يعمل المحللون السياسيون في الكرملين ومجلس الأمن القومي التابع له على قدم وساق لإعداد سيناريوهات ومناورات يمكن القيام بها، في حال فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة، والذي تعود خصومته مع روسيا إلى زمن بعيد مضى، أقلها عندما زار موسكو عام 2011، وأعرب لزعماء المعارضة عن اعتقاده بأن الرئيس فلاديمير بوتين يجب ألا يترشح للرئاسة مرة أخرى، وهذه النوعية من الإهانات لا تنسى بسهولة، على حد قول شخص مقرب من الكرملين. وتحرك بوتين في ذلك العام لتمديد حكمه حتى عام 2036.

وتشعر روسيا بقلق متزايد من احتمالات خروج ترامب من البيت الأبيض، وتحاول تحديد تداعيات هذا الاحتمال على قضايا شائكة تتنوع ما بين السلاح النووي والعلاقات مع الصين، مروراً بتصدير الطاقة والعقوبات، وانتهاء بالصراعات العالمية ذات التأثيرات بعيدة المدى، على حد قول أشخاص مطلعين على الجهود الروسية في هذا الصدد.

Ad

ورغم أن الكثيرين لا يرون آفاقاً واسعة لتحسن العلاقات في حالة إعادة انتخاب ترامب، ترى مصادر مقربة من القيادة الروسية أن فوز بايدن لن يكون بمنزلة أخبار سارة لها.

ونقلت وكالة "بلومبرغ" عن مصدر وثيق الصلة بالكرملين أن فوز الديمقراطيين ربما يعطي الكرملين سبباً آخر لتغيير برنامجه الانتخابي، والمضي قدماً في إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في الربيع المقبل، للانتهاء من هذا الاستحقاق، قبل أن تجد الإدارة الأميركية الجديدة الوقت الكافي لفرض عقوبات إضافية على روسيا.

ومع وجود هذه المخاطر الجمّة، يقول مسؤولون أميركيون، إن روسيا تتدخل بالفعل في الحملة الانتخابية، وإن كان الوضع قد اختلف عن 2016، عندما جاء فوز ترامب بمنزلة مفاجأة، حتى بالنسبة لمن كانوا يساندونه في موسكو.

ويرى مسؤول كبير في الاستخبارات البريطانية أن الاستقطاب استشرى بشدة في واشنطن إلى درجة أنه لم تعد هناك حاجة كبيرة كي تتدخل روسيا وتبتكر قضايا جديدة مثيرة للجدل.

غير أن كريستوفر راي مدير مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي صرح الأسبوع الماضي بأن روسيا تقود حملة "نشيطة جداً" كي تحط من قدر بايدن وتزرع الفرقة في المشهد السياسي الأميركي.

ويقول جليب بافلوفسكي المستشار السابق بالكرملين، إن القيادة الروسية لم تخرج ترامب من حساباتها حتى الآن، مضيفاً: "ليس من الواضح نوعية المساعدة التي يمكن أن تقدمها لترامب، لكنها سوف تقدم له يد العون مادام ذلك لن يسبب فضيحة كبيرة"، وأضاف قائلاً: "إنهم لا يريدون التسبب في نتائج عكسية".

ويسهل الرئيس الأميركي من مهمة روسيا من خلال نوعية حرب المعلومات التي يخوضها، بما في ذلك تكرار المزاعم بأن التصويت عبر البريد سوف يؤدي إلى عمليات تزوير واسعة النطاق، وهي تأكيدات تحرص وسائل الإعلام الرسمية في روسيا على تسليط الضوء عليها وتضخيمها.

ويقول المستشار السابق بالكرملين جليب بافلوفسكي، إن القيادة لم تخرج ترامب من حساباتها، وليس من الواضح نوعية المساعدة التي يمكن أن تقدمها له، لكنها سوف تقدم له يد العون مادام ذلك لن يسبب فضيحة كبيرة أو نتائج عكسية".

وترى فيونا هيل، التي شغلت منصب مدير مجلس الأمن القومي الأميركي للشؤون الأوروبية والروسية، حتى عام 2019 أن هناك انقسامات داخل الكرملين بشأن مدى الحكمة من مواصلة "الألعاب القذرة" في الحملة الانتخابية، والتي قد تقود إلى نتائج غير واضحة، وربما تعود في الوقت الحالي بمكاسب محدودة.

وتقول هيل، إن ثبوت ضلوع روسيا في محاولة تخريب الديمقراطية الأميركية يكلف موسكو خسائر باهظة، موضحة: "لقد خسروا الطبقة السياسية برمتها، وقاموا بتسييس الروابط بين الجانبين، إلى درجة أن مستقبل العلاقات الآن أصبح يتوقف على الفائز في 3 نوفمبر".