أخفقت جامعة الكويت، بالرغم من ميزانيتها المرتفعة، في حماية تصنيفها بين الجامعات العالمية، فقد كشفت مجموعة من التقارير العالمية المختصة بتصنيف الجامعات في العالم عن تراجع تصنيف جامعة الكويت للعام الحالي 29 مرتبة، مقارنة بالعام الماضي.

ووفقا لتصنيف «CWUR»، لا تزال جامعة الكويت الحكومية الوحيدة غير مدرجة ضمن التصنيفات المتقدمة بين 2000 جامعة على مستوى العالم، علما بأنها، وفق التصنيف المذكور، حلّت في المرتبة 1256 من بين 2000 جامعة على مستوى العالم، متراجعة 29 مرتبة عن العام الماضي، الذي حصلت فيه على المرتبة 1227.

Ad

وعلى مقياس تصنيف «QS» حلّت جامعة الكويت في المرتبة 801 على مستوى العالم من بين 1000 جامعة، وبلغ ترتيبها على مستوى الدول العربية 21 من بين 130 جامعة.

ووفق التصنيفين، يرى مراقبون تربويون أن حلول جامعة الكويت في مراتب متأخرة، فضلا عن تراجع تصنيفها، يشكّل أمرا في غاية الخطورة، لاسيما في ضوء مقارنة هذه النتائج بالإنفاق الحكومي الكبير على هذا القطاع، وهو الإنفاق الذي ينبغي أن يسهم في تقدّم التصنيف الجامعي لا تأخره، ذلك أن إجمالي المصروفات في ميزانية جامعة الكويت، التي أقرها مجلس الأمة أخيرا، بلغ 481 مليونا و566 ألف دينار، علما بأن هذه الميزانية تتجاوز أضعاف ميزانيات الكثير من الجامعات العربية التي حلّت في مراتب متقدمة كثيرا عن جامعة الكويت.

ولم يلق التصنيف العالمي لجامعة الكويت اهتماما من مسؤولي الجامعة ووزارة التعليم العالي، الذين تجاهلوا نتائج التصنيف، ورفضوا التعليق عليه، في حين اعتبر بعضهم أن تلك النتيجة تحتاج الى مراجعة دقيقة لتبيان مدى صحتها، لاسيما أن مؤسسات التصنيف تعتمد على عدد من المعايير في تصنيفاتها، بينها عدد الأساتذة والطلبة الأجانب في كل جامعة، وإجمالي عدد الطلبة، والأبحاث العلمية، إضافة الى أخذ آراء عدد من الأساتذة والطلبة الذين تعاملوا مع جامعة الكويت.

«الجريدة» استطلعت آراء عدد من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة بشأن تراجعها في التصنيف، وفيما يلي التفاصيل:

قال رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس د. إبراهيم الحمود إن ما يتم تناقله عن خفض تصنيف جامعة الكويت وخروجها حتى من مدارج التصنيف لا يعكس الحقيقة في شيء، بل هو نظرة غير أكاديمية وغير علمية وتعسفية، مضيفا: «من المهم أن نعلم أن تصنيف جامعة الكويت ينعكس على أعضاء الهيئة التدريسية ومقدرتهم، وعلى طلبة الجامعة، والأهم من كل ذلك على سمعة الكويت، لذلك لابد من تحري الحقيقة والوقوف على مصداقية هذه التقاييم».

وأشار الحمود إلى أن تقاييم مؤسسة Qs أو CWUR اللتين تعطيان تصنيفا منخفضا لجامعة الكويت تعتمد على معايير يستحيل تطبيقها في جامعة الكويت، وتتنافى مع المفاهيم المعمول بها، مضيفا ان أهم المعايير التي تخفض تصنيف الجامعة، بحسب هاتين المؤسستين هي جنسية أعضاء هيئة التدريس، فكون هؤلاء الأعضاء من المواطنين في أغلبهم وبنسبة كبيرة يؤثر سلبا، ويؤدي إلى انخفاض التصنيف بدرجة عظيمة وفقا لتقييم هذه المؤسسات، فهل المطلوب فصل الكويتيين واستبدالهم بأجانب، أم إيقاف البعثات.

وأوضح أن «جنسية الطلبة تؤثر كذلك في التصنيف، فكون السواد الأكبر من جنسية دولة الجامعة (الكويت) يؤدي إلى انخفاض تصنيف الجامعة، فما هو المطلوب لإرضاء هذه المؤسسات؟ هل نحرم أبناءنا وبناتنا من الدخول للجامعة وقبول غير الكويتيين حتى يرتفع التصنيف؟! إضافة إلى أن أعداد الطلبة كثيرة جدا مقارنة بأعداد الأساتذة، وذلك يعتبر من أهم مؤشرات تخفيض التصنيف لجامعة الكويت، فهل لا نقبل الطلبة ونوصد أبواب الجامعة الحكومية الوحيدة في وجوههم؟!».

تصنيفات مغايرة

وأفاد بأن هناك مؤسسات تعطي لجامعة الكويت تقدير صفر لأنها لا تعرفها أو تجهل وجودها بالرغم من أنها موجودة، مبينا ان جامعة الكويت هي جامعة الدولة، والتي تم إنشاؤها للارتقاء بتعليم أبناء الكويت، وجل أساتذتها من الكويتيين، وفي المقابل هناك مؤسسات ترتقي بتصنيف الجامعة أخذا بمؤشرات معينة، فـ«RUR»، وهي مؤسسة راقية جدا في التصنيف، تعطي لكلية الطب ومركز العلوم الطبية بجامعة الكويت تصنيفا ذهبيا، ودرجة تصنيف كلية الطب بلغت 71 على مستوى العالم، وهذا مركز متقدم جدا، لأن الكثير من الأساتذة بها غير كويتيين، وعدد طلبتها قليل مقارنة بالنسبة العالمية مع عدد أعضاء التدريس، إضافة الى عناصر جودة وارتقاء الكلية.

ولفت إلى أن جامعة الكويت تبقى من أرقى المؤسسات الأكاديمية في العالم، ففيها كل التخصصات، وعدد طلبتها يزيد على 45 الفا، وأساتذتها البالغ عددهم 1600 متخرجون في أرقى جامعات العالم، وينشرون أبحاثهم بأرقى المجلات العالمية، ويكفي الطالب الكويتي خريج جامعة الكويت فخرا أنه يقبل في الماجستير والدكتوراه بكل جامعات العالم دون اختبار تأهيلي أو إعادة تقييم، كما أن الحاصل على الماجستير من جامعة الكويت يقبل لدراسة الدكتوراه مباشرة في أرقى الجامعات العالمية دون شرط أو قيد، وهذه حقائق لا يمكن إنكارها.

تقليص الميزانية

من جانبه، ذكر رئيس قسم المحاسبة في كلية العلوم الإدارية بجامعة الكويت د. صادق البسام أن تقليص ميزانية الجامعة فيما يخص الأبحاث والاستشارات يكون له انعكاس على مستوى الجامعة العام من ناحية الجانب العربي والعالمي.

وقال البسام إن رواتب أعضاء هيئة التدريس يضاهي رواتب جامعات عالمية كثيرة، لكن اذا تم التدقيق على ميزانيات جامعة الكويت فيما يخص الابحاث نجدها تقع في القاع، لعدم وجود أدوات تحفيزية تستخدم في مجال الأبحاث.

وبين أن من أسباب نزول مستوى الجامعة عالميا هو عدم نشر الأبحاث في مجلات عالمية، بحيث إذا كان البحث ضعيفا من الجانب المالي لا تستطيع الوصول للمجلات العلمية الرفيعة عالميا وهذه مشكلة متكررة، مضيفا ان هناك مقاييس في تصنيف الجامعة هي مستواها، وأعضاء هيئة التدريس، والجامعات التي تخرجوا فيها، والتعليم الجامعي.

الأبحاث العلمية

من جهته، أكد عضو هيئة التدريس في قسم الهندسة الميكانيكية بكلية الهندسة والبترول بجامعة الكويت د.عماد خورشيد ان «اعتماد التصنيف في الوقت الحالي على الأبحاث العلمية، ونواجه ضعفا في دعم الابحاث من الجانب المادي، وهذا أحد أسباب تراجع جامعة الكويت بالتصنيف العالمي».

وتابع خورشيد: «ان ميزانية الابحاث في الوقت الراهن تصل الى 600 الف دينار، بينما كانت قبل الغزو 3.5 ملايين، وكان عدد المنتسبين للجامعة 12 الف طالب، بينما بلغ العدد اليوم 37 الفا، يقابلهم عدد كبير من أعضاء هيئة التدريس».

وأشار إلى أن الاعتماد الأكاديمي غير كاف لعملية التصنيف، بل بحاجة إلى أبحاث ودعم مادي لها، كما يجب وجود طلبة من الجنسيات الأجنبية إلى جانب الطلبة الكويتيين، وأن تكون الجامعة جهة مستقطبة لطلبة من الخارج.

الجهات العالمية

الى ذلك، كشف أستاذ الكيمياء في كلية العلوم بجامعة الكويت د. علي بومجداد «ان بعض الجهات العالمية تعطي نسبة 40 في المئة من التقييم والتصنيف على قطاع الابحاث، وهناك تراجع لدينا في هذا الجانب ومنذ عدة سنوات، وتقيم الكويت في مجال البحث العلمي متوسط، بينما نجد جامعات اخرى تأخذ تقدير جيد جدا».

وأضاف بومجداد ان «من أسباب التراجع في معيار البحث العلمي قلة الدعم المالي بشكل كبير جدا، ونضطر الى دراسة العينات الخاصة بالبحث في أجهزة بسيطة يفترض أنها تتوافر لدينا، ونرسل تلك العينات إلى جامعات بدول فقيرة تملك تلك التقنيات غير المتوفرة لدينا»، مشيرا إلى أن «معظم الاجهزة لدينا في جامعة الكويت معطلة، وأصبحت قديمة، ولا تتوافر لها قطع غيار».

ولفت الى ان «الميزانية التي تمنحها الجامعة لقطاع الأبحاث كافية لقسم علمي واحد فقط، بينما يفوق عدد الاقسام العلمية في جامعة الكويت الـ80، مضيفا أن «من أسباب تراجع الجامعة التميز بين الأساتذة، من يعمل ومن لا يعمل، بحيث لا نجد هناك محاسبة أو آلية تشجيع بالنسبة لهم».

وأفاد بأن المناهج وطريقة التدريس لها دور مهم في عملية التصنيف، إذ تعطي نسبة 20 في المئة، وهناك مشكلة متوارثة من مرحلة الثانوية، حيث نجد الطلبة من الجانب الدراسي مستواهم ضعيف بسبب تفشي الغش، الذي حدث في آخر 6 سنوات، لافتا الى ان هناك اقساما تنزل بمستواها العلمي لنجاح الطالب في جامعة الكويت، وأقساما لا تنزل في المستوى حتى وإن كان مستوى الطالب ضعيفا، وتتطلب منه تقوية نفسه حتى ينجح بها.

وأوضح أن من عناصر التقييم لدى بعض جهات التقييم العالمية نسبة الطلبة والاساتذة، فإذا كانت عالية يتم إعطاء تقييم منخفض، ليقينها بأن على الأستاذ تدريس نسبة قليلة من الطلبة لا أعداد كبيرة، وهذه من انعكاسات عملية قبول أعداد كبيرة من الطلبة وتأثيرها على التعليم.