واصلت الصحافة المصرية متابعتها وتغطيتها، أمس، لوفاة أمير الكويت الراحل سمو الشيخ صباح الأحمد، من خلال رصد علاقة المحبة الخاصة التي جمعته بالشعب المصري، إذ خصص عدد من كبار الكتاب مقالاتهم للحديث عن الراحل الكبير، وأياديه البيضاء التي رسخت العلاقات بين الشعبين المصري والكويتي، وجعلته محل ثناء المصريين، بينما أجمع نواب ودبلوماسيون في حديثهم لـ «الجريدة» على أن الأمير الراحل كان زعيماً عربياً من طراز رفيع.

رئيس مجلس إدارة مؤسسة «الأهرام» الأسبق مرسي عطا الله، شدد في مقاله بصحيفة «الأهرام» أمس، على أن أمثال الشيخ صباح أكبر من كلمات الرثاء، فقد كان «نموذجاً فريداً في الحس القومي الرفيع، والبعد الإنساني النادر»، ووصف الأمير الراحل بـ «الرجل العروبي المعجون بدماء القومية العربية».

Ad

وتابع عطا الله: «من يراجع مسيرة الكويت بعد اعتلاء الرجل موقع المسؤولية الأولى يجد أنه كان حمامة سلام، وداعية وفاق في الساحة العربية، وأظن أن شعب مصر لا ينسى له موقفه الداعم لثورة 30 يونيو، مثلما لا يمكن أن ينسى العراقيون دوره في فتح الحدود بين الكويت والعراق، وإعادة العلاقات إلى حالتها الطبيعية، ثم إن الموقف المتقدم للكويت من القضية الفلسطينية عنوان لسياسة رجل لم يتخل عن إيمانه بحق الشعب الفلسطيني».

بدوره، كتب الصحافي المصري سليمان جودة، في عموده الصحافي بجريدة «المصري اليوم»، أمس، إن الشيخ صباح الأحمد حصل على لقب عميد الدبلوماسية العربية عن اقتدار ليس لأنه تولى حقيبة الخارجية سنوات فقط بل «لأن نصيبه من الحكم الفطري لم يكن يقل عن حظه من العقل الراجح».

وأشاد جودة بمواقف الأمير الراحل مع مصر، إذ «وقفت بلاده إلى جوارنا في ظروف سياسية صعبة مرت بنا قبل سبع سنوات. حدث هذا فيما بعد ثورة 30 يونيو 2013، ولم تكن الوقفة وقتها غريبة عليه ولا على الكويت، لأن سياقاً من العلاقات القوية والمستقرة كان يمتد ليجمع بين البلدين في كل الظروف».

وكشف جودة عن جوانب أخرى من حياة الأمير الراحل، وهو جانب رعايته للثقافة، قائلاً: «كان داعماً للمهمة الثقافية التي يراها لبلاده في أرض العرب، وقد روى لي الدكتور سليمان العسكري رئيس التحرير السابق لمجلة العربي، أن الشيخ صباح كان يتعهدها بنفسه منذ النشأة ليتحقق شعارها الذي يقول: مجلة يكتبها عرب ليقرأها كل العرب».

نواب ودبلوماسيون مصريون تحدثوا لـ «الجريدة»، إذ قال وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي، إن خسارة أمير الكويت خسارة كبيرة للعالم العربي كله، لأنه كان شخصية حكيمة وزعامة من طراز فريد ومختلف، فضلاً عن أنه كان من حكماء العرب الكبار، والذي أمضى فترة طويلة مشاركاً في صناعة السياسة العربية، عبر دبلوماسية هادئة تقوم على الاحتواء وتغليب العقل.

وتابع العرابي: «أن العلاقات المصرية الكويتية عميقة ومتجذرة، واستطاع الأمير الراحل أن يزيدها رسوخاً وثباتاً، فكانت مواقفه محل تقدير من مصر على الدوام، خصوصاً أن الأمير الراحل كان صاحب رؤية متوازنة تقوم على أسس متينة من رعاية مصالح الأمة العربية ككل، لذا كان من دعائم استقرار المنطقة وحكيماً صاحب رؤية متوازنة، وهو ما تجلى بوضوح في قيادة محاولات إنهاء الأزمة الخليجية الأخيرة».

وبينما أشاد وكيل لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب المصري أحمد فؤاد أباظة بالأدوار التاريخية للزعيم الراحل في دعم مصر والمصريين سياسياً واقتصادياً في أصعب الظروف، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، جهاد عودة، لـ «الجريدة»، إن مصر فقدت صديقاً عظيماً وقف بجوارها في الكثير من المواقف الحاسمة فكان نعم الأخ والصديق الذي تجده في وقت الشدة.