تقدم النائب د.عبدالكريم الكندري باستجواب إلى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد مكون من 3 محاور حول سوء إدارة الحكومة لأزمة كورونا، والسياسة العامة للحكومة بشأن العجز المالي، وانتهاك المادة 39 من الدستور «تسريبات أمن الدولة».

وقال الكندري في مقدمة استجوابه «ذهب عهد الحكومة السابق برئاسة سمو رئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ جابر المبارك والذي كان يفترض به أن تستثمر الفوائض المالية التي أنعم الله علينا بها بسبب الطفرة في أسعار البترول منذ 2011، وتبخرت معه الآمال واستنزفت به الفوائض المالية لأسباب كثيرة ذكرت في صحيفة الاستجواب في وقتها التي قدمت لرئيس الوزراء السابق.

Ad

وتابع: فقد جاء هذا الاستجواب واضحاً جلياً في الموضوع بثلاثة محاور مستندة على وقائع محددة داخلة في اختصاص سمو رئيس مجلس الوزراء كونها تمثل سياسة عامة للحكومة قائمة ومستمرة حتى الآن أو قامت في عهد سلفه ولازالت آثارها موجودة على الأرض.

وجاء المحور الأول عن سوء إدارة الحكومة لأزمة كورونا: شهد العالم تحدياً لم يشهده من زمن بعيد بخلاف الحروب، وهو اجتياح وباء فيروس كورونا المستجد لجميع الدول.

إن الفيصل في اتخاذ القرار هو توجيهات رئيس مجلس الوزراء وسياسته في هذا الشأن، فمن الطبيعي أن يعمل كل وزير وفقاً لتوجيهات مكلف بها ويقوم بتنفيذها على أرض الواقع، ولا يعفى رئيس مجلس الوزراء من المسؤولية أن القرارات المتخذة كانت بناء على رأي الوزراء، فرئيس مجلس الوزراء غير مسائل عن أعمالهم التنفيذية التي تدخل في اختصاصهم لكن يساءل على سوء التنسيق بين هؤلاء الوزراء، أو تبني رأي أحد الوزراء وترجيحه ثم التراجع عنه دون محاسبة أو تبرير على الأقل خصوصاً أن إدارة أزمة كورونا في مجلس الوزراء كانت جماعية وليست فردية.

أما المحور الثالث فهو عن انتهاك المادة 39 من الدستور: نصت المادة 39 من الدستور على أن «حرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية مصونة، وسريتها مكفولة، فلا يجوز مراقبة الرسائل، أو إفشاء سريتها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبالإجراءات المنصوص عليها فيه».

لقد شهدت الكويت في الأيام القليلة الماضية سلسلة من التسريبات لتحقيقات قام بها جهاز أمن الدولة مع أبناء رئيس مجلس الوزراء السابق.

ولما كانت مسؤولية رئيس مجلس الوزراء متمثلة برسم السياسة العامة للدولة، فان إبقاء الوزير المختص في منصبه بعد هذه الفضائح هو قبول بهذا الفعل أو تبسيط لهذه القضية التي تعد انتهاكاً دستورياً، وهو ما ينعكس على سياسة الحكومة التي لا تعتبر التجسس على المواطنين وانتهاك خصوصيات الأفراد، وسوء استغلال السلطة والنفوذ فساداً يستدعي التصدي له ومحاربته بمخالفة السياسة العامة المعلنة لرئيس مجلس الوزراء برفع راية محاربة الفساد وهو مما يستدعي معه إثارة مسؤوليته السياسية عن هذا الفعل.

إن مكافحة الفساد لا تعني إحالة القضايا إلى النيابة أو هيئة مكافحة الفساد أو التحقيق الإداري بها فقط، إن الإدارة الحازمة تتطلب اتخاذ قرارات غير اعتيادية في مثل هذه القضايا من تطهير للمؤسسات وإقالة المتسببين بها، ولا بد أن يعي رئيس مجلس الوزراء أن التضامن الوزاري وحماية الوزراء هي اجراءات في سبيل الدفاع عن سياسة الحكومة لكن ليس لإنقاذ الوزراء المقصرين أو الفاسدين أو الضعفاء بالأداء، وحتى إن قبلنا برأي الأغلبية البرلمانية بمنح الثقة في الوزراء أثناء الاستجوابات فهذا لا يعفي رئيس مجلس الوزراء من إقالة أحد منهم متى ما رأى أن سياسات حكومته تتأثر بوجودهم، أو على وشك فقد ثقة الشعب بنهجه نتيجة التمسك بهم، أو أن المسؤولية السياسية والتي هي جوهر العمل السياسي بتحمل تبعة القرار أصبحت واجبه التطبيق.

الخالد يعرف عجز الميزانية

جاء المحور الثاني عن السياسة العامة للحكومة بشأن العجز المالي وقال فيه: رفعت الحكومات المتعاقبة منذ سنة 2014 عندما تم اعلان أول عجز حقيقي للميزانية شعار ترشيد الانفاق وضبط المصروفات كسياسة عامة تحكم عمل الوزارات والجهات الحكومية وأسلوب في تنفيذ برامجها وخططها، وكان قرار مجلس الوزراء بتاريخ 10/11/2014 رقم 1410 الذي أقره مجلس الوزراء بشأن ترشيد الإنفاق العام عبارة عن اللبنة الأولى لما سمي بعد ذلك بوثائق الإصلاح الاقتصادي.

دستورياً لا يمكن تحميل رئيس الوزراء إخفاقات الماضي على الرغم من أنه كان أحد أعمدة الحكومات المتعاقبة لرئيس مجلس الوزراء السابق، وبنفــــس الوقـــت لا يمكن القبول بظهوره بمظهر المتفاجئ أيضاً بكل ما يحصل في الكويت، فالعجز بالميزانية كان دائماً أمام عينيه على طاولة مجلس الوزراء، لكن الذي اختلف بأنه في السابق كان منفذاً للسياسات العامة لرئيس الوزراء بحكم موقعه كوزير، أما اليوم فهو من يشكل هذه السياسات ويساءل عنها ويعمل على توجيه وزرائه لتنفيذها.

ليس بعيداً عن قرار 1410 الذي كان محلاً لاستجواب رئيس مجلس الوزراء السابق، أصدر مجلس الوزراء قراراً وزارياً رقم 728 بجلسته المنعقدة بتاريخ 4/6/2020 بعد عرض لجنة الشؤون الاقتصادية ورقة الإصلاحات ومقترحات تمويل الميزانية والمعدة من قبل وزارة المالية والمتضمنة جدولاً بالإصلاحات المالية المطلوب إقرارها بأدوات تشريعية أو تنفيذية.

لا ننكر أن الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد من عجز في الميزانية نتيجة استمرار تراجع أسعار البترول منذ سنة 2014 حتى الآن لا يحاسب عليه رئيس الحكومة دستورياً لكن التصرف مع هذا العجز وسياسته اتجاهه هو محل استجوابنا اليوم.