قبل أيام قليلة كانت أجواء «وول ستريت» توحي وكأن الأسهم يمكن أن تستمر بالارتفاع إلى ما لا نهاية. الأرقام القياسية كانت تتوالى، والتداولات على أسهم التكنولوجيا تشكل مستويات سيولة غير مسبوقة، لاسيما بعد تجزئة سهمي آبل وتسلا مطلع الأسبوع الماضي.

لكن في نهاية الأسبوع تغيّر كل شيء. مؤشر ناسداك 100 خسر 6.4 في المئة خلال جلستي الخميس والجمعة، وكان يمكن يمكن للخسائر أن تكون أكبر بكثير لولا بعض التعويض في نهاية جلسة الجمعة.

Ad

ومع ذلك، ظلت هذه الخسائر الأكبر على مدى جلستين منذ منتصف مارس، حين كانت أزمة كورونا في ذروتها.

التراجعات قادتها أسهم كانت تقود الارتفاعات المجنونة، والحديث الأبرز هنا عن سهم تسلا، الذي خسر 22 في المئة على مدى أربع جلسات فقط، مما جعلها تدخل السوق الهابط في وقت سريع.

فهل هي استراحة لجني الأرباح، أم هي بداية تصحيح عميق، تنتظره وول ستريت منذ سنوات؟

محللون كثر يشيرون إلى أن أسعار أسهم التكنولوجيا الكبرى باتت مرتفعة جدا، ولا يرون مبررا لوصولها إلى مستوياتها الراهنة سوى وفرة السيولة، في ظل انخفاض معدلات الفائدة وعمليات التيسير الكمي التي يقوم بها الاحتياطي الفدرالي لإنعاش الاقتصاد، في مواجهة تأثيرات جائحة كورونا.

وكانت جائحة كورونا بالذات حافزا للاستثمار في شركات التكنولوجيا المستفيدة من الإقبال على الخدمات الإلكترونية في ظل إجراءات الإغلاق، مثل أمازون، والشركات التي تقدم خدمات الاتصال المرئي، مثل مايكروسوفت وزوم.

ويشير المحللون إلى عوامل أخرى غذت المكاسب من خارج أساسيات السوق، منها النشاط غير المسبوق للمتداولين الأفراد، الذين منحتهم إجراءات الإغلاق والحجر وقتا فائضا للتداول النشيط.

إلا أن هزة نهاية الأسبوع الماضي شجعت بعض المحللين على التأكيد أن الارتفاعات القوية التي شهدها مؤشر ناسداك خلال الفترة الأخيرة باتت من الماضي، معتبرين ما يحصل تصليحا طال انتظاره.

وبات هناك من يتحدث عن مشارفة وول ستريت على فقاعة تشبه فقاعة أسهم التكنولوجحيا في العام 2000.

ومع أنه لا يزال من السابق لأوانه القول ما إذا كانت أيام الريادة لأسهم التكنولوجيا قد انتهت، يرى بعض المستثمرين أن انعكاس اتجاه هذه الأسهم ضروري وصحي لوول ستريت.

من جانبه، أكد بنك غولدمان ساكس Goldman Sachs، أن القيمة الاسمية الإجمالية لخيارات الشراء على أسهم فردية في الأسواق الأميركية بلغت 335 مليار دولار يوميا خلال الأسبوعين الماضيين، بحسب ما ذكرته صحيفة FINANCIAL TIMES.

ويمثل ذلك ثلاثة أضعاف المتوسط المتحرك أو rolling average خلال الفترة ما بين 2017 و2019، مما يشير إلى وجود مستثمر كبير وليس فقط تداولات عادية قوية.

وقال مستشار استثمار في Bank of Singapore كريم العيطة، في مقابلة مع «العربية»، إن أسهم التكنولوجيا الأميركية هبطت 6.3 في المئة من الارتفاع الكبير لها.

وأرجع العيطة سبب ذلك التراجع إلى أن التقييم زاد عن حده، و«قمنا في بنك أوف سنغافور بالتنبيه الأسبوع الماضي بأنه سيكون هناك تذبذب وصعوبات في المدى القصير».

ونصح المستثمرين بأن يضعوا المراكز الأساسية للتكنولوجيا بشكل محايد مع العمل على إعادة تعديل وضعها بشكل متوازن.