وسط تقارير تفيد بأن السودان يتجه إلى توقيع اتفاق مع اسرائيل، قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في 3 نوفمبر، ليصبح البلد الثالث بعد الامارات والبحرين الذي يطبع علاقاته مع تل أبيب في نهاية الولاية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب، بدا أمس أن التباين أو تقاسم الأدوار بين الجيش والحكومة المدنية حول التطبيع لا يزال على حاله.

في هذا السياق، قال رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، أمس، إن هناك فرصة سانحة لرفع اسم بلاده من قائمة الإرهاب يجب اغتنامها، داعياً الى إعادة صياغة العلاقات الخارحية على أساس المصلحة الوطنية.

Ad

وكانت واشنطن ربطت بين حذف الخرطوم من لائحتها السوداء وبين الاتفاق مع تل أبيب.

وفي كلمة ألقاها، في مستهل المؤتمر الاقتصادي القومي الأول الذي انطلقت أعماله في الخرطوم أمس، ويستمر 3 أيام، أشار البرهان إلى وجود عدد من الفرص الواجب استخدامها أمام الحكومة "للخروج مما نحن فيه من أزمات". ولفت إلى أن "ما حقّقه السودان من سلام يمكّنه من إجراء إصلاحات بنيوية وسياسية، لذلك لدينا فرصة سانحة نعمل على اغتنامها، وهي شطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب".

ويعود تصنيف السودان دولة راعية للإرهاب إلى عهد رئيسه المخلوع عمر البشير، ويجعل من الصعب على حكومته الانتقالية الجديدة الحصول على إعفاء من الديون وتمويل أجنبي هي في أمس الحاجة إليه.

وبيّن البرهان أن بقاء السودان في القائمة السوداء "يحول دون اندماجه بالمجتمع الدولي، وضخ روح عالمية متجددة في جسد الاقتصاد الوطني وإعادة بناء علاقاته الخارجية بما يعزز المصلحة الوطنية".

وأجرى البرهان، الأسبوع الماضي، مشاورات مع مسؤولين أميركيين وإماراتيين بشأن دعم الخرطوم مالياً ورفع اسمها من قوائم الإرهاب خلال زيارة رسمية لأبوظبي. وأفادت تقارير اسرائيلية بأنه سيلتقي برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في أوغندا قريباً، على غرار اللقاء السري الذي جمع بينهما في كمبالا فبراير الماضي.

واجتمع البرهان، في وقت سابق أمس، بشركائه السياسيين. وناقش مجلسا السيادة والوزراء و"قوى الحرية والتغيير" نتائج زيارة البرهان الى الامارات، حيث اجرى مباحثات مع المسؤولين الأميركيين بهدف الوصول إلى رؤية سودانية مشتركة حول بنود المباحثات، لاسيما المتعلقة بالسلام العربي مع إسرائيل.

حمدوك

في المقابل، شدد رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك أن بلاده لا تريد ربط حذفها من قائمة الدول الراعية للإرهاب بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وذكّر حمدوك بأنه قال لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الشهر الماضي، أن من الضروري الفصل بين القضيتين، مضيفا في كلمة أمام المؤتمر الاقتصادي أن ملف العلاقات مع إسرائيل يحتاج إلى نقاش مجتمعي متعمق.

وكان بومبيو زار الخرطوم في أغسطس الماضي من دون وعود علنية بالتوصل الى اتفاق. وأبلغ حمدوك الزائر الأميركي أن ملف التطبيع يتعدّى التفويض الممنوح للحكومة الانتقالية بموجب الوثيقة الدستورية، وأن حسم القضية لا يمكن أن يتمّ قبل اكتمال أجهزة الحكم الانتقالي.

ودعا حمدوك الإدارة الأميركية إلى الفصل بين عملية رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب وملفّ التطبيع مع إسرائيل. وفي هذا الإطار، يرى محلّلون أن الحكومة أرادت أن تضمن المكاسب التي ستجنيها من التطبيع، قبل الإعلان عن المضيّ قُدُماً فيه، خصوصاً لجهة انتزاع وعود من الجانب الأميركي بدعم الحكومة المدنية اقتصادياً حتى تتمكّن من العبور إلى نهاية الفترة الانتقالية. ولذا، ترك حمدوك الباب موارباً، وعلّق مسألة التطبيع على اكتمال هياكل السلطة الانتقالية، في إشارة إلى تشكيل المجلس التشريعي، وليس إلى حين تكوين حكومة منتخبة يختارها الشعب بعد قيام انتخابات حرّة في نهاية الفترة الانتقالية. وهذا ما دعا محلّلين إلى الاعتقاد وقتها بأن قضية التطبيع ستُحسم قريباً.

في غضون ذلك، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش إن بلاده ليست بحاجة إلى سلام مع إسرائيل لمواجهة إيران، لكن سياسات إيران العدوانية على مدى 3 عقود أزعجت العديد من الدول العربية وجعلتها تنظر إلى علاقتها مع إسرائيل بـ"نظرة مختلفة".

وأشار برقاش في تصريحات لوكالة "أسوشيد برس"، على هامش الاجتماع السنوي الافتراضي للجمعية العامة للأمم المتحدة لقادة العالم، إلى أن هذا ربما لم يكن نية إيران، لكن أفعالها كان لها تأثير كبير في المنطقة.