تجاوزت الحكومة الإيطالية المنقسمة اختباراً صعباً ولا تزال صامدة في وجه التحديات اليومية، فقد أعلن الشريكان في الائتلاف، "حركة خمس نجوم" و"الحزب الديمقراطي"، الفوز بعدما توجه الإيطاليون إلى صناديق الاقتراع في يومَي الأحد والاثنين للمشاركة في انتخابات الأقاليم والتصويت في استفتاء دستوري.

دافع "الحزب الديمقراطي" عن موقعه في ثلاثة أقاليم من أصل أربعة، بما في ذلك معقله التقليدي في "توسكانا"، واحتفظ أيضاً بإقليمَي "بوليا" و"كامبانيا" لكنه خسر في "ماركي".

Ad

في المقابل، خسرت "حركة خمس نجوم" نسبة كبيرة من الدعم في انتخابات الأقاليم لكنها حصدت تأييداً شعبياً هائلاً في الاستفتاء حول تقليص عدد النواب وسياستها الرئيسة، فبلغت نسبة تأييدها حوالي 70%.

سارع قادة الأحزاب الحاكمة إلى الاحتفال بالنتائج وأعلن زعيم "الحزب الديمقراطي" نيكولا زينغاريتي الفوز فقال: "نحن راضون جداً، فقد حققنا هذه النتيجة الإيجابية رغم الوضع الصعب والانقسامات الكبرى في التحالف الذي يدعم الحكومة. هذه النتيجة ستُسهّل تطبيق إصلاحات إضافية وتعزيز التعاون داخل الحكومة".

في الوقت نفسه أعلن لويجي دي مايو، وزير الخارجية وعضو بارز في "حركة خمس نجوم": "اسمحوا لي أن أقول إننا نجحنا مجدداً، فكل من حاول تحويل هذا الاستفتاء إلى تصويت ضد الحكومة تلقى صفعة موجعة".

كان "الحزب الديمقراطي" يخشى حصول الأسوأ غداة الاستطلاعات الأخيرة قبل أن يشير التصويت إلى اقتراب معسكر اليمين من تحقيق الفوز في "توسكانا" و"بوليا"، لكن لم يحصل ذلك.

بعد احتساب الأصوات في ثلاثة أرباع مراكز التصويت في "توسكانا" عشية يوم الاثنين، تبيّن أن مرشّح اليسار الوسطي أوجينيو جياني حصد 49% من الأصوات مقابل 41% لسوزانا تشيكاردي من "حزب الرابطة" اليميني المتطرف.

وبعد احتساب 20% من الأصوات في إقليم "بوليا"، اتضح تفوق مرشح اليسار الوسطي ميشال إميليانو بنسبة 46% مقابل 39% لمرشح اليمين الوسطي رافاييل فيتو.

يظن منظّم الاستطلاعات لورينزو بريجلياسكو من موقع "يوترند" أن هذه النتائج كفيلة بتقوية سطوة الحكومة على السلطة ويُفترض أن تصمد في المرحلة الراهنة.

كان إقليم "ماركي" المكان الوحيد الذي غيّر توجهاته الانتخابية في البلد، فقد تغلب حزب "إخوة إيطاليا" اليميني المتطرف برئاسة جيورجيا ميلوني على "الحزب الديمقراطي" في ذلك المعقل اليساري، علماً أن شعبية حزبها زادت بدرجة كبيرة في الأشهر الأخيرة على حساب "حزب الرابطة" برئاسة ماتيو سالفيني.

سارعت ميلوني، النجمة الصاعدة في معسكر اليمين، إلى الاحتفال بالفوز فغرّدت قائلة: "من الشمال إلى الجنوب، وحده حزب "إخوة إيطاليا" يحرز التقدم في جميع الدوائر الانتخابية".

يظن لورينزو بريجلياسكو أن نتائج انتخابات الأقاليم تعكس "تعادلاً" على أرض الواقع، إذ يثبت الفوز في "ماركي" أن معسكر اليمين يتابع تحقيق النصر والتقدم، في حين يحافظ "الحزب الديمقراطي" على موقعه: "بذل الحزب الديمقراطي جهوداً كبرى لطرح توقعات مدروسة كي تعكس النتائج نوعاً من الانتصار، حتى لو كانت أقرب إلى التعادل".

يوافقه الرأي جيوفاني أورسينا، أستاذ في العلوم السياسية في جامعة "لويس" في روما: "لم تكن الحملة الدعائية لإعادة انتخاب سالفيني ذكية جداً. المناطق الحمراء محصّنة ويصعب الفوز بها لأن اليسار لديه جذور عميقة فيها وشبكة واسعة من المصالح الاقتصادية".

أعلن بريجلياسكو من جهته أن نتائج الانتخابات تضمن تفوق "الحزب الديمقراطي" داخل الحكومة وأضاف قائلاً: "بين الحزب الديمقراطي وحركة خمس نجوم، من الواضح أن الحزب الديمقراطي له الأفضلية، ولهذا السبب قد يتمكن من فرض كلمته على أجندة الحكومة أكثر من غيره". يستطيع "الحزب الديمقراطي" أن يستغل هذا الوضع لتحقيق مصالحه، فيستخدم أموال آلية الاستقرار الأوروبي مثلاً. إنها مسألة خلافية يدعمها "الحزب الديمقراطي" وتعارضها "حركة خمس نجوم".

لكن لا يريد الجميع الاستخفاف بموقع "حركة خمس نجوم" كقوة ناشطة في السياسة الإيطالية.

أعلن مارك لازار، أستاذ في التاريخ السياسي وعلم الاجتماع في "معهد الدراسات السياسية في باريس"، أن تلك الحركة هزمت جهود الأحزاب ووسائل الإعلام التقليدية التي تكاتفت لمعارضة الاستفتاء على اعتبار أنه استحقاق شعبوي وغير مهم من الناحية المالية.

يضيف لازار: "لم تكن مشاركة أكثر من 50% من الناخبين في الاستفتاء مضمونة. غاب الكثيرون عن الانتخابات السابقة وينتشر فيروس كورونا أيضاً في الوقت الراهن، ولهذا السبب يثبت ارتفاع نسبة المشاركة اهتمام الناس بهذا الاستحقاق".

* هانا روبرتس وباولا تاما وجورجيو ليالي