حالة من الحزن الرسمي والشعبي سادت مصر فور إعلان خبر وفاة أمير دولة الكويت، مساء الثلاثاء، في مشهد كرّس العلاقات التاريخية التي تجمع مصر بالكويت برباط لا ينفصم، لذا لم يكن غريبا أن يكون الرئيس عبدالفتاح السيسي من أوائل المعزين في الزعيم الراحل، الذي ترك بصمته البارزة في نهضة الكويت والأمتين العربية والإسلامية، في حين سارعت المرجعيات الدينية وكبار رجال الدولة وشخصيات عامة للتعبير عن حزنها لرحيل حكيم العرب وأمير الإنسانية.

وقالت الرئاسة المصرية، في بيان رسمي، إن "الأمة العربية والإسلامية فقدت زعيمًا عظيمًا من طراز فريد، بعد عمر حافل بالعطاء والإنجازات في خدمة شعبه وأمته العربية والإسلامية ونصرة قضاياها".

Ad

في الأثناء، أكد شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب، أن "التاريخ شاهد على أن الشيخ صباح كان قائدًا حكيمًا ومخلصًا وداعيًا وراعيًا للسلام والحوار بين الناس، ودائم العمل على نهضة بلاده، وخدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية، فاستحق بجدارة أن يلقّب بأمير الإنسانية".

بدوره، قدّم بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية تواضروس الثاني، واجب العزاء إلى دولة الكويت الشقيقة، وشدد على أننا فقدنا "قائد الإنسانية ورجل السلام بعد مسيرة حافلة بالإنجازات لدولة الكويت، وعلى المستويين الإقليمي والدولي... نذكر له مواقفه النبيلة والأصيلة تجاه وطننا الغالي مصر، بشكل ساهم في تعميق العلاقات التاريخية التي تربط بين الدولتين الشقيقتين".

زعيم نادر

سياسيا، قاد رئيس البرلمان المصري د. علي عبدالعال، صفوف السياسيين المصريين في تقديم واجب العزاء، إذ أكدّ أن وفاة الشيخ صباح الأحمد، جاءت بعد مسيرة وطنية ثريّة بالعطاء والإنجازات الخالدة، لافتا إلى "أن شعب مصر الذي تربطه بأشقائه في الكويت وشائج وأوصر القربى التي صنعتها يد الطبيعة، وأحكمتها مسيرة التاريخ، وكلأتها عناية الله، ليذرف الدمع غاليا على هذا الرجل الكريم الذي تجلّت فيه قيم الخير والتسامح والسلام".

وبينما أصدرت الأحزاب المصرية بيانات تؤكد خالص العزاء في رحيل أمير الإنسانية، مشيدة بدوره التاريخي في الوقوف بجوار مصر في مختلف المواقف والأزمات، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إنه ينعي بمزيد من الحزن والأسى وفاة "زعيم عربي نادر"، مذكّرا بالحس العروبي الصادق الذي تمتّع به الراحل العظيم، ومواقفه المشرّفة في خدمة القضايا العربية.

من جهته، كتب الأمين العام لجامعة الدول العربية الأسبق، عمرو موسى، سلسلة من التغريدات عبر "تويتر"، مؤكدا أن الأمير الراحل "كان يتصف بالحكمة وحُسن التصرف في فعله وردّ فعله"، وتابع: "كم حزنت لرحيله في وقت نحن كعرب في أمسّ الحاجة إلى دوره الهادئ المتزن، وروحه العروبية الرصينة".

وأضاف موسى: "كان محبا لمصر، مقدّرا لها دورها في مسيرة التنوير والتقدم والتنمية، وكان قوة إيجابية في مسيرة الجامعة العربية، وهو صاحب الاقتراح الإيجابي بعقد قمم تخصص للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات العربية، وإنشاء صندوق لدعم الصناعات المتوسطة والصغيرة".

ونعى علاء مبارك، نجل الرئيس المصري السابق حسني مبارك، الشيخ صباح، مقدّما العزاء للكويت، في حين شدّد نقيب المحامين المصريين، رئيس اتحاد المحامين العرب، رجائي عطية، على أن الأمير الراحل رجل حكمة وسلام، وأن الأمتين العربية والإسلامية "فقدتا قائدا حكيما كرّس حياته لخدمة قضايا وطنه وأمته، وستظل مواقفه خالدة أبد الدهر".

نقابة الصحافيين برئاسة ضياء رشوان، قالت إن الأمير الراحل "زعيم وطني وعربي كبير قاد بلاده بحكمة بالغة وسط أنواء وأزمات عاصفة... وبذل جهودا هائلة لتحقيق الوفاق والسلام بين مختلف الأطراف فيهما"، وأن مصر ظلت محلّا لاهتمام خاص من القائد الكبير الراحل، إذ لم يدّخر جهدا ولا إمكانية للوقوف بجانبها في كل الأوقات الحرجة.

مواقف لا تنسى

يأتي ذلك بينما أفردت الصحف المصرية الصادرة أمس، مساحة واسعة للتعبير عن خالص العزاء في وفاة الأمير الراحل، مذكّره بدوره البارز على الصعيدين العربي والعالمي، لا سيما دوره البارز في دعم مصر حكومة وشعبا في جميع الأوقات، سواء في السّلم أو الحرب، في حين تحولت المواقع الإخبارية إلى سرادق عزاء لمختلف الشخصيات العامة والسياسية والفنية والرياضية لتقديم واجب العزاء في فقيد الأمة العربية.

وتصدّرت وفاة أمير الكويت الراحل الصفحة الأولى من صحيفة الأهرام، تحت عنوان "أمير الكويت في ذمّة الله"، وذكرت أن الوفاة جاءت بعد حياة حافلة بالعطاء والتميّز في سبيل رفعة شعبه وأمته، معربة عن بالغ الحزن والأسى لوفاة المغفور له بإذن الله، ومبرزة مواقفه الداعمة للعلاقات المصرية - الكويتية على مدى عشرات السنين، منذ كان وزيرا للخارجية.

وأشارت "الأهرام" إلى مساندة دولة الكويت لمصر خلال العدوان الإسرائيلي عام 1967، ومساندتها في حرب 1973، ومشاركة "لواء اليرموك" في دعم الجيش المصري، واستشهاد عدد من الأبطال الكويتيين، ونقلت عن مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير هاني خلاف، قوله إن مصر لن تنسى موقف الشيخ صباح الأحمد، عندما كان وزيرا للخارجية، ووضع البترول الكويتي تحت إمرة الدولة المصرية خلال حرب أكتوبر.

وعنونت صحيفة الأخبار صدر صفحتها الأولى بعبارة "وداعا أمير الإنسانية الشيخ صباح الأحمد الجابر"، مستعرضة ردود الأفعال المصرية والعربية والإسلامية والإقليمية والعالمية، في وقت أوردت صحيفة الوفد، نعي رئيس حزب الوفد الليبرالي، بهاء أبو شقة، الذي أكد أن الأمة العربية فقدت "قائدًا عربيًا حكيمًا".