قيل إن قبيلة اشتهرت بالكرم وكان لشيخها سمعة طيبة لكرمه، حيث يملك قدرين لا يضاهيه أحد بحجمهما، وذات يوم أراد اللصوص سرقة شيخ القبيلة، فخططوا لذلك ونفذوا، إلا أنهم لسوء حظهم لم يجدوا سوى القدرين، فاضطروا لسرقة واحد لعدم مقدرتهم على سرقة الاثنين. وفي الصباح اكتشف الخدم السرقة فأبلغوا شيخ القبيلة الذي طلب من أبناء عشيرته الحضور فوراً لمنزله، فأبلغ الشيخ عشيرته بما حدث وسأل عما إذا كان أحدهم قد سرق أو ساعد في ذلك، حيث كان أحد السارقين من ضمن الحضور ليرى ويسمع ما ستترتب عليه السرقة، وفوجئ بشيخ القبيلة الحكيم الذي عرف أن السارق من عشيرته يقول:

يا البايق جدرنا كود تطبخ بيه

Ad

وكل ظنك تبيعه وراح تربح بيه

هو معلم علينا وراح تغرق بيه

نستاحش وأهله يريدونه

فأخذ أفراد العشيرة يهوشون ويرقصون للشيخ وهم يرددون جميعاً بهذا الفعل المعيب والمشين لمن قام به، فخجل السارق الموجود بينهم حتى أنه لم يستطع النظر بوجه أي فرد من أبناء عشيرته وذهب لبقية الحرامية ليقول لهم ما حدث، ونبههم بموقفهم وموقف أبنائهم وأسرهم في حال اكتشف أمرهم فقرروا إعادة ما سرقوه، وذهبوا للشيخ ليعتذروا عن جريمتهم ويطلبوا السماح، فقبل الشيخ ولم يخطر عشيرته بأسمائهم حتى لا يجلبوا العار والفضيحة لأسرهم. هذه القصة لم يعد أفرادها بيننا، فحراميتنا لا يخجلون ولا يعيرون اهتماماً لأسرهم، وما سيلحقهم من فضائح، كما أن المجتمع لم يعد يكترث لمثل هذه الأفعال المشينة والمخجلة، حيث يتصدر الحرامي مجالسهم بل بعضهم يمنحه ثقته ويجعله نائباً عنه وعن مستقبل أبنائه، وأصبحت الرذيلة والسرقة والكذب والرياء من صفات الإنسان الناجح، في حين صار الصدق والأمانة واتباع الحق من صفات الفاشل، لذلك نحن نحتاج لإعادة النظر في قيمنا ومبادئنا قبل كل شيء، حتى يمكن للسارق أن يخجل ويخاف من ردة فعل المجتمع تجاهه وتجاه أسرته.

يعني بالعربي المشرمح: حرامية أول يخجلون ويخافون الفضيحة وسوء السمعة لهم ولأسرهم من المجتمع، في حين حرامية اليوم لا يخجلون ولا يكترثون لسمعتهم ولا سمعة أسرهم بسبب رياء ونفاق المجتمع، لذلك نراهم يتبجحون بما يسرقونه دون خجل أو خوف.