فشل مؤخراً لقاح آخر لفيروس نقص المناعة البشرية كان يبدو واعدا في التجارب السريرية، وقد صرح أنتوني فوسي، رئيس المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية التابع للمعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة، الذي كان يدير التجربة، بأن اللقاح "ضروري لإنهاء الجائحة العالمية"، ولكن في حين كان الفشل الأخير مخيبا للآمال، فلا ينبغي أن يكون مفاجئا.

لكي نفهم السبب، من المفيد أن نعود إلى البداية، قبل ما يزيد قليلا على 12 سنة، جرى إيقاف دراستين تناولتا لقاحا مرشحا يعرف باسم MRK-Ad5. كان الفشل شاملا: فقد وجدت الدراستان- الدراسة الأولى STEP (التي شملت رجالا ونساء في الأميركتين ومنطقة الكاريبي وأستراليا) والدراسة الثانية Phambili (التي شملت رجالا ونساء في جنوب إفريقيا)- أن اللقاح MRK-Ad5 فشل في حماية الخاضعين للدراسة من عدوى فيروس نقص المناعة البشرية. الأسوأ من هذا، ظهر دليل يشير إلى أنه ربما تسبب في زيادة احتمالات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، الفيروس المسبب لمرض الإيدز.

Ad

ولكن في العام التالي، ارتفعت الآمال مرة أخرى، حيث بدا أن تجربة سريرية أخرى- عرفت باسم RV 144- تظهر نتائج إيجابية متواضعة في تايلند، ومع ذلك فإن الاستنتاج بأن اللقاح ناجح كان مبنيا على تحليل إحصائي ملتبس إلى حد ما.

في الواقع، من بين 125 مشاركا في التجربة (سلبيين لاختبار فيروس نقص المناعة البشرية في البداية) الذين أصبحوا حاملين لعدوى الفيروس (من إجمالي 16402)، تلقى 74 الدواء الوهمي وتلقى 51 اللقاح. هذا يمثل معدل فعالية يبلغ 31.2%، وهي نقطة انطلاق جيدة، لكنها لا تقترب حتى من المستوى اللازم للتصدي لتحدي الصحة العامة بحجم وباء فيروس نقص المناعة البشرية في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا.

تشير نظرة فاحصة إلى النتائج إلى أنها أضعف حتى مما قد تبدو عليه، فكما لاحظ رونالد ديسروسيرز، الأستاذ السابق في كلية الطب بجامعة هارفرد، في عام 2017، فإن منحنى اكتساب فيروس نقص المناعة البشرية بين المنتمين إلى مجموعة الدواء الوهمي غير خطي، مع زيادة مفاجئة في الاكتساب بين متلقي الدواء الوهمي خلال السنة الأولى من التجربة. الواقع أن هذه الزيادة "الشاذة" تمثل "معظم أو كل الاختلاف في معدل الاكتساب" مقارنة بمتلقي اللقاح، بعبارة أخرى، حقيقة أن عددا أكبر من متلقي الدواء الوهمي أصيبوا بعدوى فيروس نقص المناعة البشرية لا علاقة له بكونهم أقل حماية من أولئك الذي تلقوا اللقاح.

علاوة على ذلك، كما زعم ديسروسيرز، إذا كان للقاح تأثير وقائي، فإن الأحمال الفيروسية بين الأفراد المطعمين الذين أصيبوا بالعدوى كانت ستصبح أقل من نظرائهم غير المطعمين، لكن هذه لم تكن الحال. مع ذلك، اعتبر بعض الباحثين النتائج واعدة بالقدر الكافي للمضي قدما في تجربة جنوب إفريقيا الأخيرة، HVTN 702، التي اختبرت لقاحا مرشحا استنادا إلى اللقاح المرشح RV 144، لكنها تكيفت مع سلالة فيروس نقص المناعة البشرية الأكثر بروزا في جنوب إفريقيا، وبعد ثمانية عشر شهرا، أصيب 129 شخصا من أصل 5400 مشارك تلقوا اللقاح بعدوى الفيروس، مقارنة بــ123 من أولئك الذين تلقوا الدواء الوهمي. كانت هذه النتيجة ضربة قوية تلقاها الملايين من الأفارقة الذين تعلقوا بأهداب الأمل في أن يكون الباحثون اقتربوا أخيرا من الوصول إلى الحل الذي طال انتظاره لوباء الإيدز، لكن نتائج تجربة تايلند لم تكن قَـط قوية بالقدر الكافي لتبرير مثل هذه التجربة السريرية الضخمة، والمكلفة. هذا لا يعني أن نتائج التجارب لابد أن تكون إيجابية بشكل ساحق لتستحق المزيد من الدراسة، لكن كما يؤكد ديسروسيرز أيضا، فإن إنفاق مئات الملايين من الدولارات لتصنيع واختبار منتجات في ظل قدر ضئيل من الأمل في كفاءتها هو إهدار للموارد في أفضل تقدير، والمزيد من الأبحاث الأساسية وما قبل السريرية الشاملة من شأنه أن يساعد في تمكين العلماء من تحديد الأساليب التي تنطوي على فرصة أفضل لتحقيق النجاح.

في حالة RV 144، كانت تجربة وسيطة أصغر حجما لتمكن الباحثين من تحديد ما إذا كان الأمر يستحق الاستثمار في تجربة أخرى أوسع نطاقا، بتكلفة أقل كثيرا، وكان من الممكن توجيه الأموال المتبقية نحو استراتيجيات أخرى للتخفيف من تأثيرات فيروس نقص المناعة البشرية-الإيدز، بما في ذلك البحوث الأساسية.

الواقع أن فوسي كان محقا: فاللقاح ضروري لإنهاء وباء فيروس نقص المناعة البشرية في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا وخارجها، لكنه حل طويل الأمد، ونحن لا نملك بعد المعرفة اللازمة لتبرير التجارب السريرية الباهظة التكلفة الواسعة النطاق، وفي هذه المرحلة تُـعَـد التجارب البشرية على نطاق صغير، والتي يمكن توسيع نطاقها بمجرد إثبات نجاحها بشكل مقنع، أكثر ملاءمة ببساطة.

في الوقت ذاته يحتاج الأشخاص المعرضون لخطر الإصابة بالعدوى أو المصابون بالفعل إلى أنواع أخرى من الدعم، من التثقيف إلى العلاج، وبقدر ما قد تبدو مثيرة، فإن الأفكار غير الواقعية- أو حتى التخمينات "الذكية"- ليست سببا كافيا للتضحية بصحة الناس ورفاهيتهم اليوم.

* خبير الأمراض الفيروسية الطبي والمدير التنفيذي لبرنامج شبكة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا للتميز البحثي في مجال مرض السل وفيروس نقص المناعة البشرية في معهد إفريقيا

للبحوث الصحية.

«دينيس تشوبرا*»