تلقت بيروت الحكم الصادر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، وإدانة القيادي في «حزب الله»، سليم عياش في الاغيتال، ببرود رغم توالي المواقف السياسية.

وحتى بعد صدور حكمها الذي يراه البعض مخفّفاً، استمر السجال حول المحكمة ودورها وتسييسها، وتضاربت مقاربة اللبنانيين للحكم، بين من اعتبر ان إدانتها عياش العضو في «حزب الله» تعد إدانة للحزب كمنظمة، وبين من ركّز على أحكام البراءة بحق المتهمين الثلاثة الآخرين، وعدم وجود أدلة ضد قيادتي «حزب الله» وسورية.

Ad

وركز المدافعون عن المحكمة الدولية (14 آذار سابقا) على أهمية قراءة ما بين سطور الحكم من رسائل شديدة الدقة، موجهة إلى الدولة اللبنانية، وأجهزة الحكم فيها و«حزب الله» بالتحديد، ذلك أن اتهام عياش حصرا لا يعفي «حزب الله» من مسؤولية سياسية ومعنوية لجهة ضرورة تنفيذ العدالة، ورفع الغطاء عن المتهم تمهيدا لتنفيذ الحكم في وقت نشرت صحيفة «الأخبار» اللبنانية (المحسوبة على «حزب الله») صورة لقاعة المحكمة على صفحتها الأولى كاملة مع ختم «منتهية الصلاحية» باللون الأحمر.

وسأل خصوم «المستقبل»، عن الجدوى من دفع 800 مليون دولار (تمويل المحكمة) لقاء حكم لا يدين الحزب، على الأقل في الشكل، حيث إنها قالت، بعد سنوات طويلة، ما قيل في السنة الثانية (القرار الظني).

واشنطن ترحب

ورحبت الولايات المتحدة بإدانة المحكمة الدولية لعياش، إذ قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيان امس إن «إدانة عياش تسهم في تأكيد ما بات العالم يدركه أكثر فأكثر، وهو أنّ حزب الله وأعضاءه لا يدافعون عن لبنان كما يدّعون، بل يشكّلون منظمة إرهابية هدفها تنفيذ الأجندة الطائفية الخبيثة لإيران».

وأضاف بومبيو: «على الرّغم من أنّ عيّاش لا يزال طليقاً، فإن قرار المحكمة الدولية يؤكّد أهمية إحقاق العدالة ووضع حدّ للإفلات من العقاب، وهو ما يعدّ إلزامياً لضمان الأمن والاستقرار والسيادة في لبنان».

«حزب الله» يلتزم الصمت

وكشفت مصادر سياسية متابعة، امس، ان «حزب الله عمّم على نوابه ومسؤوليه عدم التطرّق الى حكم المحكمة الدولية»، مشيرة الى إن «الحزب لن يُعلّق على الحكم وموقفه منه معروف، وأكده نائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم في تصريح منذ شهر بقوله إن موضوع المحكمة الدولية خارج اهتمامنا ونقاشنا، وليست له مفاعيل في الداخل اللبناني».

بري يزور عون

سياسيا، التقى رئيس الجمهورية ميشال عون، امس، رئيس مجلس النواب نبيه برّي في قصر بعبدا. وعند مغادرة الأخير القصر، قال إن «التواصل مع فخامة الرئيس، مستمر». وقالت مصادر متابعة ان «زيارة بري لعون هدفت الى تأكيد نقاط ثلاث: أن الوضع لا يحتمل التأجيل، وأن الحريري رجل المرحلة، والاستشارات ضرورية في اقرب وقت.

وكشفت المصادر ان «تبادلا لوجهات النظر تم بين الرئيسين حول مجمل الاوضاع وتحديدا الملف الحكومي وتم التطرق الى الاستشارات المفترض الا يتأخر موعدها عن مطلع الاسبوع المقبل، وما توصلت اليه الاتصالات في هذا الشأن بدءا من هوية رئيس الحكومة العتيد وبرنامج عملها الاصلاحي وهويتها وشكلها».

وأكدت المصادر ان «الطروحات لامست اسم الرئيس الحريري من زاوية الالتقاء عليه كأفضل شخصية لإدارة المرحلة الصعبة، بعد تخفيف كمّ الشروط التي وضعها لقبول المهمة». وانتهى الاجتماع الى التوافق على استمرار المشاورات ومتابعة بعض النقاط خلال الساعات الـ 48 المقبلة للتوصل الى تفاهم ضروري قبل الذهاب الى الاستشارات النيابية الملزمة.

وأشار مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان إلى «اننا قد لا نحتاج الى الحياد اذا بنينا دولة قوية وعادلة معززة بالعدالة الاجتماعية والاقتصادية ومتوجة بالعيش المشترك الامن، فهذه الدولة تغنينا عن كل حياد لانها تشكل سياجا وطنيا وحماية كافية، اما اذا بقينا على انقسامنا ولم نبن دولة فلن يفيدنا اي حياد». وسأل: «ما قيمة الحياد اذا كان المسؤول لا يقيم وزنا للسيادة؟». واعتبر دريان ان «من مهمات حكومة التغيير انفاذ الحكم الصادر عن المحكمة الدولية في قضية اغتيال الحريري».

«إخبار» ضد عون ودياب

في موازاة ذلك، تقدم المحامي مجد بطرس حرب، امس، بإخبار إلى النائب العام التمييزي غسان عويدات، موضوعه تمنّع كل من الرئيس عون ورئيس الحكومة المستقيل حسان دياب عن ممارسة واجباتهما، والتسبب بوفاة مئات الأشخاص، وإصابة آلاف المواطنين، وتدمير نصف العاصمة بيروت.

وأشارت مصادر قضائية، امس، إلى ان «هذه «المبادرة القانونية مجرد شهادة للتاريخ، ولن تجد طريقها إلى المحاكم اللبنانية»، لافتة إلى ان «هذه الشكوى معنوية، ولن تجد طريقها إلى حيث المساءلة والمحاسبة والعقاب».