مع انشغال خصمه الديمقراطي جو بايدن بالتحضير لأول مناظرة معه الثلاثاء المقبل في كليفلاند، صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجومه المتواصل على عملية الاقتراع بالبريد، التي يمكن أن يستخدمها نصف الناخبين هذا العام بسبب تفشي وباء كورونا، محذراً من أن الأميركيين قد لا يعرفون الفائز في الانتخابات قبل عدة أشهر، لأن المسؤولين سيحتاجون إلى وقت لفرز البطاقات بعد 3 نوفمبر.

وفضّل ترامب، أمام تجمّع حاشد في نيوبورت نيوز بولاية فرجينيا، أمس الأول، معرفة أنه فاز أو خسر بسرعة، بدلاً من انتظار بطاقات الاقتراع البريدية، مضيفاً «بسبب هذه الفوضى يمكن أن أكون في المقدمة، وبعد ذلك سيستمرون في الحصول على بطاقات الاقتراع بحجة أنها تأتي متأخرة».

Ad

وقال ترامب لأنصاره: «لن نخسر الانتخابات إلّا إذا أقدم الديمقراطيون على الغش وتزوير نتائج البريد. ولا يمكننا أن نسمح لهم بذلك، فالحديث يدور عن مصير بلادنا، لأنّهم سيدمرونها وهم يعلمون ذلك أحسن من غيرهم، ووسائل الإعلام تعلم تماماً ماذا سيحدث. فإذا لاحظتم شيئاً، فعليكم أن تبلغوا بذلك على الفور».

وتابع: «نريد جداً أن يكون الانتقال ودياً، لا نريد أن يخدعونا، ولا نريد أن نكون حمقى ونقول: دعونا نسلّم لهم الحكم، ونحن نعلم أنّهم زوروا ألوفاً مؤلّفة من بطاقات الاقتراع. هذا ما لن نتسامح معه أبداً».

وفي حين أقامت حملة ترامب دعاوى قضائية عدة للحد من الاقتراع عبر البريد، سمحت أحكام هذا الشهر للمسؤولين بالولايات المتأرجحة في ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن ونورث كارولاينا بفرز البطاقات التي تصل بعد 3 نوفمبر، مادامت أرسلت في يوم الانتخابات.

«الخطة البلاتينية»

وفي تحرك لافت، كشف ترامب عن «خطة بلاتينية» لتمكين الأميركيين من أصل إفريقي، تتضمن تصنيف حركتي «كو كلوكس كلان» المتعصبة لتفوّق العرق الأبيض وشبكة «أنتيفا» اليسارية المتطرفة ضمن المجموعات الإرهابية، وإعلان يوم انتهاء العبودية 19 يونيو «Juneteenth» عطلة وطنية، إضافة إلى اعتبار القتل خارج نطاق القانون، جريمة كراهية.

وقال ترامب مخاطبا مؤتمر التمكين الاقتصادي للسود، بمدينة أتلانتا في ولاية جورجيا، أمس الأول: «على مدى عقود، كان الديمقراطيون يعتبرون الناخبين السود أمراً مفروغا منه، وقدّموا لكم وعودا كبيرة قبل كل انتخابات، وعندما وصلوا إلى واشنطن، تخلوا عنكم وباعوكم»، مضيفاً: «جو بايدن النعسان لا يعرف مجتمع السود كما أعرفه. وأمضى حياته في إيذاء ذوي الأصول الإفريقية والإسبانية، وكنت ‏أعيش حياة هادئة وسعيدة قبل أن أضطر إلى التعامل معه ومع المجنونة نانسي بيلوسي» (رئيسة مجلس النواب).

واقترح ترامب في «الخطة البلاتينية» زيادة رأس المال للشركات المملوكة للسود، الذين يصوتون تاريخياً وبأغلبية ساحقة للحزب الديمقراطي، بنحو 500 مليار دولار لخلق 3 ملايين وظيفة جديدة، وإنشاء 50 ألف شركة جديدة.

كما تتضمن «الخطة البلاتينية» مبادرات لتعزيز مجتمعات السود وجعلها أكثر ازدهارا، من خلال زيادة ملكية المنازل، وتسهيل الحصول على القروض، وتحسين فرص اختيار المدارس.

«حياة السود»

ووصف ترامب حركة «حياة السود مهمة» التي تتحالف معها «أنتيفا» في تنظيم الاحتجاجات على العنصرية وعنف الشرطة منذ شهور، بأنها «تلحق الضرر» بمجتمعات ذوي البشرة السمراء.

وخلال المؤتمر الوطني للملونين، دافعت المرشحة الديمقراطية لمنصب نائب الرئيس كامالا هاريس، أمس الأول، عن حركة «حياة السود»، معتبرة أن الاحتجاجات السلمية ضد الظلم العنصري أمر بالغ الأهمية لتقدّم أميركا، وتساعد على إبقاء إنفاذ القانون تحت السيطرة.

وقالت هاريس: «لم يتحقق شيء يتعلق بالتقدم، ولا سيما حول الحقوق المدنية، من دون قتال، ولذلك سأفسر دائما هذه الاحتجاجات على أنها عنصر أساسي للتطور أو علامة على ديمقراطية حقيقية وضرورية لسماع أصوات الناس».

المحكمة العليا

وقبل أقل من 40 يوماً على الانتخابات الرئاسية، بدا أن ترامب يتجه الى ضمان دعم المحافظين المتدينين له، الذي استند إليهم كثيرا لانتخابه قبل 4 سنوات، بعد أن كان واضحاً قبل ساعات من الإعلان عن خلف لعميدة المحكمة العليا روث غينسبورغ رمز الدفاع عن حقوق المرأة، أنه سيختار القاضية الكاثوليكية المتدينة إيمي كوني باريت.

وفي حال صحّت التوقعات باختياره باريت (48 عاماً)، وهي أم لسبعة أطفال والمعارضة للإجهاض، والتي صوتت أيضاً لمصلحة سياسات الهجرة المتشددة لترامب، وأعربت عن وجهات نظر تؤيد توسيع حقوق حيازة السلاح، فسيرسخ ذلك بقاء المحكمة العليا مدة طويلة في نهج محافظ، إذ إن قضاتها يعيّنون مدى الحياة.

وفي حال ثبت خيار ترامب في مجلس الشيوخ ذي الغالبية الجمهورية، سيقتصر وجود الليبراليين في هذه المؤسسة على 3 قضاة من أصل تسعة.

المناظرة الأولى

ورغم تأكيد ترامب أنه لا يتدرب على المناظرات، وأنه يستعد لأول مناظرة له مع بايدن يوم الثلاثاء المقبل «فقط من خلال ما يقوم به عادة»، ذكرت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» أن الرئيس الجمهوري يدرس بهدوء وراء الكواليس، مقاطع فيديو لأداء خصمه الديمقراطي في مناظرات 2008 و2012 للبحث عن نقاط ضعف أو ثغرات يمكنه استغلالها، موضحة أنه يتلمّس خطوط الهجوم مع مساعديه، ولا يعقد مناظرة وهمية رسمية أو جلسات مخصصة لحفظ الحقائق ونقاط البيانات.

في المقابل، يجتمع بايدن مع مجموعة صغيرة من المستشارين في ويلمنغتون بولاية ديلاوير «ويخطط لمهاجمة قيادة ترامب، باعتبارها غير مستقرة، وكذلك تحدي أكاذيبه المتكررة، ومقارنة تجربته الخاصة خلال الأزمة».

وفي عام انقلب بسبب جائحة مميتة، أدى ركود حاد وأزمة مناخية في الغرب واضطرابات اجتماعية والمعركة القائمة على مقعد المحكمة العليا إلى دفع قضيتين محوريتين أخريين - الرعاية الصحية والإجهاض - إلى الصدارة قبل أسبوع من ظهور المرشحين الاثنين في أول مناظرة من بين 3 مناظرات ينقلها التلفزيون ويديرها مذيع شبكة «فوكس نيوز» كريس والاس.

ويرى فريق ترامب المناظرة، التي ستنقسم إلى مقاطع مدة كل منها 15 دقيقة حول 6 موضوعات، أنها فرصة في غاية الأهمية لإنقاذ حملة إعادة انتخابه.