يبدو أن جماعة "الإخوان المسلمين" في الأردن وجناحها السياسي المعروف باسم "جبهة العمل الإسلامي" يتجهان إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقررة في 10 نوفمبر وسط انطلاق حملة لقمع الحريات العامة في المملكة.

يشعر الإسلاميون بالقلق أيضاً من أن يؤثر التدخل الحكومي في الانتخابات المرتقبة على نزاهة السباق الانتخابي، إذ تتزامن هذه الأحداث مع تنامي التوتر بين الإسلاميين والسلطات الأردنية بعدما أصدرت محكمة النقض في 15 يوليو قراراً بحلّ فرع "الإخوان المسلمين" في الأردن، وفي المرحلة اللاحقة، بدأت حملة اعتقالات بحق أعضاء "الإخوان" داخل نقابة المعلمين التي عُلّقت نشاطاتها في شهر أغسطس.

Ad

صرّح ثابت عساف، المتحدث باسم "جبهة العمل الإسلامي"، أكبر حزب معارِض في الأردن، لموقع "المونيتور": "تتعدد الأسباب التي تدفعنا إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية، لا سيما الظروف السياسية العامة في البلاد، بما في ذلك الاعتداءات المتكررة على نقابات مثل نقابة المعلمين، والأزمات المتلاحقة مثل تهميش البرلمان".

لكنّ الإسلاميين ليسوا الجهة الوحيدة التي تدعو إلى مقاطعة الانتخابات هذه السنة، فقد انضم إليهم المعلمون الغاضبون بعدما أصدر نائب عام في عمّان، بتاريخ 25 يوليو، قراراً بإغلاق نقابة المعلمين وفروعها ومكاتبها في أنحاء البلد طوال سنتين، فضلاً عن اعتقال 13 من أعضائها.

تأتي هذه الأحداث غداة إقدام بعض المعلمين على تقديم شكوى قضائية ضد مجلس النقابة بسبب تبرّعه بنصف مليون دينار أردني (705 آلاف دولار) إلى صندوق "همة وطن" الذي أطلقته الحكومة لجمع التبرعات للمصابين بفيروس كورونا.

في المقابل تعتبر "الهيئة المستقلة للانتخاب"، وهي الجهة الرسمية المسؤولة عن تنظيم الاستحقاق الانتخابي، أن مقاطعة الانتخابات البرلمانية لا تصبّ في مصلحة الأطراف التي تواجه مسائل عالقة أو تحمل مطالب معينة أو تريد تغيير الوضع.

يقول جهاد المومني، المتحدث باسم الهيئة: "تتكلم جبهة العمل الإسلامي عن ضغوط أمنية سابقة تعرّض لها المرشحون المحتملون، لكن تقدم "الهيئة المستقلة للانتخاب" ضمانات مؤكدة وموثوقا بها حول نزاهة الانتخابات، وتبدأ هذه الضمانات مع لوائح الناخبين حيث يتم إدراج الأسماء أوتوماتيكياً، ولا يمكن نقل الأصوات من دائرة انتخابية إلى أخرى، أما الضمانات الأخرى فتشمل مراقبة مسار الانتخابات وإشراف المراقبين والمندوبين ووسائل الإعلام على عملية احتساب الأصوات".

ثم توجّه المومني إلى الجهات التي تدعو إلى مقاطعة الانتخابات قائلاً: "لإحداث التغيير المنشود، لا بد من المشاركة في الانتخابات والتوجه إلى صناديق الاقتراع، فهكذا يتم انتخاب ممثلي الشعب في السلطة التشريعية المعترف بها دستورياً، فالمقاطعة حق للجميع لكنّ المشاركة حق وواجب، إذ سيحصل جميع الناس على من يمثّلهم في البرلمان، حتى مقاطعو الانتخابات. ونحن لا نعترض على قرار المقاطعة لكننا نريد أن يشارك الجميع في هذا الاستحقاق".

وفيما يخص تجديد الثقة بالانتخابات بعد تعليق عمل المجالس المُنتَخبة، على غرار نقابة المعلمين، يقول المومني: "نحن نبني علاقة ثقة جديدة، فقد كان وجود الهيئة كفيلاً بخلق هذه الثقة، لكننا ما زلنا في بداية الطريق، إذ تُبنى الثقة ببطء، لذا نحرص على إجراء انتخابات عادلة لاكتساب تلك الثقة. نحن لا نشرف على انتخابات نقابة المعلمين، وهذه المسألة تخصّ المعلمين والحكومة".

في عام 2016، بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية 36%، لكن يتساءل الكثيرون عن تأثير مقاطعة الإسلاميين هذه المرة على نتائج الانتخابات المقبلة، حيث يظن الخبير في الشؤون البرلمانية والصحافي وليد حسني أن "مقاطعة الإسلاميين لن تؤثر على نتائج الانتخابات أو شكل البرلمان المقبل بدرجة كبيرة. لطالما كان مخزون الأصوات في أوساط الناخبين التابعين لحركة "الإخوان المسلمين" ضعيفاً بسبب عيوب قادتهم وتشكيلات الأحزاب الأخرى، لكنّ النتيجة النهائية لن تتأثر. قد يشهد البرلمان المقبل غياب كتلة برلمانية معارِضة، وأظن أن تهديد "الإخوان المسلمين" بمقاطعة الانتخابات يهدف أصلاً إلى عقد صفقة معينة أو إجبار الحكومة على تقديم ضمانات تؤكد نزاهة الانتخابات".

أخيراً، يذكر موقع "راصد" (منظمة أردنية غير حكومية تتولى مراقبة الانتخابات والنشاطات الحكومية) أن 1076 رجلاً وامرأة في الأردن يُخططون للترشح في الانتخابات البرلمانية المقبلة، كذلك سيشارك 42 حزباً في الانتخابات، ولم تتخذ ستة أحزاب من أصل 48 حزباً مرخّصاً قرارها النهائي بعد.

* «محمد عرسان»