في مرحلة تبدو انتقالية بين الانتخابات العراقية، التي دعي إليها في يونيو 2021 والانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في 3 نوفمبر، يزور رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، الولايات المتحدة، الخميس بعد المقبل، حاملاً ملفات «دسمة» لكن بيدين مقيدتين مثله مثل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يخوض معركة قاسية للفوز بولاية ثانية.

وأعلن الكاظمي، أمس، أنه سيلتقي ترامب في العشرين من أغسطس الحالي بواشنطن، لبحث العلاقات الثنائية وقضايا التعاون المشترك في مجالات الأمن والطاقة والصحة والاقتصاد والاستثمار، وسبل تعزيزها، بالإضافة الى ملف التصدي لوباء كورونا.

Ad

وفي وقت سابق، أوضح البيت الأبيض أن ترامب سيبحث مع الكاظمي مجالات الأمن والطاقة والصحة باعتبارهما «شريكين مقربين، يتطلعان إلى توسيع العلاقات بينهما».

وجاء الإعلان عن الزيارة، التي تعد ثاني زيارة خارجية للكاظمي بعد زيارته إيران الشهر الماضي وذلك اثر تأجيله زيارة مهمة الى السعودية بسبب خضوع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز لعملية جراحية مفاجئة، وسط رهانات وتوقعات متضاربة حول «الحوار الاستراتيجي» الذي انطلق بين واشنطن وبغداد في يونيو الماضي، ويتضمن محورين رئيسيين الأول أمني يتعلق بمستقبل الجنود الأميركيين المنتشرين في العراق في ظل الضغوط، التي تقوم بها الأحزاب والفصائل الموالية لطهران لإخراجهم، والثاني اقتصادي يتعلق بمدى استعداد واشنطن لدعم العراق وتمكينه اقتصاديا ليتمكن من التحرر من ارتباطه بطهران وبناء دور إقليمي مستقل.

وتشير أجندة زيارة الكاظمي إلى أنه سيبحث التوتر الحاصل بين واشنطن وطهران، فضلاً عن سبل تقديم الدعم للعراق في مجالات الطاقة والاقتصاد، ودعم الانتخابات المبكرة التي يأمل البعض أن تحدث تغيرا ملموسا عبر صعود أنصار «الحراك الشعبي» الذي انطلق في أكتوبر الماضي رفضا لفساد الطبقة السياسية التي تهيمن عليها أحزاب وفصائل موالية لإيران وأطاح بحكومة عادل عبدالمهدي.

ويبدو أن ملف القوات الأميركية سيكون شائكاً، وقد يواجه الكاظمي صعوبة في إيجاد حل وسط، حيث أبلغ مصدر مطلع «الجريدة» أن قائد «فيلق القدس» الإيراني إسماعيل قآني أبلغ الكاظمي، في لقاء مغلق، أن طهران لن تساعد في نزع سلاح الفصائل والميليشيات العراقية الموالية لها، ولن تسحب الدعم لها الا بعد إخراج القوات الأميركية. وبلهجة اعتبرها البعض في بغداد استفزازية، قال المرشد الإيراني علي خامنئي، للكاظمي خلال زيارته، إن بلاده «تتوقع أن تتم متابعة قرار الحكومة والشعب والبرلمان العراقي إخراج الأميركيين، لأن وجودهم يسبب انعدام الأمن». ورأى القيادي في «جبهة الإنقاذ والتنمية»، أثيل النجيفي، أن دعوة الكاظمي، التي تأتي بعد توليه منصبه في مايو الماضي، تعني وجود تغير في السياسة الأميركية تجاه العراق، وأن «هناك تعاوناً في الأفق سيبدأ قريباً».

ورجح المحلل نجم القصاب أن تؤدي الزيارة إلى رسم خريطة علاقات واضحة بين الولايات المتحدة والعراق، للسنوات المقبلة، سواء بقي ترامب في منصبه أو رحل.

ولفت القصاب إلى أن «الكاظمي سيجري تفاهمات بشأن مسألة بقاء القواعد الأميركية في العراق، ولابد من مراعاة تصويت البرلمان على إخراج تلك القوات»، لافتاً إلى أن «الكاظمي أوفى بوعده فيما يتعلق بحيادية القرار العراقي، وعدم انخراطه في سياسة المحاور».

لكن المراقبين يستبعدون أن يطلب الكاظمي من واشنطن الخروج عسكرياً من العراق لتصبح الحكومة الضعيفة أسيرة الميليشيات. ويرى البعض أن الكاظمي لن يتمكن من فعل الكثير في هذا الملف وقد يرحله الى الحكومة المقبلة التي ستنبثق عن انتخابات يونيو، وهكذا تكون الأمور اتضخت في واشنطن بعد 3 نوفمبر.