيلية، ويحفظ نتاجهم بكافة أطيافهم وأجيالهم الفنية، وتزوره الوفود، وكذلك المواطنون والمقيمون لتعريفهم بالمنجز الوطني الذي قطعه الفن التشكيلي.

الرميضي: فصل الثقافة عن الاعتبارات الأخرى

قال الشاعر سالم الرميضي: بداية نعزي أنفسنا وقلوبنا بوفاة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد أمير الإنسانية، رحمه الله وطيب الله ثراه، ونهنئ صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، ونسأل الله أن يعينه ويهيئ له البطانة الصالحة التي تنهض بالكويت من جديد إلى درجات أعلى في كل المجالات.

وذكر الرميضي أن «هناك الكثير من التمنيات والتطلعات التي نطمح لها كمثقفين، ولكن في نظري أهم خطوة يجب أن تتخذ هي فصل الثقافة عن الاعتبارات الأخرى، التي تثقل كاهلها، وأعنى بذلك أنه آن الآوان أن تكون للثقافة وزارة خاصة مستقلة من حيث الميزانية، واتخاذ القرارات، وألا تخضع لاعتبارات سياسية وحزبية تمارس على وزارة الإعلام وغيرها، فقد آن الآوان أن يكون لدينا وزارة للثقافة واختصاصها أن تعنى بالثقافة الكويتية، وتكون هذه الوزارة ذات كيان مستقل، ولها ميزانية مرصودة وبرنامج واضح، وبرنامجها قد يكون بالمشاورة مع المثقفين، أو برامج من الممكن أن تفيد على أرض الواقع، وهذه هي أهم أمنية أقترحها أن تستقل وزارة الثقافة عن وزارة الإعلام حاليا، حيث إن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب هو هيئة تابعة، وأتوقع أن تكون بداية للنهضة الثقافية الشاملة بإذن الله.

أعرب الفنان التشكيلي صباح أسد عن أمله «أن يزول الوباء اللعين عن ديرتنا وعن الأمة الاسلامية جميعها، وأن نستمر باستخدام البدائل الحديثة والناجحة في طرق التعامل البشري في جميع أمور الحياة من معاملات وتعامل، فهي ثقافة حديثة لدول العالم».

ولفت أسد إلى أن الطرق الحديثة الحالية بالتواصل الاجتماعي أثبتت جدارتها بتقريب البعيد وزيادة معرفة الفنون بجميع أنواعها والتعرف على ثقافات جديدة في الفنون.

وأضاف: يبقى على الجمعيات والمراكز الفنية مواكبة هذا التطور المفاجئ لما فيه منفعة ومصلحة للجميع من فنانين بشكل خاص ولجمهور الفن بشكل عام.