من يدرس شخصية المواطن الكويتي لا يشك لحظة في أنه رضع شخصيا من "عين عذاري"، تلك العين التي تسقي البعيد وتترك القريب، ربما لو فحصنا الجينات الكويتية لوجدنا في تلافيف الـ"دي إن إيه" الطويلة شيفرة معينة توضح صفات التشابه بيننا وبين هذه العين الشهيرة!

كل من يشاهد أداء المواطن الكويتي في مواقع التواصل سيجده ألمعيا في القضايا الخارجية، ولا يشق له غبار فكرا وتحليلا بصورة مميزة يفوق بها أقرانه في المحيط العربي، مواطن نِحرير يعرف بئر القضايا الخارجية وغطاها، ويكتشف الداء بثانية ويصف الدواء بفمتوثانية، وفي قول آخر مرجوح بلمح البصر، يعجبك أداؤه، وتتعجب كيف ينصف أهل كندا الأصليين، ويطالب بحقهم من البيض المستعمرين، وكيف يداوي جروح صيادي القرن الإفريقي، ويلح لإصدار قانون بيئي يحمي مواطن صيدهم وسمكهم العزيز من تلوث البواخر النفطية والقراصنة.

Ad

ترى كل ما سبق فتجد نفسك مضطرا للتصفيق له معجباً بمعالجته لكل بعيد عنه بمراحل ضوئية، ولكن بعد التصفيق سيصفق الإعجاب الباب في وجهك مع أول قضية داخلية، وسترى الضوء يختبئ خلف أفق الغروب، وستفقد السراج عندما ينكسر مكرهاً لا بطلاً لكي يصبح الوضع "خِرمساً" وأنت ترى المواطن ذاته بخيلا بالدواء على أقرب الناس له كالبدون الذين ترقد قضيتهم على رصيف إنصافه منذ ٥٠ عاما، وكإخوانه في المواطنة الذين يجمعهم معه دستور ويختلفون عنه فقط في المذهب والعرق وموطن الهجرة!

مواطن كهذا هو من أرضعته عين عذاري من حليبها، فورث صفاتها وأصبحت عنصريته متعالية مزمجرة عند سماع صوت حق جاره في المواطنة عبدالله أو غلام أو مطلق المختلفين عنه ثقافة، وأمست عينه مغمضة تقية لا تقوى لكي لا يرى تأوهات أحمد البدون الذي يختلف عنه بورقة فقط، ويجمعهما أرق إنساني واحد كان سببه ليل الجحود الطويل.

إنه مواطن يصم آذانه ويغلق عينيه في الحالات السابقة ويثور تغريده الصداح مع قضايا الخارج من ماوري نيوزلاندا حتى أنكا البيرو مروراً بقطط باريس!

هذه الحقيقة ولا غرابة بهذا، فمادامت متلازمة عين عذاري هي المرضعة وسيدة الموقف الإنساني هنا فستكون النتيجة عين عوراء تمثل تناقضا ستحار معه كل مناهج علم النفس والاجتماع، ولن تجد تفسيرا له قط!