بمناسبة يوم الشباب العالمي نشر مركز الإحصاء الفلسطيني إحصاءات مهمة حول وضع الشباب، بعضها يبعث على الأمل، وبعضها يثير الغضب والقلق الشديد، إذ تشير الإحصاءات إلى أن نسبة الشباب ضمن الفئة العمرية من 18 إلى 29 عاماً، تصل إلى خُمس المجتمع أي 22% من إجمالي السكان، ولكم أن تتخيلوا كم تبلغ نسبة الشباب في المواقع القيادية في المجتمع والمؤسسات السياسية، ولا أعتقد أنها تصل إلى 1%.

تشير الإحصاءات إلى نسبة مرتفعة من التعليم في أوساط الشباب وخصوصا الشابات، ونسبة الحاصلين على البكالوريوس، أو شهادات أعلى، بينهم تصل إلى 18%، بالمقارنة مع 12% عام 2007، ولكن النسبة بين الفتيات تصل إلى 23% بالمقارنة مع 13% فقط للشباب، ولكن نسبة البطالة بين الفتيات الشابات هي 63% بالمقارنة مع 31% بين الشباب الذكور، وهذا يدل على ظلم فادح للشابات من ناحية توافر فرص العمل، ونسبة البطالة عموماً بين الشباب في قطاع غزة 63% وهي نسبة مؤلمة وتكشف مدى سوء الوضع الاقتصادي في قطاع غزة.

Ad

من الأرقام المشجعة انخفاض نسبة الزواج المبكر بين الفتيات، أي اللواتي تزوجن قبل بلوغ عمر 18 عاماً، من 37% عام 2010 إلى 14% في عام 2019، وهذا إنجاز يُنسب لتأثير عاملين: ارتفاع نسبة الفتيات المتعلمات، وحملات التوعية التي يقوم بها المجتمع المدني لمكافحة زواج القاصرات والزواج المبكر.

تشير الإحصاءات أيضا إلى الانخفاض الحاد في نسبة الأمية بين الشباب حيث لا تزيد على 0.7%، أي أقل من 1% في فلسطين وهذا إنجاز رائع، وللمفارقة فإن النسبة في قطاع غزة أفضل قليلاً من الضفة الغربية.

لكن هذا الإنجاز يصطدم بواقع أليم، لا بد من التصدي الحازم له، وهو الارتفاع المذهل في نسبة الشابات اللواتي يتعرضن للعنف من قبل أزواجهن، حيث تصل نسبة النساء المعنفات إلى 37%، منها 31% في الضفة الغربية و46% في قطاع غزة، وهذا أمر يستدعي جهود توعية كبيرة وإقرارا سريعا لقانون عادل لحماية الأسرة.

الرقم المؤذي والمريع الآخر هو أن نسبة المُستخدمين بأجر في القطاع الخاص من الشباب الذين يتلقون أجراً أقل من الحد الأدنى (القليل أصلاً) وهي 1450 شيكلا شهرياً، تصل إلى ما يزيد على 54 ألف شاب وشابة، منهم 43.500 شاب يعملون في قطاع غزة بأجر شهري لا يتجاوز 611 شيكلا.

نسبه الذين يستخدمون الإنترنت من الشباب تصل إلى 86% وهذا رقم ممتاز آخر، بواقع 90% في الضفة و79% في قطاع غزة، ونسبة من يستخدمون وسائل الاتصال الاجتماعي تصل إلى 94% ممن يستعملون الإنترنت.

دول واقتصادات العالم تحسد كل من لديه هذه النسبة العالية من الشباب في سن العمل المنتج، فغالبية مجتمعات أوروبا والدول الصناعية تعاني الشيخوخة، لكن قوتنا العاملة الشابة محاصرة بالبطالة الخانقة والاحتلال ونظام التمييز العنصري، وفي حين نرى رؤساء حكومات ووزراء في دول العالم في العشرينيات والثلاثينيات من عمرهم، فإن شباب فلسطين يعانون انغلاق الأفق القيادي والسياسي أمامهم لغياب الانتخابات العامة بكل أشكالها، ولانسداد أفق التنمية والتطور السياسي في نظام أصبح يعاني الركود السياسي التام، مما أفقد نسبة كبيرة من الشباب الثقة بالقوى والأحزاب السياسية ويؤدي إلى انكفائهم عن المشاركة السياسية والكفاحية، وهذا أمر خطير في ظل تعاظم التحديات التي تواجه شعبنا من احتلال، واضطهاد، ونظام تمييز وفصل عنصري، وصفقة قرن خطيرة.

ولن تكون للشباب فرص حقيقية للتطور ما لم يتم القضاء على كل أشكال المحسوبية والواسطة، والزبائنية السياسية، وما لم يسد مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون.

مستقبل فلسطين كله يعتمد على مستقبل الشباب والشابات، ولا فرصة لأي برنامج أو خطة، سياسية أو اقتصادية، لا تضع الشباب في مقدمة أولوياتها.

* الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية